واقع مشاركة المرأة الصومالية في العمل السياسي
الصومال الجديد
آخر تحديث: 21/03/2016
المجتمع الصومالي من المجتمعات التقليدية، ووفقا للمورث الثقافي فان المرأة لا تتمتع بكامل حقوقها الإقتصادية والإجتماعية ناهيك عن الحقوق السياسية، فالمرأة لاتحصل نصيبها من ميراث والدها في كثير من المناطق الصومالية، فاذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن ان تحصل على حقوقها السياسية في مجتمع قبلي ذكوري توارث عبر الأجيال إقصاء المرأة وتهميشها وابعادها من دوائر صنع القرار منذ زمن بعيد.
فالمرأة الصومالية شريكة الرجل في إدراة دفة الحياة اليومية منذ الأزمن الغابرة، فقد أثبتت جدارتها وقدرتها على مواجهة الحياة العملية، وإعالة الأسرة وحمايتها من التفكك والضياع أثناء الحرب الأهلية بعد أن عجز كثير من الرجال عن القوامة بسسب الحروب والبطالة المتفشية في البلاد، ومع ذلك تعرضت ولا تزال تتعرض لإقصاء سياسي ممنهج وتقزيم دورها، لاسيما وان اختيار أعضاء مجلسي النواب والوزراء تتم على اسس المحاصصة القبلية المعروفة بنظام 4.5، فالقبيلة لا يمكن ان ترشح إمرأة من القبيلة لمنصب سياسي قد تكون متزوجة من رجل ينحدر من قبيلة مغايرة، فزعيم العشيرة يتحتم عليه تقديم الرجل على المرأة حسب العادات المتبعة هنا، ولذا تتضاءل الفرصة أمام الرغبات في الانخراط في العمل السياسي، ومن الصعوبة بمكان كذلك ان يتنازل رجل من العشيرة بامتيازاته تلك لامرأة قد لا تتحق طموحات وأحلام القبيلة.
وعلى الرغم من أن حق المشاركة السياسية من الحقوق الآساسية التي يكفلها الدستور لكل المواطنين ممن تتوفر فيهم الشروط الخاصة بالمشاركة، بغض النظر عن جنسهم وانتماءاتهم القبلية والجهوية والسياسية، الا ان تحويل تلك الحقوق المنصوص عليها في الدستور الى حقائق ملموسة على الأرض تتطلب تجاوز الحواجز التي صنعتها التقاليد والأعراف ومن ثم معالجة ترسباتها وآثارها، وهي بدورها تتطلب توافر الجهود من صناع القرار وزعماء العشائر.
ثمة جهود مبذولة في تحسين الصورة وواقع المشاركة من خلال الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة في فترة رئاسة حسن شيخ محمود،حيث تولت المرأة الصومالية ولأول مرة في تاريخ البلاد منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إضافة الي وزارة الخدمة الإجتماعية والتي كانت تضم مجموعة من الوزارات المهمة في حكومة السيد/عبد فارح شردون المصغرة ولم يتجاوز عدد وزرائها عشرة وزراء من بينهم سيدتان، ولا تزال المرأة تشغل وزارات مهمة في الحكومة الحالية هي وزارات الصحة والتربية والتعليم العالي والمرأة وحقوق الإنسان التي تشغلها السيدات/ حواء حسن محمد والأستاذة خضراء بشير علي، وزهراء محمد علىي سمتر، كما يوجد نساء في المناصب الإدارية العليا في الدولة، وانخرطن أخريات في السلك الدبلوماسي نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر السيدة/فاطمة عبد الله إنسانية سفيرة الدولة لدى جنيف ومندوبة الصومال الدائم في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما تترأس سيدات عددا من اللجان الوطنية المستقلة مثل لجنة مراجعة الدستور واللجنة القومية للإنتخابات وغيرها.
واقع المشاركة السياسية للمرأة الصومالية مختلف الآن على ماكان عليه قبل عقد من الزمن، فقد أحرزت المرأة الصومالية تقدما ملموسا خلال السنوات الماضية وحققت مكاسب سياسية تكون بمثابة قاعدة انطلاق كبرى نحو استرداد الحقوق السياسية والي مشاركة أوسع ليس على مستوى المجالس التشريعية والتنفيذية بل في كل الدوائر الحكومية، ويرى بعض الناشطات في مجال حقوق المرأة أن وجود ثلاثة وزيرات في الحكومة الحالية أمر ايجابي لكنه غير مقنع في نفس الوقت،وأنه لا بد من توسيع دائرة المشاركة السياسية.
من جانبها الحكومة الصومالية توكد التزامها الكامل بسياستها الرامية الى تخصيص 30%من مقاعد البرلمان القادم للنساء،حسب ماجاء في مقررات مخرجات منتدى التشاور الوطني الا أنها فيما يبدو غير قادرة على إقناع القبائل بالالتزام بهذا القرار.
وكيفما كان الأمر فان واقع مشاركة المرأة الصومالية في العمل السياسي حتما سيتغير في المستقبل القريب وسيحصلن على حصة أكبر في مقاعد البرلمان وإن لم يصل الي 30% المقرر لهن، هذا ما تذهب اليه كل التحليلات.