خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الصومال الجديد

آخر تحديث: 23/02/2021

[supsystic-social-sharing id="1"]

ألقى السيد سعيد دني رئيس ولاية بونتلاند Jخطابا مطوّلا، حول الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد، بما فيها الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة مقديشو نهاية الأسبوع الماضي.

تحدّث الرئيس دني عن كثير من المستور خلف الأروقة السياسية، كاشفا عن أسرار خطيرة حول ما يدور في خلد الرئيس فرماجو إزاء المستقبل السياسي للبلاد.

ذكر الرئيس دني في خطابه عدّة نقاط أساسية تحدّد موقف الرئيس المنتهية ولايته من العملية السياسية الصومالية والانتقال السلمي للسلطة فيها.

أفاد السيد دني بأنّه عند وصوله إلى سدّة الحكم في بونتلاند، بذل أقصى جهده لتقريب وجهات النظر السياسية المختلفة، فاستضاف في جروي عشية تنصيبه رئيسا لبونتلاند جميع القوى السياسية الصومالية التي عبّرت عن مواقفها بكلّ أريحية، غير أن الرئيس فرماجو أحبط الحضور باختياره طريقا غير طريق الحوار والتنازل، مما أبعد الحلّ والوصول إلى توافق سياسي حول إدارة البلاد.

وفيما يتعلّق بالمحاولات الإصلاحية الأخرى فقد ذكر السيد دني أن مؤتمر طوسمريب 2، كان أول اجتماع مباشر يجمع بين الرئيس فرماجو ورئيسي بونتلاند وجوبالاند، عقب فشل مؤتمر جروي في مايو 2019م.

وقال دني متحدّثا عما دار في هذا المؤتمر: “طلبت من الرئيس أحمد مذوبي (رئيس جوبالاند) أن يتنازل عن جميع مطالبه السابقة وفتح صفحة جديدة من الودّ والسلام مع الرئيس فرماجو (الحكومة الفيدرالية)، لنهتم بالحديث عن كيفية إجراء الانتخابات القادمة بدل إضاعة الوقت في المحاسبة على الأخطاء السابقة والتي عفا عليها الزمن، وهو ما رحّب به أحمد مذوبي على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة به، بيّنا للرئيس فرماجو أننا سنتعاون معه بكل صدق وإخلاص بل أخبرناه بأنه سنساعده أيضا بالانطلاق على ما ستمليه عليهما صلة القرابة القبلية معه في كيفية الانتقال من المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، ولسوء الحظ، لم يتجاوب الرئيس مع جهودنا إذ إنه وضع علامة استفهام على ما تم الاتفاق عليه بدل الترحيب بما عرضنا عليه من تنازل ومصالحة، بل تحدّث في خطابه عن أمور لم تكن هناك، وختم خطابه وهو يتصنع الضحك والابتسامة ويضمر الغضب والحنق أنّه سيردّ مخرجات المؤتمر إلى البرلمان الفيدرالي ليقول القول الفصل فيه.

أما رئيس الوزراء السابق الّذي كان يومها رئيسا للوزراء فقد كان يحمل الاتفاق على محمل الجد ووافق عليه، حيث ظهر ذلك على خطابه أثناء اختتام المؤتمر والّذي كان عبارة عن خطاب تصالحي وفتح صفحة جديدة، لكن عودة الرئيس فرماجو إلى البرلمان أسفرت عن سحب الثقة من رئيس الوزراء في أقل من 7 دقائق بطريقة غير قانونية ودستورية، تلاه مرسوم رئاسي يعين نائب رئيس الوزراء كقائم بأعمال رئيس الوزراء وهو أمر مخالف للدستور بيّنته بونتلاند في حينه… وقد كان ردّ فعل المجتمع الدولي قويا على هذه الخطوة، غير أنه ليس المخوّل بالحفاظ على دستور البلاد، إذ إن ذلك مهمة داخلية تخص أهل البلاد من مسؤوليها وشعبها ومثقفيها، وإذا لم تقم هذه الفئات بواجبها فمن الطبيعي أن يتعامل المجتمع الدولي مع أمر الواقع، وهو ما حدث فعلا في هذه القضية. بعد انتهاء مؤتمر طوسمريب2 بهذه الطريقة دعا الرئيس فرماجو في الشهر التالي إلى مؤتمر طوسمريب3، لكننا لم نشارك في هذا المؤتمر، وطالبنا بضمانات قوية تضمن تنفيذ مخرجاته، وكان على رأس هذه الضمانات تعيين رئيس وزراء جديد وتشكيل الحكومة المسؤولة عن تنفيذ مقررات المؤتمر لكن ذلك لم يتحقق بسبب فشل المجتمع الدولي في إقناع فرماجو على هذا الاقتراح، وبالتالي قرّرنا عدم المشاركة في مؤتمر ندرك أن نتائجه تكون مثل نتائج المؤتمر السابق… بعد هذه الأحداث طالب فرماجو أن نلتقي نحن الثلاثة (دني، مذوبي، وفرماجو) في بونتلاند، والجدير بالذكر أن هذه الحكومة تستخدم بشدّة أكثر النقاط ضعفا في المجتمع الصومالي وهو الضرب بوتر القبلية، حيثما تلجأ إلى ذلك مرارا وتكرارا، ولذا فقد رفضنا هذا الطلب، لئلا تبدو القضية قضية بين أبناء عشيرة واحدة وهو أمر عام يخص الأمة الصومالية، فارتأينا أنه من الأفضل أن لا نصور القضية على أنّها جلسة عائلية يقرر فيها 3 من مسؤولي قبيلة الدارود مصير الأمة الصومالية بأكملها! وإنه لمن سوء الحظ بعد 30 عاما من الدمار أن يكون هناك مسؤول صومالي لا يزال يضرب بوتر القبلية ويدقّ طبولها! ولإزالة جميع الاحتمالات والشكوك السيئة، طالبنا أن يكون اجتماعنا في مقديشو وفي مكان عام وبحضور الأطراف الصومالية الأخرى… وبعد شدّ وجذب وصلنا إلى مقديشو التي استقبلنا فيها بحفاوة بالغة، والجدير بالذكر أن رفض الرئيس الدائم لعقد المؤتمرات التشاورية في مقديشو سببه أن مقديشو يتواجد فيها جميع الأطياف السياسية في البلاد، وهو ما لا يريده فرماجو، وهنا أعاد فرماجو طلبه المتعلّق باجتماع ثلاثي مغلق وأعلن ذلك على حسابه في تويتر، فقاطعنا ذلك، وبدلا من ذلك أجرينا لقاءات واجتماعات مع القوى السياسية المختلفة في مقديشو ومندوبي المجتمع الدولي المعنيين بالقضية الصومالية، مما مثّل ورقة ضغط عليه دفعته نحو دعوة بقية رؤساء الولايات الإقليمية الأخرى للمشاركة في هذا المؤتمر، غير أن هذه اللقاءات والاجتماعات لم تسرّه، بل صرّح علانية عدم رضاه بهذه الخطوة، عندما سألنا عن أسباب لقائنا مع هذه القوى، فذكرنا أنه من غير المناسب أن نأتي العاصمة مقديشو التي فيها جميع شرائح المجتمع الصومالي ومقرّات السفارات الأجنبية، إلى جانب كونها وفق العرف القبلي المقر الرئيسي لقبائل الهوية،دون أن نلتقي بهم، فقال لنا الرئيس فرماجو: “إن الّذين ذكرتهم هم مجرّد أصوات لا تأثير لها ولدينا قوّة عسكرية ليس هناك من يستطيع الوقوف في وجهها!”.

وفيما يتعلّق بانتهاء الفترة الدّستورية للرئيس فرماجو، يقول دني “ذكّرت الرئيس فرماجو أن الـ 8/فبراير/2021م، قد اقترب، ولا بدّ من إيجاد صيغة لإدارة المرحلة الانتقالية كإصدار قرار رئاسي يماثل القرار الرئاسي الّذي أصدره حسن شيخ عند انتهاء فترته الرئاسية، غير أن ردّ الرئيس فرماجو أظهر أنه ليس في حسبانه ما يقال الـ 8/فبراير وانتهاء فترته الدستورية، إذ بادرنا بسؤال مفاده: ما الّذي يحدث في الـ8/فبراير/2021م؟ وتابع قائلا، ليس هناك شيء اسمه الـ8/فبراير/2021م، إذ إن الدستور يمنحه الصلاحية بإدارة البلاد، كما يمنح البرلمان بذلك. وبعد أيام من الـ 8/فبراير/2021م، اتصل بي قائلا: ما الّذي حدث؟ فقلت له: لاشيء، لكن ربما أبناء الهوية في غفوة فيصحون على حين غفلة ويتسلقون عليك بجدران القصر الرئاسي، ثم اتصل بي بعد أحداث الـ 19/فبراير/2021م، وقال لي: قلت سابقا ربما يتسلق أبناء قبائل الهوية على الجدران، فهل حدث شيئ مما ذكرت، قلت له: لا، ولم أكن أعرف هذه القوات المزوّدة بالدبابات”. وتابع السيد دني حديثه متحدّثا عن قوات غورغوروهرمعد قائلا: “هذه القوات –حسب ماانتهي إليه علمي- خاضوا حروبا في 3 مناطق فقط هي: غلمذغ (طوسمريب)، غيذو، وميدان الجندي المجهول في مقديشو، ولم يخوضوا حربا واحدا ضد حركة الشباب، على الرغم من تعذّر الوصول إلى مناطق في مقديشو مثل هيروا، كما أن الطريق بين مقديشو وأفغويي مغلق… وعندما سألته عن أسباب إطلاق النار على المظاهرات السلمية التي كان يقودها رئيس وزرائه السابق وهو يرفع العلم الوطني، قال لي بالحرف الواحد: “سيتم اتّخاذ إجراءات صارمة إزاء كلّ من خالف القانون”!

أوضح الرئيس دني أن فرماجو يخطّط للبقاء في السلطة لفترات طويلة بطرق غير قانونية أو دستورية، مشيرا إلى أنّه يلجأ إلى عدّة أساليب خبيثة لتحقيق غرضه، أطلعها عليه سرّا أو لاحظها هو بنفسه خلال فترة عمله مع الرئيس فرماجو، وفي مقدّمة هذه الأساليب الضرب بوتر القبلية 

وفيما يتعلّق بحقيقة التنازلات التي ذكر  الرئيس فرماجو أنه قدّمها خلال المؤتمرات من أجل تغليب المصلحة العامة للبلاد، ذكر الرئيس دني أن “فرماجو لم يكن يقوم بالتنازلات التي ذكرها، من أجل مصلحة البلاد، وإنما كان يقوم بهذه التنازلات عندما لا يكون هناك خيار آخر غير التنازل والتراجع، حيث إنه كان يتمسك أولا بمواقف من الصعب تنفيذها وتنتهي بطرق مسدودة، حينها كان يعلن التنازل، وهذا ليس تنازلا، وإنما هو رضوخ للأمر الواقع، ولو كان حقّا يتنازل لمصلحة البلاد، لكان قد تنازل عندما طالبنا بتعيين رئيس الوزراء الجديد الّذي يكون خلفا لرئيس الوزراء السابق الّذي أُقيل بطريقة غير دستورية، أو كان لم يكن يشترط على عقد مؤتمر طوسمريب4 تقديم أسماء ممثلينا في اللجان المنظمة للانتخابات”.

ذكر الرئيس دني أن فشل مؤتمر طوسمريب4 يرجع إلى عناد الرئيس فرماجو وتمسكه بموقفه إزاء قضية غيذو، التي ذكر أنه بذل جهدا جبارا لتسويتها غير أن فرماجو رفض جميع الاقتراحات المقدّمة لحلها، ومن بينها تشكيل لجنة من سكان المنطقة ليختاروا عمدة جديدة لمدينة غربهاري كحلّ أوّلي، ومن ثم المصادقة عليه من قبل إدارة جوبالاند، وعلى الرغم من استحسانه لهذا الاقتراح في البداية، إلاّ أنّه أصرّ لاحقا على أن تكون غربهاري تحت إدارته مما عجّل بفشل المؤتمر!

أفاد الرئيس دني بأن الأوضاع في البلاد خطيرة، وأنها متجهة نحو الأسوأ ما لم تتكاتف الجهات المحلية والإقليمية والدّولية من أجل إنقاذ البلاد، وأن الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة مقديشو العاصمة في الـ 19/فبراير/2021م، لمؤشّر خطير يهدّد بوحدة البلاد واستقرارها، وينذر بمزيد من التفكّك والانقسام.

وبنبرة يائسة إزاء الأوضاع في البلاد، دعا دني أهل بونتلاند إدارة وشعبا إلى تعزيز وحدة بونتلاند والحفاظ على تماسكها، وعدم التأثّر بالأوضاع المتقلبة في بقية أجزاء البلاد، بل دعا إليهم السعي إلى المشاركة في إيجاد حلّ لإنهائها.

إنّ خطاب دني وما جاء فيه من أسرار ومواقف خطيرة، إن ثبتب صحّتها، لتنبئ بأن البلاد تتجه نحو مصير مجهول مما يحتّم على ذوي الرأي من أبناء الشعب الوقوف من أجل إنقاذ البلاد من الخطر المحدق بها.

وهنا استشعر السفير التركي السابق لدى الصومال خطورة ما كشف عنه الرئيس دني حيث قال في تغريدة له على حسابه في تويتر: “إنه يجب على المجتمع الدّولي أن يعتبر خطاب دني بمثابة دعوة أو صيحة تنبيهية. إنّ إفريقيا ليست بحاجة إلى نظام ديكتاتوري آخر أو الانزلاق في حروب أهلية دموية، يجب على المجتمع الدولي التحرك سريعا قبل فوات الأوان”.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال