المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

الصومال الجديد

آخر تحديث: 25/12/2021

[supsystic-social-sharing id="1"]

في البداية، يُسعدنا أن نزور المرشح للرئاسة الصومالية الشيخ عبدالقادر البغدادي بمنزله،  ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذه المقابلة.

سيدي المرشح، في مستهل حديثنا، مرحبا بك في مؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية.

شكرا لكم.

أولا: أعطنا نبذة موجزة عن سيرتك الذاتية، ليتعرف القارئ على “من هو المرشح عبدالقادر البغدادي؟”

شكرا جزيلا لكم، أنا من مواليد مدينة “غالكعيو” عام 1980م انتقلت منها وأنا صغير إلى العاصمة مقديشو وختمت فيها حفظي للقرآن الكريم، فسقطت الحكومة الصومالية وأنا في المدرسة، وكنت ارتاد أيضا حلقات العلم فتعمقت في تعلم كتب الدين والشريعة وعلوم الآلة، ومن مشايخي، الشيخ محمود علي وعيس الذي أخذت عنه ما يقارب 12 فنا من فنون العلم.

بعد ذلك سافرت إلى العراق التي أرسلني إليها الشيخ الوالد والتحقت بكلية الآداب قسم اللغة العربية مشترك مع كلية التربية، قسم اللغة العربية، فنلت بذلك شهادتي بكالوريوس بتخصص واحد لكن في كليتين مختلفتين كانت بينهما مواد مشتركة، وفي نفس الوقت سجلت ما يسمى بالفكر الإسلامي قسم الدعوة والعقيدة بنصيحة من الوالد، ثم عدت إلى الصومال وانضممت إلى حكومة الرئيس الصومالي الراحل عبد الله يوسف أحمد التي كان مقرها في مدينة “جوهر”.

عملت في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وأصحبت عضوا في البرلمان الصومالي في 2009 وانضممت إلى كل من لجنة العدل ولجنة المواصلات في البرلمان، وفي عام 2011م عينت نائب وزير التعليم، ثم  صرت رئيس لجنة شئون البرلمان  وبعد سنتين أصبحت وزير الأوقاف الشؤون الدينية، ثم انتقلت إلى منصب وزير الدولة للرئاسة فبقيت فيها سنتين، وفي نهاية المطاف قررت أن أترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

سيدي، باعتبارك مطلعا على السياسة الصومالية منذ فترة طويلة، متقلدا مناصب عديدة في ظروف ومراحل مختلفة مرت بها الصومال، كيف تقيّمون الأوضاع السياسية والأمنية الآن في البلاد؟

أخي، الأوضاع السياسية والأمنية في الصومال اليوم على حافة الهاوية، أو في أحسن الأحوال هي في مفترق طرق،  من الممكن حدوث احتمالين، أحدهما أن تدخل البلاد في حرب أهلية أو الانهيار السياسي، حتى تضيع سيادتها وتكون تحت وصاية الأمم المتحدة، فتُدار تحت الفصل السابع أو تسيطر عليها بأكملها حركة الشباب بعد انسحاب المجتمع الدولي منها على غرار ما حدث في أفغانستان، لقد مضى على دخول بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال “أميصوم” إلى البلاد بضعة عشر عاما، وكان الوضع الأمني يوم مجيئها أفضل حيث كان بمقدوري وأنا عضو في الحكومة أو وكيل وزارة أن أسافر من بيدوا إلى وسط وجنوب الصومال فضلا عن بونتلاند وصوماليلاند اللتين تتمتعان بالاستقر النسبي على متن سيارة، لكن هل يمكن لوزير أن يذهب الآن إلى أفجوي (على بعد 30) من العاصمة مقديشو أو حتى إلى مداخل العاصمة.

تعرفون أن هناك نقاشا قائما في أروقة الاتحاد الإفريقي لجعل الصومال تحت وصاية الأمم المتحدة أو انسحاب المجتمع الدولي منها مما يعني سيطرة حركة الشباب ، أما الجانب الآخر، فيتمثل في إجراء انتخابات توصل قيادة جديدة إلى حكم البلاد، لديها رؤية جديدة تستطيع إقناع الصوماليين والمجتمع الدولي بطريقة اجتياز العراقيل الماثلة أمامها، فإذا جاءت قيادة من هذا النوع بعد إجراء الانتخابات فمن الممكن أن يتعافى الوطن، أو الانطلاق من حيث يقف به الآن.

نمر في مرحلة انتقلنا فيها من الدولة الانتقالية إلى الدولة الرسمية ذات القرارات المصيرية الكاملة، تستطيع التوقيع على اتفاقيات ثنائية، هناك الكثير من الفرص للنهوض بالنظام الحكومي، لذا فإذا جاءت دولة جديدة ولها رؤية جديدة وكانت القيادة قيادة جيدة فبإمكانها توصيل البلاد بسهولة إلى مرحلة أفضل مما هي عليه الآن، إذ إن الفرصة التي وجدها فرماجو لم يجدها حسن شيخ، كما أن شيخ شريف لم يجد هو الآخر الفرصة التي وجدها حسن شيخ وهكذا، لذا الفرصة التي كانت متاحة لفرماجو لم يستفد منها،وطالما فشلت القيادة الحالية،  حيث مضى عام على موعد الانتخابات، فعلينا أن نعمل على أن لا تنتكس البلاد، وتسير نحو الاتجاه الخاطئ، المتمثل في الانفلات الأمني والإدارة السياسية السيئة، هذا تقييمي للمرحلة التي نعيشها أو تلك التي نواجهها.

تنبأت بأن البلاد ستواجه سيناريوهين خطيرين، وأشرت إلى أن المخرج من ذلك هو انتخابات تأتي بقيادة جديدة تستطيع إنقاذ البلاد، هل هناك طريقة أخرى تعتقد أنها تنقذ البلاد، إذا واجهت هذه الانتخابات تحديات أو طال أمدها؟

من وجهة نظري، ليست هناك طريقة أخرى لإنقاذ البلاد، غير الانتخابات، إذ إن عدم الذهاب إلى الانتخابات يعني الذهاب إلى الفوضى، لما يعني ذلك من إلغاء أوتوماتيكي لمسيرة بناء الدولة الصومالية وتجربة مجال آخر جديد له مخاطره، وقد تخرج الأمور عن سيطرة الصوماليين، لتتحمل مسؤوليتها أية جهة كانت، ومسؤولية ذلك تقع على عاتق القيادة التي أوصلت البلاد إلى الفشل.

انطلقت الانتخابات النيابية في 3 دوائر انتخابية من البلاد، بينما لم تبدأ 3 ولايات إقليمية هذه الانتخابات، على الرغم من بصيص أمل على انطلاقها، لكن أدت هذه الانتخابات إلى نقاش ونزاع حاد خاصة، حول نزاهة واستقلالية اللجان واتباع الإجراء الانتخابي الصحيح، برأيك كيف ترى مصداقية انتخابات المقاعد البرلمانية التي أجريت حتى الآن؟

فيما يتعلق بمصداقية هذه الانتخابات، قد تكون الإجراءات المتبعة في انتخاب بعض الأعضاء مقبولة بينما تكون الإجراءات المتبعة في انتخاب البعض الآخر خاطئة وغير صحيحة، إلاّ أنني أؤمن إطلاقا بإجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية يفوز بها أعضاء البرلمان، ولم يحدث هذا سابقا، ولذا عند الحديث عن العدالة، لا بد من إنشاء أسس صحيحة تبنى عليها، حينها يمكن القول بأن هذا صحيح أو هذا خطأ، فكنت أشعر في الاجتماع الأول الذي تم الاتفاق فيه على إجراء انتخابات غير مباشرة أن رئيسنا الحالي والولايات الإقليمية ارتضوا إجماعا بتهميش دور القبائل وشيوخ العشائر، لذا فأي انتخابات غير “انتخابات صوت واحد لشخص واحد” لن تكون لها نزاهة، لكن قد تكون متفاوتة في غياب هذه النزاهة، لذا فإني أعتقد أنه ليس من الممكن تحقيق نزاهة في الانتخابات حتي يتم إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد.

يبدو  ظهور خلاف بشأن الانتخابات، وأن بعض المرشحين الرئاسيين أعلنوا سابقا مقاطعتهم الطريقة التي تتم بها العملية، فهل يمكن أو تعتقد أن تتسبب الخلافات الحالية حول الانتخابات في حدوث اشتباكات مسلحة أخرى على غرار ما حدث عند محاولة التمديد الإداري؟

أولا: كل محاولة تؤدي إلى الحرب والصراع تظل محاولة خاطئة في كل الأوقات، لأن المتضرر فيها هو الشعب الّذي لا ناقة له ولا جمل في السياسة، وليس منطقيا أن تفكر جهة، سواء كانت السلطة الحاكمة أو المعارضة، في تحويل هذا الصراع السياسي إلى نزاع مسلح. لذا فإني أدعو أن لا يفكر أحد في هذه المرحلة بخوض صراع مسلح، هذا هو الحل الأمثل، لكن من الإمكان الاتجاه نحو الصراع إذا نفد الصبر أو تأخرت الانتخابات وإن كانت غير نزيهة،فالقضية خطيرة، وينبغي إسراع الانتخابات مع بعض الإصلاحات والترقيعات.

تبنت الصومال النظام الفيدرالي، وأنشئت ولايات أو دول إقليمية كل حسب تعبيره، وخلال السنوات الأربعة الماضية، كان باديا للعيان نزاع حاد بين الحكومة الفيدرالية والحكومات الإقليمية، وكان يصل هذا النزاع بعض المرات إلى درجة الحرب كما حدث في جوبالاند، فما هو السبب أو الإشكالية التي أوصلت خلافات الطرفين إلى مرحلة الحرب؟

هناك 3 أسباب لهذا الأمر، أولا: عدم اكتمال التشريعات والقوانين الدستورية المفصلة لصلاحيات كل من الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية والمنظمة للعلاقات فيما بينهما، أما الأمر الثاني فهو أنه ليس في البلاد جيش مستقل عن السياسة، أما الثالث فغياب محكمة دستورية من شأنها اتخاذ قرارات دستورية، فإذا لم تتوفر هذه الثلاث، فكل شخص يقرأ الدستور على هواه، ويؤوله حسب رأيه ويهيء جيشه بنفسه،  لكن إذا توفرت هذه الثلاث: جيش مستقل عن السياسة ، وتأسيس محكمة دستورية، وإكمال الدستور بوضع التشريعات التي يحتاج إليها والفصل بين السلطات والصلاحيات، لن تكون هناك مشكلة.

لماذا حادت الحكومات السابقة عن إكمال الدستور وبناء محكمة دستورية؟

السبب في ذلك هو أنه ليست لدى القيادة رؤية بعيدة حول الدستور، أنفق أكثر من 50 مليون على مشروع الدستور، ولم يكتمل بعد، ولم يتم اتخاذ خطوة إلى الأمام  بمعنى أن الرئيس أو القائد ليس لديه رؤية أو خبرة إزاء الدستور، إلى جانب عدم التركيز عليه أولا، ثم إن المحكمة الدستورية سلطة إضافية، بينما الدولة الّتي نطمح إليها، هي تلك المطابقة لنظام حكومة سياد بري التي كانت تدار بالمراسيم والقرارات، فدائما هناك أزمة بين البرلمان والرؤساء أو معنى آخر هناك ضجر رئاسي من قرارات البرلمان، لذا فإن كل شخص يتخوف أن يكون هو الضحية إذا جاءت سلطة قضائية أخرى لها القدرة على الفصل في الصلاحيات والسلطات، ولأجل هذه المخاوف يتغاضى كل مسؤول عن إنشاء المحكمة الدستورية وإن كان الأمر قد يمكن إنجازه في أقل من شهر.

كمرشح رئاسي، هل بإمكانك إطلاعنا على شيء من برنامجك الانتخابي؟ وما هي خططك حيال القضايا التي ناقشنها آنفا من إكمال الدستور وإنشاء المحكمة الدستورية وتشغيلها؟

أخي، كنت عضوا في مجلس الوزراء عند وضع الدستور، أيام كان المرحوم حوش وزيرا للدستور، وعند تشكيل اللجان التي ساهمت في كتابة مسودة الدستور، كما كنت عضوا في اللجان المختلفة الأخرى التي ساهمت في تطوير البرنامج في غرووي 1 وغرووي 2، لذا فأنا مطلع على جميع مراحله من البداية وحتى يومنا هذا، إن الشخص إذا كان يعرف عوامل التغيير وأسباب الزلازل الزمنية ومسبباتها، فإن بإمكانه التنبؤ بالتغيير الذي يمكن إحداثه، لذا فإني أعتقد أنه سيتم حل قضية الدستور بطريقة عاجلة ويسيرة، تلك رؤيتي تجاه الدستور، أما  برنامجي الانتخابي فهو محدد، فبادئ ذي بدء لا بد من أن تحصل البلاد على استقرار أمني وسياسي، ثم السعي بعد ذلك إلى حكومة رشيدة تحارب الفساد وسوء الإدارة والظلم، وغير ذلك، فإذا غدت البلاد آمنة ومستقرة وتمت محاربة الفساد وجعلت مؤسسات الدولة فاعلة، فعند ذلك الدولة ستكون صالحة للتنمية، وأومن أن الاستقرار الأمني يتم برفع كفاءة الجيش وتحديد الجهة المعادية، وضمان ثقة الشعب  بقطاعاته المختلفة بالحكومة ليشارك في الحملة الفكرية ضد التطرف  الذي يجب مواجهته فكريا واستخباراتيا وعسكريا، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى المصالحة الداخلية بين القبائل والعشائر وفتح الأحزاب  فتصل البلاد إلى مرحلة انتخابات صوت واحد لشخص واحد، هذا ما أريد القيام به إلى جانب خلق فرص عمل بقدر الإمكان لتحسين معيشة نسبة معينة من أدنى طبقة في المجتمع، وضعت هذا البرنامج وفق الاستراتيجية العامة التي لدي تفاصيلها وخططها الخاصة.

سيدي المرشح، هناك تصريحات منسوبة إليك بثتها وسائل إعلام، تنتقد فيها نظام الرئيس المنتهية ولايته، ونعلم أنك أصبحت سابقا وزير الدولة لشؤون الرئاسة في هذا النظام، ويرجح أنك كنت قريبا جدا من الرئيس،  فماذا تعرف عن الرئيس فرماجو؟

أعرف عن الرئيس فرماجو أنه يتصف بواحدة من 4 أوصاف يجب أن يتصف بها القائد، وهذه الأوصاف: الخبرة، المعرفة، الكفاءة، والإخلاص، فهو رجل مخلص ليس لديه خبرة إدارية، وفي المثل السائر: “جربه في الإدارة قبل الوزارة، جربه في الوزارة قبل الرئاسة”، الرئيس غادر هذه البلاد في الثمانينات، وكان المنصب الّذي تقلده هو أنه عمل لفترة في وزارة الخارجية لم يبلغ فيها حتى إلى مستوى وكيل وزارة، أصبح رئيس وزراء لمدة 7 أشهر في بلاد لا يعرف عنها شيئا، فكان أن اصطدم مع برلمان الحكومة والنظام، مما أحدث فوضى، انتهت في نهاية المطاف بطرده قسرا، لذا تدل هذه الأحداث على أنه عديم الخبرة للغاية، والمنصب الرئاسي ليس من المناصب التي تكتسب فيها الخبرة،فالرئيس تنقصه الخبرة والمعرفة بأمور الدولة والكفاءة، ومع غياب هذه لا ينفع الإخلاص  ما جعله يبني عمله على قرار شخص آخر، هذا أكبر ضرر واجهه.

الصومال وإثيوبيا، دولتان جارتان، ودارت بينهما معارك في السابق، ويرى قطاع عريض من الصوماليين أن إثيوبيا عدوهم التاريخي، وكان من بين يؤمن بهذا رئيس الجمهورية المنتهية ولايته، لكن الرئيس فرماجو عندما وصل إلى الحكم، أقام علا قات مختلفة عما كانت متوقعا مع إثيوبيا، وخاصة، مع آبي أحمد، فما السبب في أن تكون الجهات التي كان تعتقد الصومال أنها تتدخل في شؤونها الداخلية، في مقدمة علاقاتها مع الخارج؟

في البدء، حدث تغيير قوي في إثيوبيا، وبما أنه تغيير قوي وتاريخي، فقد تسبب في مشاكل بحيث لم تستسغه الأطراف التي ألفت مقاليد الحكم فيها ، لذا، فأنا ممن يؤمنون بأن الصراعات في هذه المنطقة صراعات خلقها الاستعمار في معظم الأقطار الإفريقية، وهي مشلكة جغرافية فكما تم تقسيم الأكراد تم تقسيم الصوماليين، فهناك صوماليون ملحقون بإثيوبيا، وآخرون بالجمهورية الصومالية، فهذه مشكلة خطط لها ونفذها الاستعمار، لم يكن هناك صراع تاريخي بين إثيوبيا والصومال بل كان الصراع بين نصارى شرق إفريقيا ومسلمي المنطقة، فكانت السيداما، العفر، الأورومو، والصوماليون وجزء صغير من التيغراي  والأمهرا في صف واحد، وهذا الصراع لم يكن قائما على أساس حدودي أو قومي، وإنما كان قائما على أيديولجيات عقدية ومبادئ دينية، لذا من الأجدر إجراء دراسة صحيحة حول هذا الموضوع، كان من المفترض أن لا يجوع شخص في منطقة شرق إفريقيا لأنه يمتلك ثروات وخيرات، ولا ينبغي أن يعيش في ظل صراع.

فأنا إذا فسرت، التغير الّذي طرأ على فرماجو، لم يحدث بعد مجيء آبي، أليس هو من سلم قلب طغح إلى النظام السابق الّذي كان يحكم إثيوبيا قبل آبي؟! ، وما كان يقوم به فرماجو من قبل كان مجرد استهلاك إعلامي لحملته الانتخابية والضرب بعواطف الشعب، وقبله طلبت حكومة شيخ شريف مساعدة إثيوبيا والدول المجاورة فدخلت إثيوبيا إلى البلاد مرة أخرى دون أن تتم مناقشة هذا الأمر في البرلمان، فكل شخص يصل إلى السلطة من الطبيعي أن  تتغير سياساته إزاء هذه الدول، فالمطلوب توضيح الحقيقة للعامة من البداية، أنا مرشح وأعتقد أن ليس من الاستراتيجية أن تبقى عداوة بيننا وبين إثيوبيا أو كينيا. إني أرى أن تأتي المنطقة (شرق إفريقيا) بعقلية متقدمة على العقلية الاستعماريةفيتم تحسين سبل العيش ، ونفكر في كيفية بناء حياة متجهة نحو تحقيق الرفاهية والتقدم لسكان هذه المنطقة، ليتحقق لهم اكتفاء ذاتي، هذا، ما أؤمن به، ولذا فلا أرفع حاليا شعار وصم هذه الجهة أو تلك بأنها عدوة لنا، لذا ينبغي الموازنة بين الاستهلاك الإعلامي للحملة والواقع الذي يتم التعايش فيه لاحقا.

في السنوات الأربعة الماضية، تغيرت العلاقات الصومالية الخارجية بشكل عميق، ساءت خلالها علاقات الصومال مع دول كثيرة، سواء كانت من دول الجوار، أو  من الدول العربية، أو أبعد من ذلك، إذا السؤال المطروح هو: ما هي الأسس والمرتكزات التي كانت تبني عليها هذه الدولة علاقاتها الخارجية  طوال السنوات الأربعة الماضية؟

كانت تبني على الأساس الّذي كانت تبني عليه الخارجية الصومالية أثناء مغادرة فرماجو لها في عهد حكومة سياد بري، عندما كان موظفا في الخارجية الصومالية، هناك أعراف دولية ونظام عمل في المنظومة الدولية، غير أن نظام سياد بري تصرف عكس المنظومة الدولية مما يدفع ثمنه الصوماليون منذ 30 عاما، وسار فرماجو على نفس الطريقة التي كانت سائدة في الخارجية الصومالية أيام عمله فيها وأخاف أن يدفع الصوماليون ثمن ذلك، نظرا لما يتم الحديث عنه حاليا من انسحاب أميصوم والعودة إلى الفصل السابع، وكل هذا نتجية عن التفكير السلبي للسياسة الخارجية التي كان يتبناها.

كان المفروض أن تتبنى هذه الدولة سياسة “تصفير المشاكل” طالما أنها دولة هشة ، ليس لها قدرات في شتى المجالات، دولة لم تحقق الاكتفاء الذاتي، لئلا تكون النتيجة سلبية حتى في أشد القضايا نزاعا كما في النزاع بين الصومال كينيا الذي هو قضية النزاع البحري، إلى أين انتهت هذه القضية، صفقنا كذبا مع أن المحكمة قضت بتقسيم الأرض بيننا، رغم ما كنا نعتقده من أن القانون سيمنحنا هذه الأرض! .

كيف تقيم موقف المجتمع الدولي إزاء الأوضاع الأمنية والسياسية الصومالية الحالية؟

أعتقد بأن الصومال بحاجة إلى إنقاذ وتفكير واسع وعميق، وعدم التفرج على مصيرها في أيدي القادة الحاليين، ولا يعني ذلك منازعة الأمر أهله، وإنما تقديم النصح والمشاورة والمساعدة لهم، اعتقد أن الصوماليين يعيشون في أصعب وضع، وترتعد فرائصي خوفا من دخول البلاد تحت سيطرة حركة الشباب إذا لم تتجه إلى الانتخابات، فحركة الشباب لا تقارن بحركة طالبان التي لم تكن يوما تتحدى الهوية الوطنية  الأفغانية سواء كانت عقيدة، أو فكرا، أو مذهبا، أو سلوكيات خاصة، أو حتى القبائل، ولم تكن ترتكب جرائم إلا في حق الجهات التي كانت تحاربها فقط، وكانت رؤيتها تنطلق فقط من تطبيق الشريعة على مذهبهم الحنفي إلى جانب قصورهم في التعامل مع المنظومة الدولية، أما “الشباب” فاصطدمت مع بقية الصوماليين وجميع الحركات الأخرى، حيث قتلوا مشايخ بعض الحركات، كالشيخ عبدالقادر غعمي، وكالدكتور أحمد طاهر، واستهدفوا الشيخ بشير أحمد صلاد بتفجير في مكتبه ، وغيره من رموز التيار السلفي، فيما هدموا مزارات  الصوفية ونبشوا قبور كبار علماء الصومال  وقتلوا رجال  الطرق الصوفية ، لذا أتأسف جدا على بعض طرائق تفكير المجتمع الدولي اليوم، كما أتأسف على الّذين يروجون لهذه الفلسفة التي تنادي بتسليم البلاد إلى “الشباب”، ولإنقاذ البلاد من هذا يجب إجراء الانتخابات وتولي شخصية معقولة إدارة شؤون البلاد.

أخيرا، قبل فترة ليست بعيدة، حدثت معارك في مناطق غلمذغ، بين إدارة غلمذغ والحكومة الفيدرالية من جهة، وتنظيم أهل السنة والجماعة من جهة أخرى، برأيك، كيف بدت لك طريقة مواجهة الحكومة الفيدرالية لهذه القضية؟ 

والله يا أخي، ماذا أقول لك؟! ليست الدولة وحدها، بل ساهم كثيرون في تأجيج هذه الحرب، كنت أعتقد أن من الأفضل تفادي تلك الحرب لكن ذلك لم يحدث بل أنفقت أسلحة وأموال طائلة في تلك الحرب العبثية، وأُزهقت أرواح بدون وجه حق، فحكومة غلمذغ والحكومة الصومالية كان عليهما مسؤولية إيجاد حل لهذه المشكلة ، لكن هذه القضية تمت إدارتها بطريقة خاطئة، وقد حاولت أن ألعب فيها دورا، فاتصلت كثيرا بالأطراف المعنية، حيث استجاب رجال أهل السنة لجهودي، وعندما جاؤوا إلى المنطقة تحدّثت معهم. فهوجموا في منطقة تدعى “بوهول” ثم بعد ذلك وصلوا إلى غوري عيل، وأبلغتهم بأن يخلوا المكان للنظام الحكومي القائم هناك، على الرغم من كونه المنطقة التي ينتمون إليها، وضحوا فيها بأرواحهم ودمائهم، الحكومة سخرت كل إمكاناتها في القتال ضد أهل السنة لكنها لم تفعل ذلك عندما كانت الحرب تدور بين الأهالي وحركة الشباب في بعادوين ووسل، فلو تم توجيه طرفي المعركة في غري عيل وتوحيد قواتهما كان بإمكانهما تحرير ولاية غلمدغ باكملها من حركة الشباب،  القوات التي دربتها أمريكا وتركيا، والذخيرة العسكرية والدبابات الكثيرة التي منحتنا قطر، وتركيا ومن قبلهما السعودية، و الإمارات إلى جانب المعدات الأخرى التي قدمتها الأمم المتحدة دعما للحكومة الصومالية، لم تستخدم ضد “الشباب”، بطريقة جدية وبالعكس أرسلت بعضها إلى إقليم غيذو وولاية غلمدغ لمحاربة إدارة جوبالاند أو حركة أهل السنة والجماعة، ما يعنى أنه خلال السنوات الأربع الماضية كان  يتم فيها استنزاف الدولة باسثناء بعض التقدم البسيط الذي أحرزه الجيش في الحرب ضد حركة الشباب في إقليم شبيلي السفلى، وعندي أدلة على أن الحروب الدائرة في المناطق الوسطى تهدف إلى تحقيق ما تسعى إليه حركة الشباب، فهناك استراتيجيات يفكر فيها البعض لإزالة العقبات أمام سيطرة حركة لاشباب على البلاد، وأنا عندما أقول ذلك، لا يعني أن المشايخ الّذين كانوا في الجانب الآخر كانوا على صواب، لكن لم يكن علماء أهل السنة مشكلة وإنما تم تحويلهم إلى مشكلة فقد سلموا الإدارة إلى غلمدغ وضموا قواتهم إلى الجيش مقابل أن يشاركوا في السلطة لكن تم إقصاؤهم وإخراجهم بالقوة، هناك علامة استفهام على عريضة حول ما يجري، هناك مؤمرات ضد الصوماليين ولكن ستبقى هذه الأمة وستزول المؤامرات.

نشكرك يا سيدي على إتاحتنا الفرصة لهذه المقابلة

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال