الخلاف السياسي في بونتلاند .. الأسباب والمآلات

الصومال الجديد

آخر تحديث: 15/11/2023

[supsystic-social-sharing id="1"]

تكون الخلافات السياسية في الآونة الأخيرة، سيّدة الموقف في ولاية بونتلاند الإقليمية شمال شرق البلاد، حتّى وصلت في بعض المرّات إلى الاشتباكات المسلحة التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين والعسكريين، في أكثر من مرّة.

ويعود الخلاف إلى طبيعة الانتخابات التي يتم إجراؤها بالولاية في هذا الموسم، فبينما تريد الإدارة أن تكون انتخابات مباشرة يصوّت فيها الشعب، ترى المعارضة أن ذلك ليس إلا مراوغة سياسية من قبل الإدارة تبتغي من ورائها تحقيق تمديد إداري بذريعة الاستعداد للتحول الدّيمقراطي المشهود وإعطاء الشعب حق التصويت لممثليه في المجالس الإدارية بالولاية.

وقد أخذت إدارة الولاية خطوات في هذا الاتّجاه، حيث تم إجراء انتخابات المجالس المحلية في معظم مدن الولاية، ما عدا 3 مدن من بينها مدينة “غرووي” حاضرة الولاية، وذلك بسبب اعتراض المعارضة على هذه الخطوة، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة بين موالين للمعارضة وأنصار السيد سعيد دني رئيس ولاية بونتلاند.

حاولت عدّة أطراف محلّية تهدئة الأوضاع في الولاية وتسوية النزاعات على طاولة الحوار والمفاوضات، وفي مقدّمة هذه الأطراف الحكومة الفيدرالية الصومالية التي عبّرت عن عدم قبولها للقضاء التجربة السياسية في بونتلاند والتي أكملت ربعها الأول من القرن، داعية إلى ضرورة اتفاق الأطراف على صيغة انتخابية تضمن الحفاظ على أمن الولاية واستقرارها السياسي.

في الـ 11يوليو 2023م، وبعد أيام من اشتباكات أنصار إدارة الولاية مع موالين للمعارضة، أصدر سياسيون منحدرون من بونتلاند ولهم ثقل سياسي في الولاية وفي الصومال، بيانا مشتركا حول رؤيتهم تجاه حل المعضلة السياسية في الولاية وذلك بعد اجتماعات متواصلة لهم في مدينة “غرووي”، حاضرة ولاية بونتلاند.

وقد رأى هؤلا السادة: عبدالولي محمد علي (غاس)، رئيس وزراء صومالي سابق، والرئيس السابق لبونتلاند، عمر عبدالرشيد شرمأركي، رئيس وزراء صومالي سابق، وعبدالرشيد محمد عبده وزير سابق في الحكومة الفيدرالية الصومالية، القيام بـ 4 خطوات لحل الأزمة السياسية في الولاية، وهذه الخطوات:

1.إجراء انتخابات المجالس المحلية المتبقية في المدن الـ 3 بمحافظة “نغال”  في أسرع وقت ممكن

2.عدم إجراء تعديلات في دستور الولاية حاليا، والاعتماد على الأحزاب السياسية الـ 9 المسجلة حاليا في الولاية.

3.السماح لخوض السباق الانتخابي للمرشحين المستقلين الساعين إلى المقاعد البرلمانية، ومنصب الرئيس ونائبه.

4.تكليف شيوخ عشائر مناطق سول، سناغ، وعين، تحديد نوع الانتخابات التي تشهدها هذه المناطق.

لكن –كما يبدو- لم تقنع إدارة الولاية بهذه الاقتراحات إذ وافق برلمان ولاية بونتلاند في جلسته الـ 16 من دورته الـ52 المنعقدة في الـ 25 يوليو-تموز 2023م، بمدينة “غرووي” حاضرة الولاية على بعض التعديلات التي أجريت على دستور الولاية، حيث صوّت 54 نائبا من أصل 60 نائبا حضروا الجلسة، لصالح التعديلات الدّستورية، بينما رفض الـ 6 الباقون لهذا المشروع، في حين لم يكن هناك نواب امتنعوا عن التّصويت، مما جدّد الاشتباكات المسلّحة بين الإدارة والمعارضة.

وفي أكتوبر 2023م، نفى السيد سعيد عبدالله دني، رئيس ولاية بونتلاند شمال شرق البلاد، مزاعم المعارضة السياسية في بونتلاند، حول رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في مطلع العام المقبل 2024م، بل حمّلها –أي المعارضة- مسؤولية قيامها بمحاولات مختلفة لعرقلة هذه العملية، مثل مهاجمة صناديق الاقتراع، إثارة الشعب، وحمل السلاح لزعزعة الأمن والاستقرار في الولاية.

وفي الـ 1نوفمبر2023م، طالب28  من كبار سلاطين العشائر في ولاية بونتلاند بشمال شرق الصومال بعد اجتماعات عقدوها لعدّة أيام في “غرووي”، عاصمة الولاية بالعودة إلى النظام الانتخابي القديم المتمثل في اختيار العشائر لممثليها في البرلمان وقيام النواب بعد ذلك بانتخاب رئيس الولاية.

وأشار السلاطين في بيانهم، إلى أنه لا يمكن تأجيل الانتخابات الرئاسية في بونتلاند عن موعدها المحدد بـ 8 يناير 2024، مضيفين بأن الوقت القليل المتبقي لا يسمح بإجراء انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” الخيار الّذي تتشبث به إدارة الولاية.

لم ترحّب إدارة الولاية بهذه الدّعوة –أيضا-، بل أصدرت بيانا تردّ عليها، جاء فيه أنها “ملتزمة بالاستماع إلى التوصيات التي تدعم تطوير وإنجاح العملية الديمقراطية وإجراء انتخابات شخص واحد وصوت واحد” داعية في الوقت ذاته سكان الولاية إلى الحفاظ على وحدتهم ونظامهم الإداري والعمل معا من أجل إجراء انتخابات تضع بونتلاند في طليعة الجهود المبذولة في تحقيق صومال آمن، ديمقراطي قائم على النظام الفيدرالي.

وفي الـ 14نوفمبر2023م، أصدرت المعارضة السياسية في بونتلاند بعد اجتماعها في “غرووي” جدولا زمنيا لمواعيد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الولاية.

ووفقا لهذا الجدول، فقد حدّدت المعارضة 31 ديسيمبر المقبل، موعدا للإعلان عن أعضاء برلمان الولاية، فيما تم تحديد الـ 4 من شهر يناير 2024م، كموعد لإجراء انتخابات رئيس البرلمان في حين سيتم إجراء انتخاب رئيس الولاية ونائبه في الثامن من الشهر نفسه، مما يعني أن هناك جدولين زمنيين لانتخابات بونتلاند أحدهما أصدرته المعارضة وهو الّذي تقدّم ذكره، والآخر، كانت قد وضعته مفوضية الانتخابات في ولاية بونتلاند نص على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 25 فبراير 2024م، عبر الاقتراع العام المباشر.

إن التفاوض والاتفاق على صيغة توافقية لإجراء الانتخابات المقبلة هو الحل الأنسب لتجاوز الأزمة السياسية في بونتلاند، وإن التمسك بالمواقف وعدم تقديم تنازلات كبيرة من كلا الطرفين لينذر بشرّ مستطير، وبالتالي فعلى الأطراف تقديم التنازلات وتغليب المصلحة العامة تفاديا لصراع سياسي قد يتحول إلى نزاع مسلح يكلّف خسائر بشرية ومادية فضلا عن تهديد الاستقرار السياسي والأمني في أول ولاية إقليمية صومالية تم تشكيلها في الـ 1أغسطس 1998م.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال