الصراع بين أرض الصومال وبونتلاند (2-3)

بشير نور علي

آخر تحديث: 28/02/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

تحدثنا في الحلقة السابقة من المقال مقدمة حول الموضوع ونبذة تعريفية عن كل من بونتلاند وأرض الصومال، وفي هذه الحلقة سنركز على جذور الأزمة وعوامل تجدد المواجهات بين الإدارتين
1. جذور النزاع الراهن بين الادارتين
فالنّزاع القائم بين الإدارتين ليس وليد السّاعة؛ بل له جذور ضاربة في التّاريخ الحديث، سباق ساسيّ في ساحات المعارك الدّبلوماسية، إذ يحاول كل من قيادات كلتا الإدارتين جذب انتباه المجتمع العالمي نحوها، لهذا تتسابق الإدارتان إلى طَرقِ أبواب الدّول المهتمة بقضية الصّومال، ودول الجوار على وجه الخصوص، وتقديم تنازلات الّلامتناهية لرؤساء تلك البلدان.
لهجات حادة يشوبها الاستفزاز والازدراء تَتراشقُها القادة عبر وسائل الإعلام، مما ينذر بنشوب حروب بين أبناء الجلدة الواحدة، وهذا ما حدث أكثر من مرة، وعلى الرّغم من ذلك كلّه فشيوخ القبائل لايفتأون يحاولون تهدئة الأوضاع بين فينة وأخرى، لكنّ السّياسيين يصبّون الزّيت على النّار لمصالح سياسية غامضة، لم يُكشف النّقاب عنها بعد.
• النّزاع الحدودي وادعاءات كلتا الإدارتين:
فالحدود الوهمية التي وضعها الاستعمار بين شعب يجمعه الدين، والمذهب، واللغة، واللّون، ولا يكاد يوجد أصلا عاملا واحدا يعتبر حدا فاصلا بين شريحة من المجتمع الصومالي وأخرى.
إدارة أرض الصّومال كانت ولازالت منذ تأسيسها تحلم الوصول إلى حيث وصل المستعمر البريطانيّ، إذا تعتبر ذلك هو الحد الفاصل بينها وبين الصّومال؛ وحتى لا تبقى تلك الأحلام أضغاث أحلام؛ ولترجمتها إلى الواقع شمّرت عن ساعد الجد، وأخذت غصن زيتون في يدها اليمنى للتفاوض مع شركائها في تلك الحدود مناهضين في تبني فكرة الانفصال، وفي يدها اليسرى بندقية لإبعاد كل من يحاول إجهاض أهدافها الرّامية إلى حصول اعتراف دولي.
بينما تدعي ولاية بونت لاند بأن إقليمي سول وسناغ وجزءا من إقليم توغطير (منطقة عين) يقع ضمن حدودها الجغرافية، ولا يمكن التّنازل عن شبر منها، وتنطلق الولاية في قرارها هذا من رؤية قبلية بحتة، حيث تسكن تلك المناطق قبائل موحدة، يجمعها النّسب، ولا يحق لأحد أن يستولي عليها بذرائع واهية، وأن سكان تلك المناطق كانوا ولا زالوا يعتبرون المستعمر محتلا، قاوموه بكل نفس ونفيس. وبعد إخراجه منها من المضحك أن يدّعي أحد بأنه ورثها من المستعمر، على حد تعبير أحد شيوخ سكان تلك المناطق.
ولا يخفى أن غالبية سكان تلك الأقاليم من قبيلتي”دُولْ بَهَنْتِى”و”وَرْسَنْغَلِي”المنحدرتين من قبائل “هَرْتِـي”، التي تسيطر على ولاية نونت لاند، ولهذا ينجذب سكان تلك الأقاليم نحو الولاية ذات التّجانس القبلي؛ حيث أن مكونها الرّئيسي من (هرتي) الّتي ينتمي إليها عشائر دولبهانتي، وورسنغلي).
والجدير بالذكر أن لكلتا العشيرتين تمثيلا سياسيا في الولايتين، فنائب رئيس ولاية بونت لاند من سكان تلك المناطق، ولهم أعضاء في البرلمان، وضباط في القوات، وفي إدارة أرض الصومال فالتمثيل لا يقل بكثير عن الّذي هو في بونت لاند، فرئيس البرلمان منهم، كما أن هناك ضباطا في القوات، ووزراء في الحكومة وهلم جرا.
مناطق سُولْ وسَنَاغْ وعَين مناطق متنازعة عليها بسبب ازدواجية مواقف مسؤولي تلك المناطق؛ حيث تميل بعض أفخاد تلك العشائر إلى نظام أرض الصّومال، وأخرى تميل إلى بونت لاند، أضف إلى ذلك أولئك السّياسيين الرُّحَلِ، الذين لا يقرّ لهم قرار مع نظام معين، بل ينتقلون مع مصالحهم الذّاتية، ويدورون معها أينما دارت. وإلى جانب ذلك هناك مجموعة أخرى من النّخب السّياسية و الأعيان وشيوخ القبائل تسعى إلى تكوين نظام مواز للنّظامين، ويتمتع بنفس المستوى من التّمثيل السّياسيّ، والتّعامل الإقليمي، والخارجي.
2. عوامل تجدد المواجهات المسلحة بين الإدارتين.
• محاولةأرض الصّومال لبسط نفوذها على جميع المناطق الواقعة في المحمية البريطانية.
طالما أن أرض الصّومال تسعى إلى استكمال سيادتها، تبذل قصارى جهدها للوصول إلى أبعد نقطة من الشّريط الحدوديّ، بينها وبين ولاية بونت لاند، وكانت تخطط منذ أمد، وتجند كل قواها في تحقيق مآربها المتمثلة في استيعاب تلك المناطق وسكّانها، بكل الوسائل السّلمية، وغير السّلمية، ولا أدل على ذلك من تحركاتها الأخيرة، وتصريحات مسؤوليها في القضية.
• تحركات الحكومة الفيدرالية في المنطقة.
ومن المحتمل اعتبار زيارة وزير التخطيط والاستثمار الصّومالي جمال محمد حسن لمدينة بَرَنْ بمحاظة سناج المتنازع عليها بين أرض الصومال وولاية بونت لاند الإقليمية عاملا من عوامل تجديد المواجهات المسلحة، والتراشق الإعلامي الّذي سبقه؛ حيث ندّدت حكومة أرض الصّومال الانفصاليّة على لسان وزيرها الخارجيّ الدّكتور سعد علي شرى، واعتبرت ذلك اعتداء على أراضيها.
وأشار شرى إلى أنّ الصّومال اعتدت على حدود إدارتها، وأنّ ذلك سيؤدي إلى توتّر جديدٍ في العلاقات بين الطّرفين الأمر الّذي لا يصب في صالحهما حسب وصفه.
وتزامنت زيارة الرئيس الصومالي، عاصمة ولاية بونت لاند “غرووى” في وقت تشهد المنطقة توترا أمنيا بين الإدارتين، الأمر الذي فسرته هرغيسا مشاركة واضحة من الحكومة الفيدرالية، في الخلافات الحدودية ببن النّظامين، وتأجيج الصّراعات المسلحة بينهما.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال