تراجع دور المجتمع الدّولي وتأثيراته على الأوضاع السياسية والأمنية في الصومال

الصومال الجديد

آخر تحديث: 24/02/2020

[supsystic-social-sharing id="1"]

يلاحظ في الآونة الأخيرة تراجع دور المجتمع الدولي في عمليات المصالحة وبناء الدولة الصومالية، وذلك منذ أن أدّت العلاقات المتوترة بين الحكومة الفيدرالية والمبعوث الأممي السابق إلى الصومال نيكلاس هايسوم إلى طرده من الصومال أوائل عام 2019م، وذلك بعد وصفه من قبل الحكومة الفيدرالية بأنه شخصية غير مرغوب فيها، وذلك إثر حديثه بصيغة لا ترضي الحكومة الفيدرالية عن الأحداث الدموية التي شهدتها مدينة بيدوة  أثناء انتخاب الرئيس الحالي لولاية جنوب غرب الصومال السيد عبدالعزيز لفتا غرين أواخر عام 2018م.

ورغم أن الأمم المتحدّة عينت مبعوثا جديدا هو الدبلوماسي الأمريكي جيمس سوان ليحل محل نيكلاس هايسوم إلاّ أنّه من الواضح تراجع أدوار المجتمع الدولي في عمليات إنجاح المصالحات الوطنية وبناء الدولة الصومالية من جديد، ويتجلى ذلك في عدم جدّية المجتمع الدولي في جهوده الرامية إلى إصلاح العلاقات بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية، حيث إنه يكتفي بإصدار البيانات والدعوات غير الجادة التي تدعو الطرفين إلى إنهاء الخلافات بينهما عبر طاولة الحوار والمفاوضات، دون الضغط على الأطراف سياسيا واقتصاديا، مما يجعل كلّ طرف يتمسك بموقفه السياسي المخالف للطرف الآخر. 

وخير مثال لذلك تعامل المجتمع الدّولي مع الخلاف السياسي بين إدارة جوبالاند والحكومة الفيدرالية والّذي يمتد لفترة طويلة لا تبدأ من الخلاف الناجم عن الانتخابات الأخيرة التي شهدتها كسمايو في 22/أغسطس/2019م والتي اختير فيها السيد أحمد مذوبي رئيسا لجوبالاند رغم عدم اعتراف الحكومة الفيدرالية بتلك الانتخابات ونتائجها.

صحيح أن المجتمع الدّولي بذل جهودا في التقريب بين وجهات النظر بين الطرفين قبل إجراء تلك الانتخابات، إلاّ أن جهوده لم تؤت ثمارها، وهذا لا يعاب عليه، وإنما العيب والنقص في عدم توضيح وتحديد الطرف المسؤول إلى وصول المفاوضات بين الطرفين إلى طرق مسدودة، بالإضافة إلى أن المجتمع لم يتخذ إجراءات صارمة ضد الطرفين إذ لم يوقف دعمه لهما مما يساعد كلّ طرف على أن يتمسك بموقفه.

وعلى الرغم من عدم اعتراف الحكومة بانتخاب السيد أحمد مذوبي رئيسا لجوبالاند إلاّ أن ممثلي المجتمع الدولي يتواصلون مع أحمد مذوبي ويلتقون به ويتشاورن معه في القضايا التي تهم ولايته. وهذا يدلّ على عدم اهتمام المجتمع الدولي الّذي يعتبر الممول الرئيسي لجهود إعادة بناء الصومال الجديد بالوصول إلى اتفاق بين الطرفين.

بالإضافة إلى ذلك يظهر تخبّط في الموقف الدولي تجاه انتخابات غلمذغ الأخيرة والتي أشعلت هي الأخرى موجة من الخلافات السياسية بين الحكومة الفيدرالية والشركاء السياسيين في غلمذغ، مما أدّى إلى انتخاب 3 رؤساء بانتماءات مختلفة  في هذه الولاية، وكلّ هذا يحدث على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الّذي لم يتجاوز دوره تجاه هذه المشاهد سوى إصدار البيانات الداعية إلى العمل على إيجاد غلمذغ واحدة وقوية دون الإشارة إلى الطرق المؤدية إلى هذا النوع من الإدارة!

والنقطة الأكثر غرابة وتخبطا في هذا المجال هي ردّة فعل المجتمع الدّولي لنتائج الانتخابات التي رعتها الحكومة الفيدرالية في هذه الولاية والتي فاز فيها مرشحها السيد أحمد قورقور، فبينما أصدرت منظمة إيغاد إثر انتخاب قورقور بيانا تدعو فيه الأطراف السياسية في غلمذغ إلى توحيد الصفوف وبناء غلمذغ قوية وموحدة، وذلك دون أن تهنئ قورقور برئاسة غلمذغ، نرى أنها قد عدّلت من بيانها السابق وأصدرت بيانا آخر تهنئ فيه قورقور بالنصر الّذي أحرزه في تلك الانتخابات. وجاء البيان الثاني لإيغاد بعد البيان الّذي أصدرته السفارة الأمريكية في الصومال مهنئة السيد أحمد قورقور رئيسا لغلمذغ في السنوات الأربعة القادمة.

إن ما تقدّم من أمثلة بسيطة لتفسير دور المجتمع الدولي في الصومال يدلّ على أن دوره في الصومال قد تراجع مما يؤدّي إلى أن يؤثر على الأوضاع السياسية والأمنية في الصومال على النحو التالي:

فسياسيا، كان المجتمع الدولي يلعب دورا كبيرا في عمليات المصالحة الصومالية سواء من حيث التمويل أو توفير بيئة محايدة ومناسبة لإجراء المفاوضات بين الفصائل الصومالية وذلك منذ سقوط الدولة الصومالية العسكرية في أوائل التسعينات، وأن تراجع دوره في هذا الوقت يعني العودة إلى الوراء، وضياع جهود المجتمع الدولي تجاه الصومال على امتداد العقود الثلاثة الماضية، مما يجعل حلم وجود دولة صومالية في مهب الرياح.

ومن جهة أخرى، يمكن القول – في نظر البعض- بأن تراجع دور المجتمع الدولي يصب في مصلحة الصومال، إذ إن ذلك يساعدها على التحرر من قيود الآخرين ورغباتهم، وبالتالي فإنّ ذلك سيساعدها على تحقيق أهدافها السياسية بعيدا عن تدخلات المجتمع الدولي وتأثيراته، مما يوصلها إلى اتخاذ قرارات سياسية تنبثق عن هويتها الوطنية الصومالية.

أما أمنيا فإنه من الواضح جدّا أن تراجع دور المجتمع الدولي سيؤثّر سلبا على الأوضاع الأمنية في البلاد، ذلك أن المجتمع الدولي يتحمّل التكاليف المالية لقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (الأميصوم)، كما يتولى المجتمع الدولي أيضا تمويل وتدريب الجيش الصومالي سواء كان في داخل البلاد أو خارجها، وعليه فإن تراجع دور المجتمع الدولي في دعم القوات الأمنية في البلاد سيمهد الطريق لانفلات أمني كبير، لما سيترتب عليه من انسحاب للقوات الإفريقية العاملة في الصومال، وتوقّف عمليات تدريب القوات الصومالية التي لم تعد قادرة حتى الآن على تولّي الشؤون الأمنية للبلاد واستلامها من القوات الإفريقية التي من المقرر انسحابها من البلاد نهاية عام 2021م.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال