قلب الأمة في مرمى المشروع الصهيوني–الغربي
التحرير
آخر تحديث: 14/06/2025

بقلم: علي أحمد محمد المقدشي
لمن يتأمل بعمق في تسارع الأحداث الجارية، يتبيّن بوضوح أن ما نشهده اليوم ليس فوضى عبثية ولا تحولات تلقائية، بل هو تنفيذ دقيق لمخطط صهيوني–غربي ممنهج، يستهدف ضرب قلب الأمة الإسلامية من الداخل، عبر أربعة محاور استراتيجية تُعدّ مفاتيح للهيمنة وإعادة تشكيل النفوذ الجيوسياسي في المنطقة، وفق منطق الاجتثاث وإعادة الترسيم.
فلسطين، مهد الرسالات ورمز الصراع، تُحوّل أمام أعين العالم إلى مسرح مفتوح لجرائم إبادة ممنهجة، في محاولة لفرض واقع دموي يُراد له أن يُصبح “أمرًا واقعًا”، وتجريد القضية من رمزيتها الجامعة للأمة، تمهيدًا لابتلاعها التدريجي تحت مظلة “التطبيع” والتواطؤ أو العجز .
باكستان، بوصفها القوة النووية الإسلامية الوحيدة، تتعرض لحملات ممنهجة لزعزعة استقرارها من الداخل، عبر تأجيج الفتن الطائفية، وتغذية الصراع مع الهند بدعم صهيوني مباشر، إلى جانب خنقها اقتصاديًا لإغراقها في دوامة من التبعية والفوضى، ما يُسهّل تحييدها أو تفكيكها إذا لزم الأمر.
تركيا، في مسعاها للتموضع كقوة مستقلة بين الشرق والغرب، تُواجه تطويقًا استراتيجيًا من خلال تحالفات عسكرية مشبوهة في بحر إيجه، وضغوطًا مستمرة على حدودها الجنوبية، إلى جانب استغلال الأزمات الداخلية لتكريس الانكفاء والانشغال بالصراعات الداخلية، بما يهيئ لمخططات التقسيم أو الاحتلال في سيناريو غير بعيد.
إيران، المستهدفة منذ عقود بحصار اقتصادي محكم، وعزلة سياسية، وضغوط أمنية متواصلة، تدخل اليوم في قلب المشروع الصهيوني–الأمريكي لتفكيك أي قوة إقليمية محتملة قد تعارض التمدد الإسرائيلي، أو تعطل تنفيذ خريطة الشرق الأوسط الجديد، التي يُراد لها أن تُرسم بالدماء لا بالحوار.
أما الدول العربية المركزية كـ الخليج ومصر والأردن والعراق، فمهما توهّمت قياداتها الاستقرار، فإنها في عين العاصفة، سواء صمتت، أو سايرت، أو تواطأت، أو عجزت. فهذه الدول هي الهدف النهائي لهذا المشروع، والذي يسعى لإقامة ما يُسمى بـ”إسرائيل الكبرى” على أنقاض أنظمتهم، وسحق شعوبهم، وتمزيق وحدتهم الوطنية، وتقسيم كياناتهم واحدًا تلو الآخر.
وما يزيد الخطر تعقيدًا أن هذا المشروع لا يتحرك فقط وفق أجندات أمنية وسياسية، بل تحت غطاء عقدي توراتي وتلمودي، يُوهم الصهاينة أنهم يُمهّدون الأرض لظهور المسيح الدجّال، ويزعم بعض الإنجيليين المتصهينين في الغرب أنهم يُعجلون بعودة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
وهكذا، يُختطف التاريخ، وتُغتصب الجغرافيا، وتُستباح الأمة باسم نبوءات زائفة، ومطامع لا تعبأ بقوانين دولية، ولا تعترف بحقوق الإنسان، ولا تحترم سيادة وطن أو وحدة أرض.