الجدل حول الانتهاك بالحصانة الدستورية للنواب.. الأسباب والتداعيات
الصومال الجديد
آخر تحديث: 15/02/2016
أثارت حادثة تفجير طائرة الركاب التابعة لشركة دالو للطيران الصومالية، في الثاني من شهر شباط/فبراير الجاري، والتي تبنت مسؤليتها حركة الشباب الصومالية -المرتبطة بتنظيم القاعدة – في وقت لاحق من هذا الأسبوع حسب بيان نشرته في موقع “مذكرة الصومال “Somali Memo الموالي للحركة، أثارت جدلا وردود أفعال واسعة على المستويين الرسمي والشعبي، وبما ان الحادثة كانت هي الأولى من نوعها وشكلت خطورة على نظام وسلامة الملاحة الجوية في البلاد فان رد الفعل على المستوى الرسمي كان قويا جدا ومؤثرا حيث جاء من أعلى هرم السلطة من رئيس الجمهورية نفسه، وفي خطابه الأخير أمام مجلس النواب فى السابع من شهر شباط/فبراير الجاري استنكر الهجمات الأخيرة وخاصة حادثة مطعم ليدو للمأكولات البحرية وحادثة تفجير طائرة الركاب والتي نحن بصدد الحديث عنها، وشدد الرئيس على ضرورة التشجيع والتعاون مع الجهات الأمنية في تنفيذ مهمتها وأضاف قائلا”إن على كل المسؤوليين في الدولة أن يذعنوا للأوامر عند نقاط التفتيش ويخضعوا لعمليات التفتيش التي تقوم بها أجهزة الأمن،وهذه الخطوة من شأنها تشجيع أفراد قوات الأمن في مواصلة عملهم”.
طبعا وهذا القرار يشمل الجميع بمن فيهم أعضاء مجلس النواب والذين يتمتعون بحصانة برلمانية تمنع المساس بجسدهم ومنازلهم ومركباتهم بغرض التفتيش، وهذه قضية معروفة ومفروغ منها، وحق اساسي من حقوق النواب يكفل لهم الدستور والقوانين المعمول بها في البلاد،الا أن الظروف الأمنية الإستثنائية التي تمر بها البلاد حاليا تفرض على الجميع الانسياق وراء الخطط الرامية الي استتاب الأمن واستحكام السيطرة وافشال المخططات التخريبية.
وهذه الخطوة من الرئيس فسّرها بعض النواب بأنها انتهاك صارخ للدستور حسب ما صرحت به النائبة خديجة ديريه لبعض وسائل الإعلام محذرة من خطورة إحداث مواجهة بين النواب والأجهزة الأمنية.
لكن اللافت للنظر هو كيفية تعاطي بعض النواب مع هذه القضية،وجعلها قضية دستورية وطنية ذات شأن وأهم من الأمن القومي ومقدرات الوطن ومكتسباته، وحاول بعض النواب استثمار هذا الجدل لصالحهم وتقويض جهود الحكومة لأغراض سياسية بحتة، وهذا التسييس من شأنه تأزيم الموقف وتضخيم بالون التوتر بين الجانبين الأمر الذي قد يصعّد الجدل الدائر حول اتنهاك حصانة البرلمانيين في هذه اللحظة الحاسمة التي لا تقبل المزيد من المزايدات السياسية، ثم ان هذا الجدل يلقي بظلاله على المشهد السياسي المضطرب أصلا، فالمسألة برمتها يمكن حلها ببساطة دون اللجوء الي آليات الحسم السريع والمعهودة، وانما بشيء من التعقل والاحتكام الى صوت العقل والنظر إليها من منظور المصالح الأمنية العليا للبلاد لا المصالح الآنية للنواب، هذه من ناحية ومن ناحية أخري ماذا على النواب لو خضعوا للتفتيش؟ الجواب بكل الوضوح لاشيء ثم إن مثل هذه الأحداث تحدث في البلدان التي تشهد إضطرابات أمنية،وخير شاهد على ما نقول هو أن أعضاء مجلس الشعب في جمهورية مصر العربية يخضعون لإجراءات السلامة التي نتحدث عنها.
فعلى كل حال الأجهزة الأمنية ماضية في تنفيذ توجيهات وإرشادات رئيس الجمهورية بشأن التفتيش والخضوع لإجراءات السلامة،وفي رسالة واضحة عرضت بعض وسائل الإعلام رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني الجنرال عبد الرحمن توريري وهو يخضع لإجراءات سلامة الركاب عبر جهاز التفتيش في مطار ادم عدى الدولي،كما أوصي العاملين في المطار ضرورة تطبيق تلك الإجراءات على كل المسافرين دون تفريق وتمييز، فالمسؤولية الأمنية تقع على عاتق أجهزة الأمن لا على النواب.
ومن تداعيات هذا الجدل تقديم بعض النواب مذكرة ضد رئيس الجمهورية لرئاسة البرلمان،ورغم قلة عدد اؤليك النواب الذين لا يتجاوز عددهم 45 عضوا الا أنها تشكل مصدر إزعاج لرئيس الجمهورية وطاقم ادارته المنهمكين بقضايا انتخابات 2016 كما أحدثت إرباكا داخل أروقة البرلمان الذي قلما يتفق على قضية معينة الا بعد مزايدات ومناقشات حادة تنتهي ببعض الأحيان بالملاسنة والمشادات وربما بالمضاربة.
فتداعيات هذا الجدل لا تعدو كونها محدودة الأثر بالنسبة للرئيس،فالنواب مهما بالغوا في الصخب فلن يستطيعوا أن يقفوا في طريق تنفيذ هذه الخطة الأمنية، يضاف الي ذلك أنهم غير متفقين على خطة معينة تمكنهم من الوصول الي حل نهائي ينهي هذا الجدل،كما لا يملكون رؤى سياسية واضحة المعالم للخروج من هذا النفق المظلم الي بر أمن وسلام،وما يقومون به من مطالبة سحب الثقة من الرئيس في هذه المرحلة الحرجة ليس الا ضربا من ضروب المناورات السياسية المعروفة من بعض النواب، والمناورات هذه أشبه ما تكون كسحابة صيف عابرة لا تمكث طويلا أمام الحقائق.