تصريحات فهد ياسين الأخيرة .. توزيع اتّهامات خطيرة!
الصومال الجديد
آخر تحديث: 14/06/2022
بثّت شبكة غيلان الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي حوارا مطوّلا يتكون من 5 أجزاء، أجرته مع فهد ياسين حاج طاهر -الرّجل الّذي اختفى غن الأنظار والإعلام في السنوات الـ 5 الماضية التي كان فيها المتنفّذ في المنظومة الحاكمة- والّذي تقلد مناصب إدارية مرموقة أبرزها مدير القصر الرئاسي، رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني 2019 _ 2021م، مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي 2021 _ 2022م!
كان الحديث محط اهتمام الجميع لما كان يحيط بالصحفي المتحوّل فجأة إلى رجل أمن من غموض، وما يلاحقه من تهم واتهامات بالتورّط في ملفات حساسة وقعت خلال فترة تنقله ما بين المراكز والمواقع الإدارية الأكثر تأثيرا في المنظومة الحاكمة.
في هذا التقرير، نركّز على الجزء الّذي تحدّث فيه فهد ياسين عن خلاف الحكومة الفيدرالية مع جوبالاند وحوادث الاغتيالات والهجمات التي وقعت إبان ترأسه لجهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي. ونركّز بشكل خاص على قضيتي جوبالاند واختفاء الضابطة الأمنية إكرام تهليل فارح.
بدا فهد ياسين -في نظر كثير من المتابعين- أن إجابته عن الأسئلة حول الملفين السابقين، لم تكن إلا محاولة منه للدّفاع عن نفسه وتبرئة ساحته ومن ثم القيام في وقت مبكر بتبادل الأدوار، والتّحدّث باسم المعارضة الجديدة.
لقد وزّع فهد ياسين في إجاباته اتهامات خطيرة على مسؤولين كبار أبرزهم السيد محمد حسين روبلي القائم بأعمال رئيس الوزراء، السيد أحمد محمد إسلام (أحمد مذوبي) رئيس ولاية جوبالاند، السيد عبدالرحمن يوسف العدالة، نائب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، والسيد مهد محمد صلاد الرئيس الجديد لجهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي.
ورغم تنوع الاتهامات التي وجّهها إلى هؤلاء المسؤولين، إلاّ أن جميعها اتهامات خطيرة تدور حول العمالة للأجنبي والتعاون مع حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وهي اتهامات خطيرة، خاصة عندما تصدر من مسؤول سابق رفيع المستوى، مما يتطلّب منه تقديم البراهين والأدلة والإثباتات.
وصف فهد ياسين، رئيس جوبالاند السيد أحمد مذوبي، بأنه مشروع أجنبي في الصومال، يخدم لمصالح كينيا فقط، مما يجعله حسب وصفه “سرطان السياسة الصومالية” الّذي يجب استئصاله والقضاء عليه!
وفيما يتعلّق برئيس الوزراء، ونائب وزير إعلامه، والرئيس الجديد للمخابرات الصومالية، فقد اتهمهم جميعا -ولو بدرحات وأدوار مختلفة- بالتورّط في اختفاء الضابطة الأمنية إكرام تهليل فارح وبالتنسيق مع دول أجنبية لم يصرّح بها!
ساق فهد ياسين رواية مفادها أن رئيس الوزراء كان على علم بمؤامرة اغتيال الضابطة الأمنية من قبل أنصاره -مهد صلاد وعبدالرحمن العدالة- حيث إن الأخير اصطحبها من مقر إقامتها بدعوى تقديمها إلى رئيس الوزراء حيث كانت تتردد على مكنبه لمراجعة عمل يناسبها في المكتب، طالما كانت عاطلة آنذاك عن العمل -حسب قوله- لكن الخطة كانت عكس ذلك إذ تم التنسيق بين مهد صلاد ومهد كرتاي القيادي في حركة الشباب طريقة لاختطاف الفتاة وقتلها، فتم نقلها إلى أحد أحياء منطقة دار السلام في العاصمة مقديشو، ومن هناك تم اقتيادها عروجا إلى محافظة شبيلي السفلى ومن ثم إلى مدينة جلب، حيث قُتلت هناك على أيدي حركة الشباب، حسبما جاء في سرده لقصة اختفاء الفتاة إكرام تهليل فارح.
ثم إن الرجل تمادى في توجيه الاتهامات الخطيرة إلى الرئيس الجديد لجهاز المخابرات، واصفا إياه بشخصية تهدّد خطرا على أمن البلاد واستقرارها لارتباطه بقوى أجنبية، وتعاونه الوثيق والممتد لسنوات طويلة مع حركة الشباب، التي ساعدها على إدخال السيارات المفخخة إلى داخل المدينة لاستهداف المسؤولين، بل ذكر أنه -أي فهد- تصدّى لمحاولات اغتيال عديدة تعرّض لها مسؤولون كبار من بينهم رئيس وزراء سابق لم يذكر اسمه.!
وعودة إلى ملف اختفاء الفتاة إكرام تهليل فارح، فقد أثارت تصريحات فهد ياسين تساؤلات عديدة في الوسط السياسي والاجتماعي، خاصة أن تصريحاته الأخيرة تتناقض مع التصريحات التي أدلى بها خلفه في رئاسة الجهاز بشكل مؤقت -النائب ياسين عبدالله (ياسين فري) الّذي أكّد حديثا في حوار مع فضائية صومالية أن حركة الشباب هي التي قتلت الفتاة، وأن لا أحد يعرف بتفاصيل الحادثة، وخاصة فيما يتعلّق بالطريق الّذي سلكته الفتاة عندما اختطفها الخاطفون ومكان اغتيالها، وأن غاية ما توصلت إليه تحقيقات الجهاز أن الفتاة اختفت فجأة عن الأنظار، ومن ثم حصل الجهاز عن طريق أصدقائه معلومات تفيد باغتيالها على يد حركة الشباب!
من جانبه، عبّر النائب طاهر أمين جيسو، عن اعتقاده لمخالفة تصريحات فهد ياسين للوقائع المتعلّقة باختفاء الفتاة، إذ إنّه شاهد تسجيلات الكاميرا الخفية في محيط مقر الجهاز السيارة التي أقلت الفتاة في آخر ظهور لها، وكانت السيارة إحدى سيارات ضباط المخابرات الصومالية لم يتم التعرّف عليه بعد، داعيا الجميع إلى مواجهة القضية بشكل جاد وعدم تضليل الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بدورها، اعتبرت النائبة قالي علي شري تصريحات فهد ياسين بأنها محاولات لتبرئة ساحته، والكيل بمكيالين، متسائلة عما كان يمنعه من البوح بهذه الأسرار الخطيرة يوم أن كان متمتعا بقوّة السلطان وحجة البرهان، لوكان حقا ما يقول وعنده الأدلة والإثباتات، وهو ما قالته أيضا السيدة قالي محمود غوهاد والدة الفتاة التي رفضت اعتماد الرواية الأخيرة لفهد ياسين حول اختفاء ابنتها، معلنة أنه لوكان حقا ما يزعم لشارك معها يوم لقائها معه لبحث هذه القضية وأعطاها مهلة 16 يوما لاستكمال التحقيقات، لكنه لم يأت لها بنتائج -حسب قولها- حتى هذا اليوم الّذي نقترب فيه من الذّكرى الأولى لاختفاء الفتاة!
يقول محللون إن حوار فهد ياسين يكشف عن موقفه المعارض للنظام الجديد، وبالتالي يحاول استباق الأحداث، حتى يمهّد لأتباعه وللبسطاء، أن أي خيط يتّهم القيادة السابقة لجهاز المخابرات وعلى رأسهم فهد نفسه، ما هي إلّا محاولة من قبيل إبعاد الإدارة الجديدة التهمة عن نفسها، وبالتالي يحاول الطعن مبكّرا في مصداقية أية نتائج تحقيقات متوقعه قد تثبت عكس ما ذهب إليه في تصريحاته الأخيرة التي وصفت بأنها لعب أطفال ومحاولة لتضليل الرأي العام!