حملة “شكرا يا رئيس” .. طمس لوقائع فساد سابقة أم نهب جديد لأموال البسطاء؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 6/06/2022
أطلق أنصار الرئيس السابق وحلفاؤه المقربون -بعد أيام من تسليمه المنصب إلى الرئيس الجديد- حملة لجمع تبرعات مالية له تحت عنوان “شكرا يا رئيس” بهدف بناء منزل فخم في العاصمة مقديشو يليق بالرئيس السابق، مكافأة له على ماوصفوه بـ “حكمه الرشيد”.
ووفقا لتصريحات عبدالرشيد محمد حاشي “دُقا” مدير الإعلام السابق في القصر الرئاسي إبان حكم فرماجو، فإن الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو وافق على هذه المبادرة الهادفة إلى بناء منزل له، وتم استلام أموال هائلة حتى الآن عبر الحساب المخصص لهذه الحملة، غير أن المتحدّث باسم الرئيس السابق، عبدالرشيد حاشي لم يكشف عن المبلغ الرسمي الّذي تم جمعه حتى الآن.
تلقت المبادرة ردود أفعال متباينة وتعليقات مختلفة، غير أن غالبيتها تصب في خانة النقد والانتقاد بسبب مخالفتها للذوق السليم وبما يحيطها من شبهات حول بواعثها الرئيسية، إذ يتساءل المهتمون بها عن الميزة الأساسية التي اختص بها “فرماجو” عن غيره من الرؤساء السابقين حتى استحق هذه الجائزة العظيمة التي تصوّره على أنه “حبيب الملايين” حسبما يروق لمواليه وأنصاره المحيطين به حتى الآن.
عالج المعلّقون القضية من زوايا مختلفة، فيرى بعضهم أن هذه المبادرة ليست إلا محاولة جديدة لطمس حقائق وقائع فساد حدثت في ظل حكم فرماجو الممتد لـ 5 سنوات، والذي شهد أحداث فساد كبيرة، تناولته التقارير الدولية وخاصة فيما يتعلّق بالأموال القطرية التي كانت تُستخدم لانتهاك الدستور الصومالي وفق تعبير الدبلوماسي الأمريكي ستيفن سكوارتز السفير الأمريكي السابق لدى الصومال الّذي قال في تغريدة له في أبريل 20221م: “ إن فهد ياسين ودولة قطر التي تموله قد حولا جهاز المخابرات الوطني الصومالي إلى أداة من الأدوات الأساسية لانتهاك الرئيس فرماجو للدستور الصومالي، وتدمير النظام الديمقراطي في البلاد القائم على التداول السلمي للسلطة، مما أدّى إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وتراجع هيبة الدولة، وتخفيف الضغوط عن حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة وتزايد عزلة نظام فرماجو”
ويؤكّد على هذا ما جاء في مقابلة لقناة هانولاتو الصومالية على اليوتيوب أجرتها مع الضابط الأمني السابق عبدالله نصري -أحد ضحايا الفساد المالي والإداري لنظام فرماجو- الّذي أشار إلى أن جهاز المخابرات في عهد فرماجو دفع إليه أموالا طائلة ليس لها أي وصف أو مسمى قانوني استحق بها، غير كونها أموالا مخصصة لعرقلة الانتخابات الرئاسية في جوبالاند 2019م، والمساهمة في اعتقال أحمد مذوبي رئيس الولاية، مضيفا أن هذه الأموال كانت تتوافر نقدا في مكاتب ومقار إقامة قادة النظام السابق، خوفا عليها من المراقبة والمتابعة المالية الدولية!
ثم إن عدم تقديم نظام فرماجو خلال السنوات الـ 4 الماضية قوائم البيانات المالية لميزانية الدولة الصومالية لمن أهم ما يثير الشبهة حول وقوع وقائع فساد كبيرة، خاصة أن المراجع العام، أصدر أكثر من مرة مخالفات مالية اُرتُكبت خلال عهد فرماجو، وهذا ما يعزّز الرأي القائل بأن هدف هذه الحملة هو محاولة للتستر على جرائم فساد وقعت في عهد فرماجو.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الداعين إلى هذه الحملة يسوّقون لفكرة أن فرماجو نزيه من المال العام، وأنه خرج من القصر صفر اليدين دون أن يدّخر دولارا واحدا، لكن هؤلاء يتناسون أن فرماجو ضاعف راتبه أضعافا مضاعفة فور توليه السلطة في 2017م، حيث رفع من 8 آلاف دولار إلى 60 ألف دولار شهريا، وفق مصادر إعلامية مستقلة، مما يدعو إلى التساؤل عن مصير راتبه فقط طوال السنوات الـ 5 الماضية، وليس له أثر محسوس في أرض الواقع، فكيف لا يكون الآن قادرا على بناء منزل شخصي له بعد خسارته في السباق الرئاسي؟!
هذا، ويرى قطاع آخر من المعلّقين أن هدف الحملة هو محاولة جديدة لنهب أموال البسطاء وإثخان جروح المتضررين بالجفاف، حيث تتزامن هذه الحملة مع جهود القيادة الجديدة في بحث دعم سريع ومساعدات عاجلة للمتضررين بالجفاف، وهنا يقول المحللون لو كان لدى فرماجو ذرّة تعاطف مع هؤلاء المتضررين لكان قد طلب من أنصاره جمع تبرعات لهم بدلا من بناء منزل فخم له، أو قد أجل حملته لحين انكشاف هذه الغمة، فيطلق حينها حملته هذه، غير أنه يأبى إلا الإصرار على جمع هذه الأموال في الوقت الّذي تشهد فيه البلاد أوضاعا إنسانية في غاية المأساوية!