رحلات حسن شيخ محمود الداخلية .. مؤشرات سياسة توافقية تصالحية.
الصومال الجديد
آخر تحديث: 6/06/2022
اختتم حسن شيخ محمود، الرئيس الصومالي الجديد، زياراته الداخلية الأولى في مستهل ولايته الرئاسية الثانية التي وصل فيها إلى كل من مدينتي بيدوا، حاضرة ولاية جنوب غرب الصومال، ودوسمريب، حاضرة ولاية غلمذغ، وسط الصومال.
في الـ ٣١/مايو الماضي/٢٠٢٢م، أي وبعد أسبوعين من إعادة انتخابه رئيسا للصومال في الـ ١٥/مايو/٢٠٢٢م، وصل حسن شيخ محمود، رئيس الصومال، في أولى زياراته خارج العاصمة مقديشو إلى مدينة بيدوا، حاضرة ولاية جنوب غرب الصومال، التقى خلالها بمسؤولي الولاية وشيوخ عشائر المنطقة وأعيانها، إلى جانب زيارته لمخيم أقيم في المدينة لاستقبال النازحين الفارين من آثار الجفاف الذي أصاب هذه المناطق.
وفي الـ٢/يونيو/٢٠٢٢م، وصل حسن شيخ إلى مدينة دوسمريب، حاضرة ولاية غلمذغ وسط الصومال، ثاني محطة لزياراته الداخلية خارج مقديشو.
بعثت هذه الزيارات برسائل ودلالات سياسية وأمنية وإنسانية، حيث كانت تعد هاتان الولايتان في الصف الموالي للرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، فطمأنة للأنظمة القائمة فيها، ومحاولة للوفاء بوعده السابق أمام النواب قبل انتخابه من أنه لن يكون هناك انتقام سياسي في حكمه الجديد، جاءت هذه الزيارات.
وقد يؤكد ما ذهبنا إليه تصريحات الرئيس نفسه في كل من بيدوا ودوسمريب عندما كرر في أكثر من مناسبة أن أعراض السباق والتنافس السياسي قد انتهت بانتخابه، وأن صفحة جديدة من التعاون لا بد من البدء بها بعد طي صفحة الماضي، مما يدل على أن الرئيس الجديد مصمم على تحقيق شعار حملته الانتخابية “صومال متصالح مع نفسه ومع العالم”.
إلى جانب تركيز الرئيس في خطاباته على تحقيق المصالحة الداخلية ومساعدة المتضررين بالجفاف، أكد الرئيس حسن شيخ محمود أيضا على ضرورة توفير استقرار أمني يضمن وصول المساعدات إلى المتأثرين بالجفاف، ولن يتم ذلك – على حد قوله – إلا باسترداد المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب ذات الصلة بتنظيم القاعدة.
إن حاجة الصومال اليوم إلى سياسة داخلية توافقية وتصالحية باتت ضرورية أكثر من أي وقت مضى، بسبب مخلفات العهد السابق الذي انتهج سياسة مبنية على محاباة الموالين وإقصاء المخالفين، مما أوصل البلاد إلى شقاق داخلي أثر على أداء المؤسسات الحكومية والتعاون بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، وبالتالي انعكست هذه السياسة على العلاقات الخارجية الصومالية التي انحصرت في المحورين الإثيوبي الإرتيري، والقطري التركي، وهذا سيحتم على النظام الجديد انتهاج سياسة وسطية تسع الجميع دون إفراط أو تفريط في سيادة الدولة الصومالية وهيبتها القانونية والاستقلالية، وهو ما بدأت بوادره تلوح في الأفق، فهل يتعهدها الرئيس الجديد بالسقاية والرعاية الدائمة أم سيهملها بعد انقشاع نشوة النصر وانتهاء الأجواء الاحتفالية؟ هذا ما ستكتشفه الأحداث في مقبل الأيام مع التمني بالتوفيق والسداد للقيادة الجديدة.
هذا، ويمهد التوافق السياسي الداخلي لسياسة خارجية رشيدة تكسب الأصدقاء والأشقاء وتصفر أو تقلل الخصوم والأعداء، إذ إن الوضع القائم حاليا في البلاد لا يسمح بخوض صراعات إقليمية ونزاعات دولية لا طائل له منها، ولا يعني ذلك التنازل عن جزء من السيادة الوطنية، وإنما يعني ذلك الدعوة إلى تبني نهج دبلوماسي حصيف يحفظ للصومال كرامته وسيادته، والرئيس حسن شيخ محمود مجرب في هذا المجال في ولايته الرئاسية الأولى التي ازدهرت فيها العلاقات الصومالية الخارجية، غير أن النظام الذي خلفه في الحكم لم يستطع المحافظة على التوازن السياسي في التعامل مع أطراف عدة، مما أدى إلى تدهور علاقاته الخارجية سواء في المحيطين العربي والإقليمي!