مقابلة مع المرشح الرئاسي عمر عبدالقادر أحمد فقي
الصومال الجديد
آخر تحديث: 13/04/2022
مرحبا بك أيّها السيد في البداية بمؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية. يسرّنا أن نزور في مقر إقامته، المرشح الرئاسي عمر عبدالقادر أحمد فقي الّذي أتاح لنا فرصة لإجراء هذا الحوار معه.
سؤالي الأولّ هو: إن المجتمع عند سماعه بأن فلانا مرشح رئاسي، يتساءل عن شخصيته فهل لك أن تقدم إلينا نبذة موجزة عن سيرتك الذاتية؟
بسم الله الرّحمن الرحيم. شكرا جزيلا للصومال الجديد. وأشكركم على زيارتكم لنا في مكتبنا. اسمي عمر عبدالقادر أحمد فقي. من مواليد غالكعيو عام 1960م. تلقيت جميع مراحلي التّعليمية بدءا من الابتدائية والإعدادية إلى الجامعة في مدينة مقديشو. ثم سافرت عام 1982م إلى كندا، وأقمت فيها حوالي 20 عاما. تخصصت في العلوم الصحية وخاصة قسم المناعة والطب الجزيئيMolecular Medicine and Immunology. وعملت فترة طويلة في مجال البحث العلمي، وخاصة فيما يتعلّق بالاضطرابات الوراثية Genetic Disorders. عدت إلى البلاد أواخر عام 2000م، ومكثت داخل البلاد في الـ 22 سنة الأخيرة، وغالبا ما عملت في مجال التّجارة، حيث أسست شركات تجارية تنشط حتى الآن في البلاد. وبعد فترة طويلة قرّرت الانخراط في السياسة وذلك بسبب طول الأزمة الصومالية مع غياب الحكم الرشيد والقيادة الرّشيدة، وغياب من يخرج البلاد من المرحلة الحرجة التي تمرّ بها، ولذا فإني أعتقد أن اليوم هو الوقت المناسب للسعي إلى تولي مقاليد الأمور في هذا البلاد وإحداث تغيير فيها، نظرا لمستواي العُمري وخبراتي السياسية وتصوّراتي عن النظام الحكومي ورؤيتي المستقبلية!
طيّب، طالما أنت مرشح لرئاسة البلاد، كيف تقيم الوضع السياسي والأمني في الصومال؟
سؤال مهم جدّا، إن السياسة القائمة اليوم في البلاد سياسة غير منظمة وغير مستقرّة، مع غياب استقرار النظام الحكومي والقيادة الرّشيدة، إلى جانب الخلافات والنزاعات السياسية الطويلة بين القوى السياسية التي كان من المفروض أن تقود البلاد نحو الوحدة والتّضامن الاجتماعي والاستقرار السياسي والأمني، وهذا كلّه بسبب سوء استغلال سلطات الدولة وصلاحياتها الّذي أصبح ثقافة متجذّرة تمارسها المجموعة الحاكمة، فتصرّف سلطات واقتصاد البلاد حسب هواها بدون حسيب ولا رقيب! تقلّد في ذلك سلوكيات الحكومات السابقة، إذ إنّه لم يتم طي صفحة هذه الثقافة بحيث لم تصل إلى السلطة حتى الآن المجموعة التي تبتعد عن هذه الثقافة والسلوكيات السلبية، وبطبيعة الحال فإن الأمن مرتبط باستقرار سياسي وحكم رشيد وإعداد الشعب للحفاظ على أمنه وبناء المؤسسات الأمنية ورفع كفاءاتها وتجهيزها حتى تكون قادرة على حفظ الأمن، وعليه فإن كل ما يرتبط بالاستقرار الأمني ليس مُعدّا أو جاهزا، ولذا فإن سوء الإدارة السياسة وعدم الاستقرار يؤدّيان إلى زوال المؤسسات الأمنية أو ضعفها وبالتالي ليس هناك وضع أمني يمكن التنعم به، ولن يكون هنا حل للمشاكل الأمنية حتى مجيء دولة ذات قيادة راشدة.
تشهد البلاد انتخابات نيابية، حيث تم انتخاب النواب في مدن أو ولايات إقليمية مختلفة، وهي مشرفة على الانتهاء، وبقي منها انتخاب عدد محدود، برأيك هل اتسمت الانتخابات بالنزاهة والشفافية أم لا؟
لا، لا يمكن تسمية ما جرى في البلاد بانتخابات بنسبة 100% ، فقد كانت الانتخابات في البداية انتخابات توافقية غير مباشرة، ومخالفة للإجراءات الانتخابية العامة المعروفة عالميا التي يصوّت فيها الشعب (صوت واحد لشخص واحد)، علاوة على ذلك لم يتم اتباع الإجراءات الانتخابية المتفق عليها والمتمثلة في انتخاب العشيرة لممثليها في البرلمان عن طريق تعيين مندوبيها المصوتين للمتنافسين على كرسي العشيرة، إن ما حدث هو شيء مؤسف للغاية وسلوك جديد لم يسبق له مثيل في تاريخ الصومال، ويمكن وصفه بأسوء انتخابات على مرّ التاريخ الصومالي، حيث اختار رؤساء الولايات الإقليمية بشكل خاص الأشخاص الّذين يعتقدون أنهم سيصوّتون لصالحهم إذا خاضوا السباق أو سيصوّتون لأصدقائهم. إن ما حدث في الصومال ليس بانتخابات، وإنّما هو ظلم وإحجاف ونهب وإساءة للشّعب الصومالي، لكن لم يكن هناك خيار آخر ، فقبل الشّعب ذلك مرغما، على أمل وجود تغيير ما طالما فشل تحقيق التغيير الحقيقي والمنشود، لكن لم تشهد البلاد انتخابات حقيقية!
أبديت لنا انتقادك لطريقة إجراء الانتخابات النيابية، واستشعارك لغياب الشفافية والنزاهة فيها، الآن بدأ النواب المنتخبون الحصول على شهادات وبطاقات العضوية النيابية، لكن حكومة ولاية جنوب الغرب قاطعت العملية الجارية، بحجة وجود شكاوى لها، إذا كيف ترى وما ذا تريد حكومة ولاية جنوب الغرب التي تدفع النواب نحو هذا القرار؟
أوّلا، تشتكي حكومة ولاية جنوب الغرب من رفـض اللجنة الانتخابية الفيدرالية منح شهادات العضوية لـ 3 من النواب الّذين تم انتخابهم في هذه الولاية، من بينهم الفائز بمقعد مشهور كان يشغله البروفسور جواري الرئيس السابق لمجلس الشّعب بالبرلمان الفيدرالي الّذي مُنع من خوض السباق نحو هذا المقعد، فلكون الممنوع من السباق شخصية مشهورة، كان هذا المقعد من المقاعد النيابية المعلّقة. لذا وانطلاقا من اعتقاد المسؤولين في جنوب الغرب بأنه ليس هناك أحد يستطيع منع النواب الذين اختاروهم من العضوية في البرلمان اختاروهم، لجأوا إلى النواب الّذين تم انتخابهم في ولايتهم لاتخاذهم وسيلة ضغط لقبول هذه المقاعد في مجلس الشعب، لذا فإنّي أعتقد أنهم يريدون فقط الضغط على بعض الأطراف لقبول نتائج المقاعد الثلاثة. لكن من سوء الحظ أن يأتمر نواب فيدراليون بأوامر إدارة ولاية إقليمية، فيمتنعوا هم أو يمنعوا من استكمال إجراءات عضويتهم النيابية بالحصول على الشهادات وبطاقات العضوية النيابية، والمشاركة في الـ 14 من الشهر الجاري في أداء القسم الدّستوري! ثم إن النواب المنتخبين في بونتلاند وجوبالاند يخضعون أيضا للمراقبة من قبل إدارات ولاياتهم الإقليمية بحيث تم توجيههم بالذهاب إلى العاصمة لاستلام الشهادات والبطاقات والعودة بشكل سريع إلى الولاية. في الحقيقة يبدو أن هناك سلوكا جديدا يشي بأن النواب الجدد مسلوبو الحرّية، تديرهم الولايات الإقليمية من الوراء كأنهم نواب ولاية إقليمية وليسوا نوابا على مستوى الوطن، وهذا أمر خطير. يجب أن يكون النواب نوابا وطنيين قادرين على القيام بأداء أدوارهم التمثيلية للشّعب الصومالي ومصالح العباد والبلاد، لذا أدعو حل قضية المقاعد الثلاثة المعلقة على حدة، واستكمال النواب الآخرين المنتخبين في ولاية جنوب الغرب إجراءات عضوية البرلمان.
برأيك ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها النائب الصومالي الذي يريد أن يمثل شعبه بصفة كاملة؟
بطبيعة الحال، يجب على النّائب الوطني أن تكون لديه رؤية وطنية، وبعد انتخابه نائبا يتحتم عليها المساهمة في تصحيح مسار الوطن، وتحمّل مسؤولياته الوطنية بعيدا عن تأثيرات الإدارات الإقليمية والبحث بطريقة جادة عن الشخصية المناسبة لقيادة البلاد بأن يسأل نفسه: من يُنتخب لهذه البلاد؟ من يكلّف بحفظ أمانة هذه الأمة؟ من يتبنى الرؤية الصحيحة لإحداث تغيير في هذا البلاد؟ من هو العدوّ الّذي تجب حماية البلاد منه ؟ فكل ما نريده هو: 1. أن يكون النائب مستقلا، 2. أن يكون قادرا على تحمّل المسؤولية، ولديه القدرة على أخذ جميع الاعتبارات وإجراء لقاءات ونقاشات مع جميع المرشحين لانتخاب أمثلهم، وأن تكون لديه الشخصية الصحيحة،على الرغم من كونه جاء عن طريق انتخابات غير مباشرة، إلّا أن ذلك لا يعطيه مبررا في التقاعس عن أداء واجباته الوطنية، بل عليه أن يتحرّر من الخوف ومن تأثيرات الآخرين، إذ قدّر الله له أن يكون ضمن النواب الـ 329، الّذين سينتخبون الرئيس الصومالي الّذي يقود البلاد خلال السنوات الأربع الآتية!
بما أنك مرشح رئاسي هل بإمكانك أن تتقدّم بشيء من برنامجك السياسي الذي تريد تطبيقه على أرض الواقع، في حال فوزك بالانتخابات الرئاسية المرتقبة؟
جيّد! هذا سؤال مهم، أعتقد أن بلادنا مرت خلال الـ 60 سنة الماضية بمراحل من الخلاف والانهيار والدّيكتاتورية وانعدام الأمن والاستقرار، والحروب الأهلية وانتشار القتل والاقتتال بين زعماء حرب وتنظيمات وحركات دينية، ولسوء الحظّ كانت البلاد تسير في اتجاه خاطئ على مدى الـ 60 سنة الماضية، بسبب سوء القيادة، وأعتقد بأنه إذا صلحت القيادة صلحت البلاد، وأعتقد بأنني اليوم الأنسب والأفضل والأحسن فكرة ورؤية من بين المرشحين لتولّي مقاليد إدارة البلاد، وأكثرهم خبرة بما جرى فيها ، وعليه فإني أؤمن بالدولة القائمة على المواطنة التي تحافظ على حقوق المواطن وحرّياته، وتضمن له الاعتماد على رؤيته ومعرفته دون أن يكون ضيفا على أحد، ويفيد من خبراته ومقدراته لبلاده ولنفسه. أعتقد أن الدولة التي نحتاجها هي تلك القادرة على حفظ أرواح المواطنين وأعراضهم وأموالهم، التي تستطيع حماية شعبها وحدوده وثرواته، وتوفر الخدمات الحكومية الأساسية، هي تلك الدولة التي ستنمي هذه الثّروات التي حباها الله بلادنا، والتي لم يتم استغلالها إلى الآن. ولتحقيق هذه النوعية من الدّولة لا بدّ من وضع قوانين الدولة كبند أساسي، وفي مقدّمتها المصادقة على الدّستور واستكماله وتنقيحه، إذ إن الأساس في السلوك الحكومي احترام ما اتفقت عليه الأمة والدّستور هو ما تصالحت عليه الأمة، وأصل خلافاتنا الكثيرة هو عدم احترام الاتفاقيات والعقود، فيكون الرّئيس بعد وصوله إلى الحكم هو القانون والدّستور، وأعتقد ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية فيما تم الاتفاق عليه من تعيين وتحديد لصلاحيات الولاية الإقليمية وسلطات الحكومة المركزية واستكمالها، كلّ هذا من أجنداتنا الأولى والثّانية. واحترام أدوار كل طرف فيما تم الاتّفاق عليه، بمعنى أن لا ينازع الرئيس رؤساء الولايات الإقليمية فيما منحهم الدّستور والقانون من سلطات وصلاحيات، ولكي تكتمل هذه القوانين فإنيّ أعتقد أنه لا بد من وجود محكمة عليا أو محكمة دستورية تفصل في القضايا الخلافية ذات الصلة بالقوانين، تكون لها الكلمة الأخيرة، فذلك ضمن أولوياتنا، فإذا تم وضع القوانين فسيعني ذلك استكمال الإجراءات الممكنة من النظام الحكومي، فإنه سيأتي في المرتبة الثانية تصحيح النهج السياسي لإدارة البلاد، حيث إن النظام السائد اليوم في البلاد هو ذلك القائم على نظام المحاصصة القبلية والمعروف بـ 4,5، وأرى أن هذا النّظام نظام قبلي وهو نظام غير صالح للوصول إلى الدّولة المعاصرة وأنه يجب الانتقال منه، وسنعمل إذا تقلّدنا زمام الأمور في البلاد على الانتقال إلى نظام ديمقراطي ينتخب فيه الشعب جميع مسؤوليه في أعلى الهرم وأدناه من المجلس المحلي إلى الرئيس، فترجع ملكية الدّولة إلى الشعب، الذي سيحاسب سياسييه الكاذب منهم والناقض للعهد فيمنعهم غدا من أصواته، ينبغي أن يكون هذا النظام برنامجا سياسيا قاعدته الأساسية خدمة اجتماعية، نعتقد أن نظام العدالة والقضاء في البلاد منحرف جدا منذ الثورة العسكرية التي غيرت نظام العدالة في عهد الدولة الدّيمقراطية في الصومال، ويقوم شيوخ العشائر وأعيان القبائل بفصل 99% من القضايا النزاعية بين أبناء الشّعب الصومالي، لأن النظام المتبع في المحاكم فاسد وقائم على الرّشوة ولا يوجد أدنى مستوى من العدالة! لذا فإننا نريد إعادة تصحيح النظام القضائي في البلاد، ونعتزم ضم قضاة لهم معرفة بالشّريعة الإسلامية ويفصلون في القضايا النزاعية بين أبناء الشّعب إلى ذلك النظام، وكذلك ضم النظام القضائي التقليدي لدى الشعب الصومالي إليه، لأنه إذا جُرح شخصا ما ولزم القصاص، فلا بدّ من جهة تحدّد قيمة القصاص ومستواها، وتلك من مهام علماء الشريعة الإسلامية، وهنا لا بد من وجود قاض عارف بالشريعة الإسلامية، فمثلا إذا فُرض على شخص دفع دية أو تعويض بمقدار 10 ناقة فمن يدفع هذه القيمة؟ الدّولة أم أهالي الجاني؟ لذا من الضروري أن يكون النظام العدلي والقضائي مكتملا. وإذا تقرّر سجن الشخص ومعاقبته يجب أن تكون واضحا الجهات والنظام الذي ينفذ هذه الأحكام، لذا فإنا نريد أن تكون هذه الجهات الثلاثة متعاونة ومشاركة في النظام القضائي للبلاد، كما نودّ أن نحدث تغييرا في النظام الحكومي القائم حاليا سواء من حيث الهيكل البنائي أو من حيث النّهج الإداري اللذين لم يتم إجراء تعديل فيهما منذ الثورة العسكرية، مما يحتم علينا الانتقال منه، فمثلا نعيش اليوم في مديرية عبدالعزيز، ماذا يقدّم لنا رئيس المديرية ؟ لا شيء! فليس مسؤولا عن الصحة والتعليم والطرق والخدمات الأخرى كالكهرباء والمياه والأمن! فماذا يفعل؟! لا يفعل شيئا! أن يكون لنا اليوم رئيس محافظة بنادر للشؤون السياسية إساءة! إذ إن وظيفة البلديات ومهامها هي خدمة المجتمع، إذا قرر اليوم فتى وفتاة الزواج فيما بينهما فليس هناك مكتب لاستخراج شهادة الزّواج، لكن هناك المئات من المناصب الزائفة التي لا تفيد لأمة تم استنساخها من النظام الثوري السابق، لذا لا بدّ من إصلاح النظام الحكومي، هناك وزارات تخصص لها ميزانية، ويمكن الاستغناء عنها لكونها عديمة الفائدة لهذا المجتمع، بينما تغيب مؤسسات وهيئات كان من الضروري خلقها وإنشاؤها، وذلك بسبب التقليد الأعمى فقط، فلذلك لا بد من أن تساءل، فماذا نريد؟ وماذا نحتاج إليه؟ وما هو التغيّر الّذي طرأ على هذا المجتمع؟ لذا لا بدّ من أن يتماشى النظام الحكومي والنهج الإداري في كل حين مع التغيّرات التي تحدث في المجتمع وأن يكون قائما على احتياجاته ومطالبه، وما الدّولة إلاّ توفير الخدمات للشّعب، لكن ليس من الممكن استمرار دفع الرواتب لأفراد باسم مناصب زائفة دون تقديم خدمات للشّعب، وعليه فلا بدّ من فهم عميق للنظام الحكومي وسيادة القانون، فإذا لم يفعّل القانون فلا يثق الشعب بالنظام الحكومي، كما لا يثق المجتمع الدولي فينا، لذا كان لزاما الوصول إلى مستوى من السيادة القانونية الّذي بدونه يكون النظام الحكومي غير فعال، وللوصول إلى هذا المستوى نحتاج إلى القيادة الحكيمة الرشيدة الّتي لديها ذلك التصوّر والإخلاص والرّؤية البعيدة، ولها القدرة على إحداث تغيير أساسي قائم على توفير الخدمات للشّعب وإحداث تغيير في سبل حياته وتطويره، ولدينا خطة خاصة ومدروسة لكل برنامج، فلو أخذنا التعليم مثلا، فإننا نخطط لتوفير تعليم مجاني وخاصة في المدارس الأساسية، لكن بالتدرج، وأولى الخطوات لذلك هي دفع الحكومة حوالي 50% من الرسومات التي يدفعها الطالب للمدرسة في المرحلة الأولى، أما الحالة التالية فهي دفع رواتب المعلمين لكي يرتفع عدد الطلاب القادرين على الالتحاق بالمدارس، حيث إنه من المحتمل أن حوالي 20% فقط من أطفال محافظة بنادر الّذين هم في سن الدّراسة هم الّذين يلتحقون بالمدارس فنهدف إلى رفع هذه النسبة إلى 50% في السنوات الـ 3 الأولى، فنغيّر طريقة ونظام الرسومات التي يدفعونها فتدعم الحكومة من ميزانيتها النظام التّعليمي في المدارس الحكومية ، أما المدارس الأهلية الخاصة فلها شأن آخر، أما المدارس الحكومية فإنه يتحتم علينا أن ندعمها بالأموال أو أن ندفع رواتب المعلّمين ونقوم برفع جودة التعليم فيها وإصلاح منهجها التّعليمي وصرفه إلى الولايات الإقليمية؛ إذ إننا نريد صرف معظم الخدمات إلى الولايات الإقليمية، ويقتصر دور الحكومة على التقنين والإشراف والمحافظة عليها والتمويل، لذا لدينا خطة واسعة نهدف من خلالها إلى توفير برامج تمويلية للشّباب والعمل على طرق تطوير الثروات التي حبانا الله، والبحث عن تمويل لتنمية البنى التّحتية مثل الكهرباء والمياه والطرق وتحديث الموانئ والمطارات حتى تكون قابلة للاستخدام الدولي وحتى لا تكون متخلفة عن الركب الدولي حوالي 30 أو 40 سنة. فلدينا رؤى كثيرة لإحداث تغيير من حالة الفشل والدولة الفئوية أو القبلية أو الشخصية في هذه البلاد والانتقال إلى دولة يملكها الشعب بإذن الله.
حدّثتنا عن السياسة والخدمات فماذا عن خططك تجاه الأمن؟
الأمن جزء من الخدمات الاجتماعية، وإذا نظرت بشكل عام إلى الأوضاع الأمنية في البلاد، فستجد اختلافا وتفاوتا في المستويات، حيث تتمتع بعض المناطق بمستوى متوسط من الأمن، والبعض الآخر بمستوى جيد، بينما تعيش مناطق أخرى في مستويات أمنية متدنية، خاصة الأقاليم الجنوبية بدءا من إقليم هيران حتى الحدود الكينية الصومالية حيث يسوء فيها الأمن بنسبة 100% أو 99 أو 98%، وذلك بسبب عدم جدّية الحكومات المتعاقبة في حكم هذه المناطق وعدم إخلاصها في العمل على استتاب الأمن، بحيث كانوا يولون الاهتمام لمصالحهم الخاصة والانشغال بالبقاء في مناصبهم بدل العمل على تعزيز الأمن. أما نحن فنعتقد أن الأمن أولى مهامنا التي نسعى إلى تحقيق إنجازات فيها، ونريد صرف 40% من ميزانية الدّولة إلى الأمن، ولكي نحقق تقدّما في الأمن لا بدّ من إجراء دراسات لمعرفة ماهية عدونا ومن نحارب وماذا يستخدم وما هي لوجستياته، ومن أين يأتي الوقود والأموال والاتصالات الّتي يستخدمها؟ فنعدّ حزمة شاملة وخطة متكاملة ليس الجندي فيها فقط هو من يُحافظ على الأمن! لذلك لا بد من طرح أسئلة حول ماذا تحتاج إليه المؤسسات الأمنية؟ هل تتوفر لديها التدريبات والعتاد والخدمات اللازمة؟ سنرفع من أجور رواتب الجندي ليصل راتب أدنى جندي بسيط إلى 500 دولار أمريكي، إذ إن من خططنا أن يكون الجنود والمعلمون من ذوي الرواتب العالية في ظل حكمنا، لئلا يقلق الجندي على أطفاله. نريد أن نبني مستشفا خاصا للجيش الوطني، وإعطاء الأولوية للمصابين والجرحى، ومعالجتهم وأسرهم في ذلك المستشفى، ونوفر للجنود التدريب والأجهزة التي يحتاجون إليها، لدينا نسبة كبيرة من الشباب تقدّر بـ 70% من السكان، يجب توجيههم، بحيث تكون خطط توجيهم وتدريبهم على دفاع وطنهم جاهزة، لكنهم بحاجة إلى نظام عادل يكفل لهم حقوقهم ومستواهم المعيشي المناسب لهم ولذويهم، ونودّ إجراء تمويل جاد في هذا المجال، إلى جانب المخطط المتكامل الّذي يشمل على جميع الجوانب. في الحقيقة نريد استتاب الوضع الأمني وخاصة في العاصمة مقديشو ونواحيها من إقليمي شبيلي السفلى والوسطى، في السنة الأولى من حكمنا بإذن الله، ولدينا خطة واسعة إزاءه. ثم ننظر بعد ذلك فيما تبقى من المشاكل المتمثلة في النظام غير العادل؛ إذ تتم الترقيات ومنح الرتب العسكرية بطرق سياسية وقبلية وليس هناك فرص متكافئة لجميع أفراد الجيش، كما لا توجد خطة لتوجيه الجيش، أما هذه الفرق من الجيش والشرطة بأسمائها المختلفة مثل الفهود (هرمعد)، والصقور (غورغور)، والصاعقة (دنب)، ما هم إلاّ جنود تابعون لسياسيين جهّزوهم لقمع الشعب كي يبقوا في السلطة، وليست قوات مجهّزة لحفظ الأمن ومحاربة عدوّ البلاد، لذلك فإننا سنعيد إصلاح كلّ هذا ولن يكون هناك جيش مسيس أو تابع للسياسة. إن جهاز المخابرات الأمن القومي قائم على رؤية النظام العسكري البائد، لذا سوف نقوم بإصلاحه، لأن النظام العسكري البائد أسس هذا الجهاز لمواجهة السياسيين المعارضين له، أما نحن فلسنا بحاجة إلى محاربة مخالفينا في السياسة، لذا علينا أن أن نجري فيه تعديلات نقوم بتصحيح الخطة الحقيقية التي قام عليها الجهاز أول الأمر ونصلحه، حتى يكون جهازا يرعى الأمن القومي ولا ينشغل بأفكار الشعب وآرائه السياسية، بحيث لا يستطيع الجهاز اعتقال شخص ما دون مسوغ قانوني، وعليه فإننا وضعنا مخططا واسعا تجاه هذا الجهاز، نتمنى أن ننجح في تنفيذه إن شاء الله.
من الانتقادات الموجّهة لهذه الحكومة سياسيتها للشؤون الخارجية، حيث طردت من هذه البلاد المبعوث الأممي إلى جانب أخطاء عديدة في السياسة الخارجية بحيث تدهورت علاقات الصومال مع عدد من الدول، مما يكشف عن تغيّر شديد في السياسة الخارجية الصومالية خلال السنوات الـ 4 الماضية، ما هي خططكم نحو السياسة الخارجية؟
صحيح ما تفضلت به، إذ ساءت علاقات الصومال مع دول عديدة كانت تربطها معها ثقافات ومصالح متعدّدة على الصعيد الشعبي والتّجاري والسياسي، غير أن الرئيس المنتهية ولايته أحدث خلال السنوات الأربعة الماضية تغييرات في هذه العلاقات، أثرت بشكل مباشر على العلاقات بين الطرفين بدون أن تكون لديه خطة حقيقية بديلة ، ولكن انطلاقا من المبدأ السياسي القائل “هذا لا يتوافق مع رغباتي”، وبطبيعة الحال فإن السياسة الخارجية انعكاس للسياسة الدّاخلية، فإذا لم يكن لديك برنامج سياسي داخلي من الصعب تحديد خطة سياسية خارجية، وفي الحقيقة لم يكن لدى الحكومة المنتهية ولايتها خطة سياسية داخلية تكون معيارا للسياسة الخارجية، غير سياسة محاربة الآخر مثل أن علّانا رفض قراراتي وأن فلانا ليس صديقي، وهكذا، إذا فنحن سنغيّر هذه القضية باستعادة علاقاتنا الثقافية والاقتصادية والاجتماعية مع الدول، ونظرا للمرحلة التي تمر بها الدّولة الصومالية فإنها بحاجة إلى أصدقاء كثر يساعدونها في عمليات إعادة بناء البلاد والاستثمار فيها، وكلما كانت علاقتنا مع أي دولة أقرب، كلما كان استعادة علاقاتنا الثنائية أسهل ، وهناك دول معروفة ونرتبط معها ثقافيا واجتماعيا. إذا فإننا سنحدّد أولا سياستنا الداخلية، ثم نبني عليها سياستنا الخارجية مع التّركيز على الجهات التي تهتم بها خططنا الداخلية للوصول إليها … ما هي الجهات التي لا نستغني عنها؟ من يجب أن تكوّن معه علاقاتنا؟ من نرحب به؟ ما هي خططنا الأخرى؟ ، في الحقيقة كانت السياسية الخارجية لهذه الحكومة سياسية عمياء قد تكون فيها تأثير من جهات خارجية مثل إثيوبيا وستكون رؤيتنا مختلفة.
كما نعلم جميعا، أشرفت الانتخابات النيابية على الانتهاء ويتوقع منح البطاقات لجميع النواب ومن ثم تأدية اليمين الدّستورية، برأيك هل من الممكن إجراء انتخابات رئاسة البرلمان والانتخابات الرّئاسية داخل البلاد بسلام وبدون أي عقبات انطلاقا من تقييمك للوضع الحالي؟
لا تبدو لي مخاوف بعدم إمكانية تنفيذ الانتخابات، وأعتقد أنه من الضروري واحتراما لكرامتنا وسيادتنا إجراء انتخابات رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية داخل البلاد، ولا يمكن نقلها إلى مكان آخر، ولا أرى الآن عقبات قد تعيق هذه الخطوة، قد يكون هناك تنبؤات بإمكانية عرقلتها وحدوث أشياء سلبية، لكن من المستحيل أن تحول دون إجراء الانتخابات وخاصة في هذا الظرف نظرا لوجود قوات وطنية وقوات أجنبية قادرة على تأمين الانتخابات إلى جانب استعداد الشعب لحدوث تغيير سياسي، لذا أتمنى كما جرت به العادة ان تتم العملية داخل البلاد في جو من الأمن والاستقرار دون حدوث مواجهات ومعارك وليس لدي كثير خوف في ذلك.
أخيرا، ما هي توصياتك للشعب الصومالي بشكل عام وإلى السياسيين والنواب المنتخبين والمرشحين الرئاسيين بشكل خاص؟
رسالتي إلى الشعب الصومالي هي: كنا ننتظر مدّة طويلة لعودة الدولة الفاعلة، كما أمضينا فترة طويلة في هذه المأسي والظروف الصعبة. إننا اليوم في ساعة التّغيير، نقول اليوم أيّدوا التغيير والرأي والفكر الصحيح، ادعموا بشكل حقيقي القائد الجديد صاحب الرّؤية الصحيحة عمر عبدالقادر أحمد فقي، الّذي نحسبه يختلف عن جميع من سبقوه، لا ينفع البلاد اليوم من أفشلونا والّذين خبرناهم والأفكار والجماعات التي رأيناها سابقا. وأقول للنواب: طالما قدّر الله لكم أن تكونوا ضمن الـ 329 نائبا الّذين سيقررون من سيُؤتمن على مصير ومستقبل هذه الأمة خلال السنوات الأربعة القادمة، فإن عليكم مسؤولية خاصة، وما تحملونه هي أصوات الشعب العاجز الذي تمثلونه، وآتاك الله هذا المنصب بفضل منه لانتمائك إلى عشيرتك التي منحتك الثقة، لذلك، فالمطلوب منكم انتخاب من يؤتمن على مصير من تمثلهم في البرلمان والّذين قد تصل أعدادهم إلى مئات الآلاف منهم من يعاني من انعدام المياه والجفاف والقحط وعدم توفر الخدمات الصحية والتعليمية ، فإذا لم تنتخب اليوم القيادة الحكيمة والرشيدة فلن يكون معنى لعضويتك في البرلمان ولن تحقّق تقدّما، ولن تقدّم نفعا لدائرتك الانتخابية، فلكي يكون لك نفع ومصير سياسي وتقدّم نفعا لدائرتك الانتخابية لا بد من: ا- المشاركة بدورك وبعد إجالة النظر في انتخاب القائد الحكيم الّذي سيؤتمن على مستقبل هذه البلاد خلال السنوات الأربعة الآتية، نقول لك اليوم: يجب أن لا نعود إلى الوراء وإلى ما رأيناه من تجارب الفاشلين السابقين، وإلى التنظيمات والمجموعات التي رأيناها وزعماء الفصائل والحركات الدينية وكوادر الثورة، وإن القائد الجديد القائم اليوم لهذه الرؤية هو عمر عبدالقادر أحمد فقي، فصوّت له. أما الفريق الثالث المرشحين فأقول: إن المرشحين كثر، بدليل أني أطلعت في يوم قريب على قائمة فيها أسماء 40 مرشّحا رئاسيا، لكن أعتقد أن جميعهم ليسو جادين في الترشح، ربما لا يتعدى الجادون ـ 10 مرشحين، سيذهبون إلى المراحل النهائية ويسجلون أنفسهم ويدفعون رسومات التّسجيل، ومع ذلك فأنا أدعو إلى تعاون المرشحين على إزاحة محمد عبدالله فرماجو من المشهد، لأن البلاد دخلت خلال سنوات حكمه الأربعة بالإضافة إلى عام إضافي قضاه في السلطة بدون صفة دستورية في نزاعات وخلافات مستمرة لأنّه ديكتاتور لا يؤمن بتعايش الجميع تحت القانون والدّستور، لذا لا بدّ من أن تكون المسؤولية الأولى للمرشّحين إزاحة هذا الرجل والتّعاون على ذلك، حقيقة إنني الآن لست عضوا في مجلس اتحاد المرشّحين لاختلافي معهم في الرؤية السياسية، وأعتقد بأنني أختلف عنهم فكريا ، لكن القرار الأخير للنواب ومع ذلك أقول دعونا نتعاون فيما يمكن تعاوننا فيه، وأما فيما نختلف فيه فيعرف كل شخص كيف يوصل رأيه وفكره إلى الناخبين.
شكرا جزيلا ، نشكرك على حسن استقبالنا في مكتبك والسماح لنا بإجراء هذه المقابلة