تجزئة الانتخابات البرلمانية في الصومال .. الأسباب والدلالات
الصومال الجديد
آخر تحديث: 20/11/2021
انطلقت الفعاليات الانتخابية بشكل رسمي في ال ٢٩/يوليو/٢٠٢١م، عندما انتخب في مدينة كسمايو العاصمة المؤقتة لجوبالاند أولى ٤ مقاعد تمثل ولاية جوبالاند جنوب الصومال في مجلس الشيوخ بالبرلمان الفيدرالي الحادي عشر القادم.
وبين انطلاقة انتخابات أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عدده ٥٤ عضوا، فقط، وانتهائها، مسيرة ٣ أشهر ونيفا، إذ تم انتخاب آخر عضو من أعضائه بمدينة طوسمريب حاضرة ولاية غلمذغ في الـ ١٣/نوفمبر/٢٠٢١م.
يلاحظ أن هذه الانتخابات استغرقت وقتا أطول من الزمن المخصص لها في الجداول الانتخابية الصادرة في أوقات مختلفة، مما ساهم أيضا في إحداث مزيد من التأخير في اكتمال إجراءات العملية الانتخابية.
وبعد اكتمال انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، كان البعض يعتقد أنه سيتم الشروع مباشرة في انتخابات مجلس الشعب تفاديا لحدوث مزيد من التأخر، غير أن ذلك لم يغير عن الوضع شيئا، إذ إنه وبعد مرور أسبوع تقريبا على اكتمال تشكيل مجلس الشيوخ، لم تبدأ الولايات الإقليمية الإجراءات الانتخابية لأعضاء مجلس الشعب الجديد في البرلمان الفيدرالي الحادي عشر، إذ إنه لم يتم حتى الآن انتخاب أكثر من نائبين منحدرين من صوماليلاند تم انتخابهما في مقديشو في الـ ١/نوفمبر/٢٠٢١م.
وما عدا ذلك، فالإجراءات المتخذة عند ولايتي غلمذغ وجنوب غرب الصومال، وممثلي صوماليلاند حتى الآن، لا تتعدى الإعلان عن المقاعد الأولى التي سيتنافس عليها المرشحون، دون الكشف عن الإجراءات العملية والخطوات الزمنية المحددة لإجراء انتخابات هذه المقاعد.
أما ولايات بونتلاند، جوبالاند، وهيرشبيلي، فلم تتخذ حتى الآن، أية إجراءات ملحوظة نحو انتخابات مجلس الشعب، وإن كان رئيسي بونتلاند وجوبالاند قد التقيا في غرووي قبل أيام وتباحثا قضايا متعلقة بالانتخابات، لكن نتائج هذه اللقاءات لم تغير شيئا عن الوضع الانتخابي في ولايتيهما.
أثارت العشوائية في إجراء الانتخابات وتجزئة تقديم المقاعد المتنافس عليها بدون اتباع جدول زمني واضح ومتفق عليه من جميع الولايات الإقليمية، تساؤلا في الأوساط المحلية والدولية المعنية بالانتخابات، وذلك بغرض التعرف على العوامل التي تفرض مثل هذا الواقع الانتخابي، والنتائج الذي قد يسفر عنه.
وبناء على ذلك، كثرت الشكوك والمخاوف حول رغبة المتحكمين في سير الأعمال الانتخابية على المستويين الفيدرالي والإقليمي، في تحقيق مصالحهما السياسية الخاصة عبر هذا الواقع الانتخابي العشوائي فنما بذلك اعتقاد راسخ يقول بأن العشوائية بحد ذاتها هدف لبعض رؤساء الولايات الإقليمية الذين رأوا في الانتخابات بأنها موسم لجمع الأموال والتبرعات من الدول المانحة، ومن المرشحين، أو لتحقيق مكاسب سياسية، ولكي يحصل هؤلاء على كثير من الأموال قاموا بتجزئة الانتخابات وعشوائيتها، لكي تتحين بين الفينة والأخرى فرصة للاقتناص والاصطياد، ووضع الشروط على المرشحين فمن أوفى بالشروط التي تخدم مصالحهم، تم تقديمه، ومن لم يستوف تم استبعاده، كما حدث في معظم انتخابات أعضاء مجلس الشيوخ المشكل قريبا!
لكن، في المقابل، هناك من يرى أن العشوائية والتجزئة في الانتخابات البرلمانية، تهدف إلى تحقيق تمديد غير مباشر للمؤسسلت المنتهية ولايتها، وذلك، بعدما تبخرت سابقا أحلام الرئاسة في تمرير هذا القرار عبر مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي العاشر في ال ١٢/إبريل/٢٠٢١م، وشهد الجميع النتائج الكارثية لهذه المحاولة، مما دعا الأطراف إلى التوقيع على اتفاقية الـ ٢٧/مايو/٢٠٢١م، بشأن الانتخابات، بعد أحداث الـ ٢٥/إبريل/٢٠٢١م الدامية، وعليه، فإنها تسعى إلى أن تحقق التمديد بشكل غير مباشر، دون إحداث ضجة في الأوساط السياسية، وذلك بواسطة إجراءات انتخابية تتخذ بشكل بطيء، يتحقق من ورائها هدف التمديد الإداري غير المباشر.
ويبدو أن مجلس اتحاد المرشحين، يميل إلى هذا الرأي الأخير، حيث أعرب عن قلقه الشديد إزاء “التأجيل المستمر والتأخير المتعمد للانتخابات” مشيرا إلى أنه بذل جهودا كبيرة لمنع مؤسسات الدولة المنتهية ولايتها من التمديد، مؤكدا أنه لا يزال يتصدى للتمديد غير المباشر ومحاولات سرقة الانتخابات واختطافها بشكل يتنافى مع دستور البلاد ومبادئ العدالة والأنظمة الانتخابية المتعارف عليها.
وطالب المجلس في بيانه بضرورة إيجاد جدول زمني يلتزم به الجميع، ويوضح فيه مواعيد بدء انتخابات أعضاء مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي الحادي عشر القادم.
لا يقتصر القلق على أعضاء مجلس اتحاد المرشحين فقط، وإنما يتعدى أيضا إلى أصدقاء الصومال في المجتمع الدولي الذين يصدرون تباعا بيانات مشتركة أو متفرقة، تدعو إلى تفعيل الإجراءات الانتخابية والإسراع بها، طالما، أنه ليس هناك ما يعرقل سيرها وخاصة فيما يتعلق بتمويل العملية الانتخابية، إذ ذكرت السفارة الأمريكية قبل أيام أن الأموال المخصصة لإجراء العملية الانتخابية قد تم توفيرها من قبل رسومات تسجيل المرشحين ومن مساهمات المجتمع الدولي بمن فيه الولايات المتحدة الأمريكية.
يبدو أن دعوات القوى السياسية المحلية والدولية في مجال الإسراع بالانتخابات، قد آتت ثمارها وإن بشكل بطيء، متمثلا ذلك في إعلان كل من غلمذغ، جنوب غرب الصومال، والوحدويين من صوماليلاند عن ٢١ مقعدا على الأقل من مقاعد مجلس الشعب، سيتم التنافس عليها خلال الأسابيع القادمة، وتلك خطوة إلى الأمام، من شأنها أن تعجل بانتخاب بقية أعضاء مجلس الشعب البالغ عدده إلى ٢٧٥ عضوا، وإن كان هناك من بين السياسيين من ينظر بعين الشك إلى القائمين على إجراء الانتخابات ويطالبون بجعلها حرة ونزيهة وذات مصداقية.