فرماجو وروبلي: حقيقة الخلافات السياسية بينهما ومستواها
الصومال الجديد
آخر تحديث: 12/08/2021
تم تعيين السيد محمد حسين روبلي رئيسا للوزراء في الـ 17/سبتمبر/2020م، ليكون خلفا للسيد حسن علي خيري الّذي سحب البرلمان الثقة منه في الـ 25/يوليو/2020م بتهمة فشل حكومته في إيصال البلاد إلى مرحلة إجراء انتخابات مباشرة فيها.
ومنذ ذلك اليوم كان السيد روبلي رئيسا لوزراء الصومال مهمته إعداد جو انتخابي آمن ومستقر، على الرغم من غموض موقفه إزاء القضايا المتنازع عليها، في الأيام الأولى من تولّي منصبه.
اتبع السيد روبلي سياسة وسطية هادئة وتمسك العصا من الوسط وحاول الجمع بين الأطراف السياسية الصومالية على مشترك سياسي ثابت بغض النظر عن الانتماءات والمواقف السياسية السابقة، مما ساعده على تجاوز الكثير من العقبات والتحديات منذ تفويضه في الـ 1/مايو/2021م، من قبل الرئيس المنتهية ولايته بإدارة المرحلة الانتقالية وتنظيم الإجراءات الانتخابية البرلمانية والرئاسية التي تأخرت عن موعدها المحدد بما بين الـ 27/ديسمبر/2020م – والـ 8/فبراير/2021م، بسبب الشقاق السياسي إزاء هذه الانتخابات بين القوى السياسية الصومالية المختلفة.
أدار السيد روبلي خلال هذه الفترة ملفات شائكة بحنكة سياسية أبرزها قضية محافظة غيذو العويصة، والتوصل إلى اتفاق شامل بشأن تنفيذ اتفاقية الـ 17/سبتمبر/2020م -حول الانتخابات القادمة، حيث وقّع أعضاء المجلس الوطني للاستشارات والمتكون من رئيس الوزراء ورؤساء الولايات الإقليمية ورئيس بلدية مقديشو على اتفاقية الـ 27/مايو/2021م، والتي بدأت أولى خطواتها العملية رسميا في الـ 29/يوليو/2021م، عندما انتخب برلمان ولاية جوبالاند بمدينة كسمايو أول 4 أعضاء في مجلس الشيوخ بالبرلمان الفيدرالي الحادي عشر القادم.
وخلال هذه المدة الممتدة لما بين الـ 1/مايو/2021م، وحتى الـ 7/أغسطس/2021م، لم يكن للرئيس المنتهية ولايته أي تأثير علني على مجريات الأحداث في إدارة شؤون البلاد، غير أنه فاجأ الجميع بإصدار مرسوم رئاسي في الـ 7/أغسطس الجاري/2021م، يمنع فيه الحكومة الفيدرالية وجميع وكالاتها من توقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية مع الشركات الكبرى والدول حتى ينتهي موسم الانتخابات وتجتاز البلاد المرحلة الانتقالية التي تمر بها.
رأى بعض المحللين أن الهدف من هذا المرسوم الرئاسي كان محاولة لعرقلة الجهود السياسية لروبلي في إعادة العلاقات بين الصومال وكينيا إلى سابق عهدها، خاصة أن الحكومة الفيدرالية كانت تستعد آنذاك لاستقبال السفيرة رايشيلي أومامو، وزيرة الخارجية الكينية التي كانت تحمل دعوة رسمية من الرئيس الكيني لاستضافة السيد روبلي القائم بأعمال رئيس الوزراء في زيارة رسمية لكينيا.
من جانبه، وفي اليوم التالي أي في الـ 8/أغسطس/2021م، أصدر مكتب السيد روبلي بيانا يرفض فيه ويعترض دستوريا على المرسوم الرئاسي، مؤكّدا على أن الحكومة الفيدرالية هي الجهة المسؤولة الوحيدة عن حفظ مصالح الشعب الداخلية والخارجية وممتلكاته إلى جانب توفير الخدمات له وفقا لمواد في الدستور الصومالي الانتقالي مثل المادة 103 التي تنص على أن رئيس الوزراء وحكومته سيقومان بتنفيذ الواجبات الوطنية في الفترة ما بين تاريخ الانتخابات العامة وأداء رئيس وزراء جديد لليمين الدستورية.
هذه الردود البيانية والتصريحات المتبادلة بين الرئيس المنتهية ولايته والقائم بأعمال رئيس الوزراء أثارت انتباه المعنيين بالقضية، كما أخرجت إلى العلن شائعات كانت تفيد بوجود خلاف بين المسؤولين منذ فترة طويلة ناجم عن طريقة معالجة روبلي لبعض الملفات السياسية الساخنة وخاصة ملف غيذو الّذي تقول المصادر بأن السيد فرماجو لم يقتنع بطريقة حلها، كما أن إقالة السيد روبلي لمسؤولين في جهاز المخابرات مقرّبين من الرئيس المنتهية ولايته بتهمة انتهاكهم لحقوق مواطنين صوماليين، لم تُعجب السيد فرماجو، كما أن إعادة تعيينهم لمناصب جديدة في الجهاز أثارت غضب السيد روبلي الّذي اعتبر الخطوة إسقاطا لهيبته وإحراجا له، حسبما يقوله المحللون والمتابعون.
لم يكن خفيا أنه كان هناك خلاف سياسي بين الرجلين مهما كان مستواه، والّذي قد يؤثر على سير العملية الانتخابية، مما دعا بعض القوى السياسية الصومالية إلى الاستجابة السريعة لهذه المستجدات، فأصدرت إدارة بونتلاند بيانا رئاسيا توضح فيه وقوفها إلى جانب القائم بأعمال رئيس الوزراء، بينما رحب مجلس اتحاد المرشحين بالردّ الّذي أصدره مكتب القائم بأعمال رئيس الوزراء حيال المرسوم الرئاسي الأخير.
في خطابه البارحة أمام الجالية الصومالية في نيروبي ألمح السيد روبلي إلى وجود نوع من الاختلاف على الرغم من تأكيده على تجاوز الأطراف لهذا الاختلاف، عندما امتثل بالمثل الصومالي الشهير الّذي يفيد بأن “قصيري النظر يقفون عند الخلاف وأسبابه دون الإلمام بالتفاهمات والتصالحات التي أعقبت الخلاف”، مضيفا أنه “لم يتحامل في بيانه الأخير على أية جهة أخرى” وأنه والرئيس المنتهية ولايته “متفقان على مهمة إنقاذ البلاد والعبور به نحو الأمان والاستقرار السياسي”، وذلك باجتياز المرحلة الانتقالية التي تمرها البلاد حاليا.