قرار بدء الانتخابات: خطوة تصعيدية أم دفع للجهات المعنية بها نحو تفعيلها؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 10/01/2021
قرّرت الحكومة الفيدرالية يوم أمس السبت البدء في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية تفاديا لإضاعة مزيد من الوقت قد تساهم في تأجيل الانتخابات المتأخرة أصلا عن موعدها المحدد سابقا.
وجاء قرار الحكومة الفيدرالية على لسان رئيس الوزراء محمد حسين روبلي الذي عقد يوم أمس السبت مؤتمرا صحفيا مع إدارة إقليم بنادر و3 من رؤساء الولايات الإقليمية الموالية للحكومة الفيدرالية، وهم: علي غودلاوي رئيس هيرشبيلي، أحمد قوقور رئيس غلمذغ، عبدالعزيز لفتاغرين رئيس جنوب غرب الصومال، إلى جانب عمر فنش محافظ إقليم بنادر وعمدة العاصمة مقديشو.
وأفاد السيد روبلي في مؤتمره بأنه بذل جهدا كبيرا للتوصل إلى اتفاق حول نقاط الاختلاف حيث كانت أبوابه مفتوحة لكل من لديه شكوى إزاء الانتخابات القادمة، وأجرى اللقاءات والاجتماعات مع رموز سياسية، كما قام بزيارات لولايات غلمذغ، بونتلاند، وجنوب غرب الصومال بحثا لصيغة تفاهمية حول إجراء الانتخابات القادمة.
من جانبه أفاد أحمد قورقور رئيس غلمذغ في تلك المناسبة بأن جهوده للوساطة بين الحكومة الفيدرالية والقوى المعارضة باءت بالفشل بسبب عدم تجاوب القوى المعارضة معها، وخاصة رئيسي بونتلاند وجوبالاند وبقية الساسة المعنيين بالانتخابات، في إشارة منه إلى أعضاء مجلس اتحاد المرشحين.
هذه التصريحات أثارت توترات سياسية جديدة زادت الطين بلة، فجاء ردّ مجلس اتحاد المرشحين على هذه التصريحات سريعا وحادا، حيث عقد رضوان محمد حرز مؤتمرا صحفيا في جرووي بعد ساعات من إعلان الحكومة الفيدرالية لقرارها، اتهم فيه الحكومة الفيدرالية بمحاولة لاختطاف الانتخابات القادمة وتزويرها، كما نفى صحة تصريحات قورقور بشأن تباطؤ مجلس اتحاد المرشحين عن التفاعل مع جهود الوساطة التي يبذلها قورقور، مشيرا إلى أن المجلس كان في انتظار ردّ قادة الحكومة الفيدرالية على الشكاوى التي حمّلوها قورقور لإيصالها إلى الحكومة الفيدرالية، غير أنهم فوجؤوا بإعلان الحكومة عن قرارها واتهام المجلس ورئيسي بونتلاند وجوبالاند بإفشال جهود الوساطة.
أما الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود الذي عقد البارحة بمقديشو مؤتمرا صحفيا مع زملائه في مجلس اتحاد المرشحين، فقد عارض بشدة الخطوة التي قررت فيها الحكومة الفيدرالية بإجراء انتخابات أحادية الجانب وغير توافقية حسب تعبير حسن شيخ محمود لما تمثل هذه الخطوة من تهديد على وحدة البلاد وتماسكها.
كما استنكر المرشح حسن شيخ محمود ما وصفه بمحاولات اختطاف الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أن نقل القوات الحكومية والوحدات العسكرية إلى مدن الدوائر الانتخابية، لا يعني سوى حمل الناخبين على الخضوع لرغبات الحكومة الفيدرالية، مما سيؤدّي إلى انفلات للأمن وعدم استقرار هذه المناطق.
وفيما يتعلّق بجهود الوساطة التي فشلت، فقد ذكر حسن شيخ أن القوى المعارضة لم تتلق ردّا من الحكومة الفيدرالية بشأن النقاط المتنازع عليها، نافيا تصريحات قورقور التي حمّل فيها الأطراف المعارضة مسؤولية إفشال جهوده للوساطة بينها وبين الحكومة الفيدرالية!
يبدو أن قرار الحكومة الفيدرالية المتمثل في إعلان بدء الانتخابات دون الوصول إلى حلّ حول الخلافات القائمة قد صعّد من وتيرة النزاع السياسي بين شركاء السياسة الصومالية، إذ إن الحكومة الفيدرالية أهملت في قرارها هذا مطالب ولايتي بونتلاند وجوبالاند، وهذا يعني في رأي كثيرين من المتابعين أن الحكومة عازمة على إجراء انتخابات أحادية الجانب مما سيسبب مزيدا من التفكك السياسي والاجتماعي في الصومال، وهو ما حذّر منه حسن شيخ محمود في خطابه البارحة عندما قال: “لن يكون مصير البلاد مرهونا في قبضة 4 أشخاص أصدقاء، وإنما البلاد بحاجة إلى عقد مؤتمر شامل وموسع يتم فيه التوصل إلى حل يجنب البلاد والعباد من التمزق والانقسام مرة أخرى”.
إن ردود الأفعال الناجمة عن قرار الحكومة الفيدرالية لتدلّ على مدى الانقسام الذي تعانيه النخب السياسية الصومالية مما يشكّل خطرا على أمن البلاد واستقرارها، فضلا عن وحدة أراضيها وتماسك نسيجها الاجتماعي، وبالتالي فإنّه لا بد من جلوس كافة الأطراف على طاولة الحوار وتسوية الخلافات المستجدة بينها بالحوار والإقناع.