ماذا سيغير انتخاب السيد قورقور من الوضع السياسي في غلمدغ؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 5/02/2020
في 2/فبراير/2020م، تم انتخاب السيد أحمد عبدي كاريي “قورقور” رئيسا لولاية غلمدغ ليكون بذلك رئيسا يحظى بدعم الحكومة الفيدرالية واعترافها، وليكون بذلك خاتمة لمسيرة طويلة للحكومة الفيدرالية امتدت لمدة 8 شهور تقريبا سعت خلالها الحكومة إلى إعادة بناء إدارة غلمدغ من جديد.
ويعدّ السيد أحمد قورقور الشخص الثالث الّذي اُنتخب رئيسا لغلمدغ خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تم قبله انتخاب الشيخ محمد شاكر رئيسا لغلمدغ في دوسمريب من قبل أنصاره في تنظيم أهل السنة والجماعة، في حين تم تمديد فترة حكم الرئيس أحمد دعالي غيلي حاف من قبل برلمان أسسه أنصاره في مدينة غالكعيو، مما يدلّ على عمق الخلافات السياسية بين شركاء السياسة في غلمدغ.
إلى جانب هذه الأطراف السياسية المتصارعة على قيادة غلمدغ، كان هناك طرف رابع آخر يتمثل في المرشحين الرئاسيين لقوى المعارضة السياسية الّذين أعلنوا في وقت لاحق مقاطعتهم للانتخابات الرئاسية في غلمدغ ما لم تُوفَّر لهم الشروط الأساسية التي تسمحهم بخوض انتخابات حرّة ونزيهة في غلمذغ.
وبانتخاب السيد أحمد قورقور رئيسا لغلمدغ يبدو للبعض أن الحكومة الفيدرالية نجحت في مخططها الرامي إلى تنصيب موال لها على غلمدغ، رغم استمرار الخلافات السياسية حول انتخابه، إذ أعلن الشيخ شاكر الّذي تم انتخابه رئيسا لغلمدغ من قبل أنصاره في تنظيم أهل السنة والجماعة الشريك السياسي القوي في غلمذغ، عدم اعترافه بقورقور رئيسا لغلمدغ، ونفى الشيخ شاكر في بيان صحفي أصدره يوم أمس الثلاثاء عن وجود مفاوضات جارية بينه وبين الجانب الحكومي مما يعني أنه لا يزال متمسكا بموقفه المعارض تجاه الحكومة الفيدرالية.
من جانبه وصف منتدى الأحزاب الوطنية في بيان صحفي أصدره في اليوم التالي للانتخابات العملية الانتخابية التي انتخب فيها قورقور بأنها كانت تفتقد إلى الشفافية والنزاهة والحرية المتكافئة لجميع المعنيين بها، مشيرا في الوقت نفسه إلى استنكار المنتدى لترحيب السفير الأمريكي في الصومال بنتائج الانتخابات.
أما السيد عبدالرحمن أدوا المرشح الرئاسي الّذي قاطع الانتخابات سابقا، فقد اتهم قادة الحكومة الفيدرالية باتباع نهج غير صحيح في إعادة بناء غلمدغ قائلا: “إن نظام الرئيس فرماجو استحدث سياسة إجبار الناس على الرضوخ لاعتداءات الحكومة والموافقة عليها” مضيفا “أن تعامل الرئيس ورئيس وزرائه مع سكان غلمدغ سيكون وصمة عار في جبين تاريخهما السياسي”.
وعلى صعيد آخر، يبدو أن الحكومة قد أحرزت في هذه الانتخابات انتصارا في الصعيدين الخارجي والداخلي. فخارجيا كانت تهنئة السفير الأمريكي وسفارته في مقديشو أول تهنئة توجه للسيد أحمد قورقور، مما يعني أن أمريكا بهذه التهنئة حسمت موقفها من الخلافات السياسية في غلمدغ بوقوفها إلى جانب رغبة الحكومة الفيدرالية، ولعلّ ذلك ما دعا منظمة الإيغاد إلى تعديل بيانها الأول حول نتائج انتخابات غلمدغ الّذي دعت فيه جميع الأطراف إلى تقديم مزيد من التنازلات والجلوس على طاولة الحوار، غير أنها بعد ذلك بفترة وجيزة، أصدرت بيانا آخر يهنأ فيه قورقور رئيسا لغلمدغ، ويعد ذلك انتصارا للحكومة الفيدرالي على الصعيد الدبلوماسي.
أما النصر الداخلي الّذي حققته الحكومة من خلال هذه الانتخابات، إلى جانب فوز مرشحها في الانتخابات، هو إحداث شرخ في التحالف السياسي المعارض الّذي قام ضدّها في غلمدغ، حيث وجه 3 من المرشحين المقاطعين للانتخابات: كمال جوتالي، عبدالله عبدي طيري، وعبدالله فارح وهلية، رسائل تهنئة إلى الرئيس الجديد، المنتخب مشيرين إلى أنهم تنازلوا لمصلحة الشعب في غلمدغ، كما أبدى البعض منهم استعداده للعمل مع الرئيس المنتخب من أجل إصلاح غلمدغ وتطوير شعبها.
وعموما فإن طبيعة السياسة الإدارية التي سيتبناها السيد قورقور في غلمدغ سيكون لها دور كبير في تحديد ملامح غلمدغ الجديدة. فإن اتبع السيد قورقور سياسة انفتاحية وتصالحية مع الشركاء السياسيين في غلمدغ، فلربما يؤدّي ذلك إلى وجود غلمدغ متحدة ومتماسكة، وإن اتبع سياسية إقصائية منغلقة فسيؤدّي ذلك إلى تعمّق الخلافات السياسية وتأزيم الأوضاع في غلمذغ لدرجة العودة إلى فترة النزاعات المسلحة والحروب الأهلية في المنطقة، وهو ما يدعو الكثير من أعيان المنطقة ووجهائها إلى اجتنابه والتفادي منه، ولا يصب ذلك في مصلحة أي طرف من الأطراف المعنية بالقضية، لذا فإنه ينبغي على الجميع تقديم التنازلات من أجل المصلحة العامة لولاية غلمدغ وسكّانها.