بعد أن حصلت على منح وتمويلات مالية كبرى.. ماذا بعد القمر الصناعي الإثيوبي؟!
صفاء عزب
آخر تحديث: 21/12/2019
القاهرة- من محطة فضاء بالصين انطلق بالأمس الأول قمر صناعي إثيوبي لتنضم بموجبه إثيوبيا إلى قائمة البلدان الإفريقية المهتمة باستكشاف الفضاء والإستعانة به لجمع المعلومات الخاصة بالطقس والتعدين والجفاف وكذلك الإستفادة بالمعلومات التي يجمعها القمر الإثيوبي في دعم التنمية والتطور الإقتصادي والعلمي بالبلاد. يأتي ذلك وسط أجواء إثيوبية احتفائية بهذا الحدث حيث تجمع مسؤولون ومواطنون في مرصد ومركز “إينتوتو” للأبحاث شمالي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لمشاهدة بث حي لانطلاق القمر من محطة فضاء في الصين. ويعد القمر الصناعي الإثيوبي حلقة في سلسلة من الإنجازات المهمة التي تشهدها البلاد في عهد رئيس الوزراء أبي أحمد والذي يؤكد على مضيه قدما في مسيرة العمل والتطوير للنهوض ببلاده ورفع مستوى المعيشة لأفراد شعبه. وقد تزامن ذلك مع الإعلان عن حزم من القروض والمنح التي حصلت عليها إثيوبيا مؤخرا لدعم الإقتصاد الإثيوبي وإصلاحه، إلا أن الظروف الإقتصادية الصعبة وحالات عدم الإستقرار السياسي والخلافات العرقية التي تشهدها البلاد من وقت لآخر تثير المخاوف على مدى الإستفادة من هذه المنح والقروض في تحقيق المرجو منها وقدرتها على مساعدة الإقتصاد الإثيوبي في تجاوز أزماته.
لقد تمكنت إثيوبيا مؤخرا من تأمين تمويل خارجي لمشروعاتها الإقتصادية الطموحة بمبلغ تسعة مليارات دولار وهو ما يعول عليه الإثيوبيون في تحقيق تحولات كبرى بالبلاد سيما مع ما أعلنه رئيس الوزراء الإثيوبي بأن هذه الأموال سيتم تخصيصها للإصلاحات الاقتصادية الشاملة والبنيوية والقطاعية. وكانت وزارة المالية الإثيوبية قد أصدرت بيانا بأن شركاءً لها تعهدوا بتقديم أكثر من ثلاثة مليارات دولار لدعم برنامج “الإصلاح الاقتصادي”، ويضاف إليه إلتزامات سابقة من البنك الدولي بتقديم ثلاثة مليارات دولار ومعها و2,9 مليار من صندوق النقد الدولي بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية. ومن المتوقع أن يسهم بنك الإستثمار الأوروبي والأمم المتحدة في تقديم دعم إضافي لإثيوبيا دعما لإصلاحاتها الداخلية، خاصة وأن الإتحاد الأوروبي قد أعلن مؤخرا عن تخصيص منحة قدرها 170 مليون يورو للحكومة الإثيوبية منها 100 مليون يورو للإصلاحات الاقتصادية الرئيسية في قطاعي النقل واللوجستيات، و50 مليون يورو لقطاع الصحة، و10 ملايين يورو للانتخابات المقبلة، و10 ملايين يورو لقطاع الاستثمار وخلق فرص عمل. ولا تقتصر الجهات المانحة والداعمة للإقتصاد الإثيوبي على المؤسسات الدولية الغربية وإنما امتدت لتشمل دولا عربية في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي أعلنت أنها خصصت 140 مليون دولار قرضا على مرحلتين لتمويل مشروعات البنية التحتية والطاقة الشمسية والمياه في إثيوبيا. كما كان لدولة الإمارات العربية المتحدة دور مهم في دعم الإقتصاد الإثيوبي بالمساهمة باستثمارات ومساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار وذلك في بداية تولي أبي أحمد رئاسة الوزراء في بلاده.
وتشهد إثيوبيا حالة من الإنتعاش والرواج الإستثماري بفعل تحركات رئيس الوزراء أبي أحمد في مختلف أنحاء العالم ونجاحه في الحصول على دعم مالي كبير من المجتمع الدولي في ظل إصلاحات قانونية وعدلية وسياسية ملحوظة في البلاد لطمأنة المستثمرين وجذب مزيد من الإستثمارات في إطار رؤية وطنية لـ”أحمد” تعتمد على برنامج إصلاح إقتصادي محلي يعتبرا جسرا للعبور نحو عصر الإزدهار. ويتميز الإقتصاد الإثيوبي بقوته وسرعة نموه مقارنة باقتصاديات أخرى، فعلى الرغم من تراجع نمو الناتج الإجمالي المحلي لإثيوبيا إلى 7.7% في 2017، فإنه يظل قويا، وسرعان ما استعاد عافيته في 2018 ليبلغ بالمتوسط 8.5%.. وفي نفس الوقت يشهد الإقتصاد الإثيوبي حزمة من الإصلاحات المتمثلة في نشاط واضح لحركة الخصخصة في البلاد تنفيذا لاشتراطات المؤسسات النقدية الدولية المانحة، حيث أعلنت وزارة المالية والتعاون الاقتصادي الإثيوبية اعتزام الحكومة خصخصة 6 مصانع من بين 13 مصنعا للسكر مملوكة للدولة في الربع الأول من عام 2020، إلى جانب منح رخص الإستثمار في مجالات متعددة منها الإتصالات. وتعاني إثيوبيا من مشكلات إقتصادية مزمنة منها التضخم ونقص النقد الأجنبي وعجز الموازنة ما دفع المسؤولين للتصريح بأن خطة العلاج تستلزم تمويلا خارجيا بما يقرب من عشرة مليارات دولار وذلك لتنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي الذي يعول عليه أبي أحمد في العبور ببلاده إلى وقع أفضل حالا وأكثر ازدهارا.
ويبقى السؤال عن قدرة هذه المنح والتمويلات في تحقيق الهدف المنشود في ظل بعض الصعوبات الداخلية التي يعاني منها الإثيوبيون وخاصة المشكلات العرقية!! وتظل إجابة السؤال معلقة بقدرة الإقتصاد الإثيوبي على التطور وكفاءة الإدارة السياسية الحالية للبلاد، إلا أن مؤشرات الواقع تعكس ملامح إيجابية عن المستقبل الإثيوبي في ظل المشروعات الكبرى التي تشهدها البلاد وعلى رأسها أحدث إنجازات إثيوبيا المتمثلة في إطلاق القمر الصناعي ETRSS-1 وهو قمر متعدد الأطياف للإستشعار عن بعد بطول 70 كجم والذي سيقدم جميع البيانات اللازمة عن التغيرات في المناخ والظواهر المرتبطة بالطقس التي سيتم استخدامها في أنشطة الزراعة وتحسين التخطيط الزراعي والإنذار المبكربالجفاف وإدارة الغابات حماية الموارد الطبيعية والغابات، وبموجبه تتم المساعدة في الجهود المبذولة للتعامل مع تهديدات تغير المناخ والمضي قدماً في تحقيق هدف الدولة المتمثل في أن تصبح دولة خالية من الكربون إلى حد كبير بحلول عام 2050. كما أن الاستعانة بهذا القمر يسهم في دعم الإقتصاد الإثيوبي الذي يعتمد أساسا على الزراعة وهي القطاع الذي تلعب بيانات الأقمار الصناعية دورا مهما في تطويره وهو ما يصب في صالح التنمية الإقتصادية بشكل عامة.