إصلاحات هيكلية لمنظمة الإيجاد وتفعيل أكبر لأدوارها
صفاء عزب
آخر تحديث: 9/12/2019
القاهرة- شهدت الساحة الإفريقية مؤخرا إحدى الفعاليات الإقليمية المهمة وهو انعقاد قمة رؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا “إيجاد” والتي تضمن جدول أعمالها بحث الإصلاحات الهيكلية للهيئة واختيار رئيس جديد لها، بجانب مناقشة موضوعات ذات صلة بتعزيز الأمن في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن إضافة إلى قضايا خاصة بالتعاون بين الأعضاء من أجل الدفع بها لتواكب التطورات في المنطقة وكذلك إنشاء بعض الأجهزة الفنية والاقتصادية بالتوزاي مع العمل السياسي المتطور للإيجاد. وهي القمة التي جاءت في فترة حساسة تمر بها بعض دول المنطقة ما يجعلها منوطة بتحقيق العديد من الأهداف الضرورية للمساعدة على تجاوز المشكلات الحالية، وذلك بحضور رؤساء جيبوتي وجنوب السودان والصومال أوغندا ورئيسي وزراء إثيوبيا والسودان، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي.
جدير بالذكر أن منظمة الإيجاد تمتد على مساحة 5.2 مليون كيلومتر مربع وتضم كلا من جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان وجنوب السودان وأوغندا، وقد تم إنشاؤها بعد اجتماع رؤساء تلك الدول في جيبوتي في يناير 1986 لتوقيع الاتفاقية التي أطلق عليها رسميا بالإيجاد ومقرها جيبوتي. وفي مارس عام 1996 قام رؤساء الدول بتعديل ميثاق الإيجاد في نيروبي وتنشيطها مع اسم جديد هو “الهيئة الحكومية للتنمية”. وفي عام 2003 وضعت استراتيجية منظمة الايجاد وتم اعتمادها من رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة وتهدف الاستراتيجية إلى توجيه برامج التنمية والمضي إلى الأمام باعتبارها منظمة اقتصادية إقليمية تسعى إلى زيادة التعاون فى الأمن الغذائي وحماية البيئة وتعزيز وصون السلم والأمن والشؤون الإنسانية، والتعاون والتكامل الاقتصادي.
وهو ما يتناغم مع الأهداف التي قامت منظمة الإيجاد من أجلها والمتمثلة في تعزيز التنمية المشتركة وتنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والعلمية، ومواءمة السياسات فيما يتعلق بالتجارة والجمارك، والنقل، والاتصالات، والزراعة، والموارد الطبيعية، وتعزيز حرية حركة السلع والخدمات، وكذلك تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي وتشجيع ومساعدة الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لمكافحة الجفاف بصورة جماعية وغيرها من الكوارث بكل أنواعها. كما تتضمن أهداف الإيجاد تعزيز البرامج والمشاريع الإقليمية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة للموارد الطبيعية وحماية البيئة، وتطوير وتحسين البنية التحتية في مجالات الاتصالات والنقل والطاقة في المنطقة.
ويجمع بين دول الإيجاد مصير اجتماعي واقتصادي متقارب نظرا لأن الدول التي تنتمي لمنظمة الإيجاد تعد من البلدان الأقل نموا في العالم وتتقاسم معدلات نمو اقتصادي مماثلة، ومن ثم تأمل في دعم الإيجاد لتحقيق فرص تنمية جيدة والتغلب على الصعوبات المشتركة خاصة ما يتعلق بالجفاف والفقر والبطالة لتحسين المستويات المعيشية لشعوبهم وصولا لتحقيق التكامل الإقتصادي.
وهناك العديد من التحديات الأخرى التي تواجه دول الإيجاد منها تعثر وسائل النقل الإقليمي فيما بينها وهي إحدى العقبات التي تعرقل حركة الإستثمار عبر هذه الدول وكذلك وسائل الإتصال كما أن أنظمة مراقبة الحركة الجوية والبنية التحتية للمطار غير كافية، وهو ما يعكس أهمية الدور الذي تلعبه منظمات التنمية للإرتقاء بمستوى الخدمات وكل ما يتعلق بالبنى التحتية لتيسير حركة الإستثمار والتنمية في بلدان هذه المنطقة.
وفي الإجتماع الأخير الذي عقدته دول الإيجاد تم اختيار السودان رئيسا للمنظمة بجانب إجراء بعض التعديلات الهيكلية للإيجاد كما تم اعتماد إعلان مبادئ التعاون المشترك في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن في إطار تعزيز التعاون الإستراتيجي في المنطقة، والترحيب بطلب الصومال استضافة مؤتمر الإقتصاد الأزرق في مقديشو مطلع العام المقبل، بالتعاون مع الإيجاد. كما كانت القضايا الداخلية الخاصة بالسلام في الصومال وجنوب السودان وكذلك رغبة السودان في رفع العقوبات المفروضة عليه من أهم القضايا محور البيان الصادر عن الإيجاد.
لاشك في أهمية الدور الذي تلعبه منظمة الإيجاد في منطقة شرق إفريقيا للعمل على نزع فتيل الأزمات في مختلف المناطق المشتعلة بالصراعات والحروب وآخرها جنوب السودان الذي تم إمهاله مائة يوم للوصول إلى اتفاق بشأن السلام بين أطرافه المتصارعه ويأتي ذلك في إطار جهود المنظمة، منذ انشائها، في مجال حفظ الامن والسلم في نطاقها الجغرافي. ولكن مع تلك الجهود تبقى طبيعة المنطقة الشائكة والحافلة بالمشكلات المزمنة والمعقدة في الإعتبار عند تقييم آثار تلك الجهود وتظل إرادة الدول الأعضاء وأبنائها طرفا أصيلا في تفعيل كل جهد إيجابي مبذول لتحسين الأوضاع الداخلية لشعوب المنطقة سواء على الصعيد السياسي أو الإقتصادي والإجتماعي، وغيره من المجالات. كما يعول المراقبون كثيرا على التغيرات الهيكلية الداخلية للإيجاد في إحداث تفعيل أكبر لدورها وتحجيم الأدوار الدخيلة لأطراف خارجية لها أجندات خاصة.