هل ينجح التدخل الأمريكي والبنك الدولي في حل أزمة سد النهضة؟
صفاء عزب
آخر تحديث: 30/11/2019
القاهرة- بعد استضافة واشنطن لاجتماع وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان من أجل الوصول إلى اتفاق شامل وتعاوني ونافع لكل الأطراف، لا زالت أزمة سد النهضة الإثيوبي عالقة في انتظار ما ستسفر عنه سلسلة الإجتماعات المزمع عقدها خلال شهري ديسمبر ويناير القادمين وذلك بعد انعقاد عدد من الإجتماعات الخاصة بالتفاوض حول القضايا الأساسية ذات الصلة بعمل السد وتشغيله وفترة ملئه، وهي الأمور المثيرة للخلاف الذي وصل لأقصى مدى خلال الفترة الماضية وتسبب في حدوث تصعيد في لهجة التصريحات لدرجة الحديث عن التلويح بالحرب، الأمر الذي دفع مصر للمطالبة بدخول طرف دولي رابع وسيطا في المباحثات الثلاثية مع السودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة.
وكانت مصر اقترحت تمرير ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب من المياه سنويا من السد، بينما تقترح السودان تمرير 35 مليار متر مكعب في حين اقترحت إثيوبيا تمرير 31 مليار متر مكعب من المياه سنويا. ويرجع اقتراح مصر إلى الحفاظ على التوازن بين هدف إثيوبيا بإنتاج الكهرباء اللازمة للتنمية، وبين احتياجات مصر المائية المتزايدة لمياه النيل؛ حيث لا تتحمل أي اقتطاع كبير من حصتها التاريخية من مياه النهر البالغة 55,5 مليار م3 سنويًا؛ خاصة بعد أن دخلت في حزام الفقر المائي ؛ بسبب ثبات حصتها وزيادة عدد السكان. كما اقترحت مصر أن يتم ربط عملية ملء السد بإيراد النهر والفيضان وهو ما اعتبرته إثيوبيا تدخلا في أمورها الداخلية التي تخضع لسيادتها وحدها. وردا على الموقف الإثيوبي، أكد الرئيس المصري على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه لن يتم تشغيل سد النهضة الإثيوبي بفرض الأمر الواقع، مضيفا “لأننا ليس لدينا مصدر آخر للمياه سوى نهر النيل”.
ودخلت الولايات المتحدة الامريكية على أزمة سد النهضة ودعت الأطراف الثلاثة في بيان رسمي منسوب للبيت الأبيض إلى بذل جهود حسن النية للتوصل لاتفاق مستدام يحقق تبادل المنفعة في التنمية الاقتصادية والازدهار.
ويعول الكثيرون على أهمية مباحثات السد التي عقدت في واشنطن وما يرتبط بها من اجتماعات مقبلة مشمولة برعاية أمريكية مؤثرة بسبب نفوذها القوي وعلاقاتها القوية بكل من مصر وإثيوبيا بما يسهم في تقريب وجهات النظر وعدم الإضرار بأي طرف من أطراف الخلاف.
وقد شهدت تلك المفاوضات تطورا مهما متمثلا في مشاركة البنك الدولي بجانب وزارة الخزانة الأمريكية وهو ما يعده البعض مصدرا للتفاؤل بخروج المفاوضات من النفق المظلم إلى آفاق أرحب، سيما مع إلمام خبراء البنك الدولي بالأمور الفنية جيدًا، والإدلاء برأيهم في قانونيتها، وكيفية معالجتها بوضوح وموضوعية.
وانبثق عن تلك المفاوضات الإتفاق على عقد 4 اجتماعات عاجلة مقبلة للدول الـثلاثة على مستوى وزراء الموارد المائية وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين بحلول 15 يناير 2020، وذلك بحسب بيان رسمي من وزارة الخارجية المصري. وقد عقدت جولة أولى من الجولات المتفق عليها في أديس أبابا خلال الفترة من (15-16) نوفمبر 2019 ، ومن المنتظر أن تنعقد الجولة الثانية في القاهرة خلال الفترة من (2-3) ديسمبر القادم، يليه لقاء واشنطن، لتكون الجولة الرابعة بالخرطوم.
أمام هذه التطورات الجديدة تتجدد الآمال في تحريك المياه الراكدة والنجاح في تجاوز العثرات التي تسببت في عرقلة المفاوضات خلال الفترة الماضية، ولكن تبقى التساؤلات مثارة حول مدى نجاح الجولات المقبلة في تبديد غيوم الخلافات والوصول لحلول ترضي جميع الأطراف. لقد ترددت أنباء صحفية عن رغبة إثيوبيا في إشراك الصين في المفاوضات المتعثرة بشأن سدّ النهضة مع مصر والسودان بصفة مراقب، وذلك بعد ما يقرب من ثلاثة أسابيع من مفاوضات واشنطن. وقد أثار هذا الخبر اهتمام الصحف المصرية إلا أن وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، شكك في صحة الخبر واعتبره مجرد محاولة للتشويش في الوقت الذي أكد على ترحيب مصر بأي دور للصين في مفاوضات سد النهضة. لا شك أن دخول أطراف دولية محايدة لدائرة المفاوضات الثلاثية تلعب دورا كبيرا في إدارة الخلاف بشكل موضوعي والحيلولة دون تحيز طرف لصالح آخر وبطريقة تكفل المصالح المشتركة وعدم الإضرار بأي طرف وهو ما يأمل المجتمع الدولي تحقيقه من خلال جولات التفاوض المرتقبة خلال الفترة المقبلة.