هل يحصل عمر البشير على البراءة؟!!
صفاء عزب
آخر تحديث: 21/11/2019
الخرطوم- يترقب السودانيون ومعهم المجتمع الدولي ما ستسفر عنه جلسة المحاكمة التي ستنعقد يوم الرابع عشر من ديسمبر المقبل للنطق بالحكم على الرئيس السوداني المعزول عمر البشير على خلفية تهم موجهة إليه من بينها الفساد. وكانت المحكمة السودانية الخاصة قد عقدت جلسة محاكمة مؤخرا استمعت خلالها لأقوال الطاهر عبد القيوم المراجع العام لجمهورية السودان الذي أنكرعلمه بالمبالغ التي تم العثور عليها في منزل البشير. يأتي ذلك في إطار الإجراءات التي تشهدها الساحة السودانية لمعاقبة المفسدين في أعقاب الثورة التي زلزلت عرش البشير بعد ثلاثين عاما في الحكم، وهو الأمر الذي قد يعرض البشير للسجن لمدة تتجاوز عشر سنوات إذا ثبتت تهم الثراء الحرام والفساد المالي المثارة في حقه.
وفي خضم هذه الأحداث تثور التساؤلات حول المصير الذي ينتظر الرئيس السوداني السابق أمام التهم الموجهة إليه بما فيها التهم الجنائية المرتبطة بملاحقته القانونية دوليا، ومدى صحة مزاعم المدافعين عنه بإمكانية حصوله على البراءة، وهي المفاجأة المدوية التي طرحها محمد الحسن الأمين، عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، عندما أبدى رفضه القاطع لتسليم أي مواطن سوداني إلى محكمة خارجية، ردا على المطالبات الشعبية بتسليم البشير للجنائية الدولية، مشيرا إلى وجود معلومة غائبة عن الكثيرين، وهي أن السودان ليس عضوا فيما يعرف بالمحكمة الجنائية مثل الكثير من الدول على رأسها الولايات المتحدة واسرائيل، وهي دول لم يحدث قطَ أن سلمت مواطنا منها للجنائية فهل معنى ذلك أن يحصل عمر البشير على البراءة حقا؟
يذكر أنه بعد الإطاحة بالبشير، تم نقله إلى سجن كوبر الشديد الحراسة في الخرطوم، حيث كان يحتجز في عهده آلاف السجناء السياسيين، لتبدأ بعد وقائع محاكمته بعد يومين من توقيع اتفاق تاريخي بين المجلس العسكري وقادة الحركة الاحتجاجية لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية، وذلك في التاسع عشر من أغسطس، بعد الإعلان عن العثور على ما يزيد عن 113 مليون دولار في مقر إقامة الرئيس السابق في الخرطوم.
وشهدت محاكمة البشير عدة جلسات لتكرار التأجيل لأسباب إجرائية خاصة بالقضية محل الإهتمام منها عدم حضور البشير للجلسات في البداية لدواعِ أمنية والإستماع لشهادات الشهود والمرافعات تمهيدا للوصول لجلسة النطق بالحكم التي تم تحديد موعدها في 14 ديسمبر القادم، ويتواكب ذلك مع حالة من الصراع القائم بين الثوار السودانيين وبين أنصار الرئيس المعزول، ففي الوقت الذي يسعى فيه مؤيدو الثورة السودانية إلى محاكمة البشير وسجنه عقابا على ما اعتبروه جرائم في حق الشعب السوداني، فإن أنصاره يستميتون في الدفاع عنه ونفي كل التهم الموجهة إليه بل وتظاهر بعضهم خارج مقر المحكمة التي تشهد محاكمته معربين عن رفضهم لتسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية ورفعوا لافتات داعمة له تتضمن عبارات: “لا للمحكمة الجنائية الدولية”. و”عاهدناك ونحنا معاك”!
وإلى جانب عدم عضوية السودان في المحكمة الجنائية الدولية كسبب يمنع تسليم البشير لهذه المحكمة، يرى أنصار الرئيس المعزول أن تسليم البشير للجنائية يعني الإقرار بوضوح تام عن عجز السُلطة القضائية وأجهزتها في السودان عن محاكمته أو عدم رغبة الدولة في ذلك.
على الجانب الآخر يصر الفريق الثوري في السودان خاصة قوى الحرية والتغيير على تسليم الرئيس السابق إلى المحكمة الجنائية الدولية، والتأكيد على عدم وجود أية تحفظات لديها على هذا الإجراء.
جدير بالذكر أن الملاحقة الجنائية الدولية للبشير جاءت على خلفية قيام نظامه بجرائم وفظائع منسوبة إليه في حق شعب إقليم دارفور، وهي الجرائم التي أفادت تقارير الأمم المتحدة أنها خلفت أكثر من ربع مليون قتيل بخلاف مليوني ونصف باتو مشردين.
وقد أثيرت العديد من الشائعات خلال فترة انعقاد جلسات محاكمة البشير تتعلق باتصالاته مع أطراف بالخارج، وكذلك شائعة محاولة تهريبه قبل محاكمته وهو الأمر الذي تم نفيه من جانب مسؤولين سودانيين مؤكدين على المضي قدما في إجراءات محاكمة الرئيس المعزول حتى النهاية بل والعزم على تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية للبت في مسؤوليته عن جرائم دارفور، وهي أمور لا تنسجم مع رغبة أنصاره في الحصول على البراءة، وهنا يثور السؤال الملح هل يمكن أن يحصل عمر البشير على حكم بالبراءة من التهم الموجهة إليه ؟! هذا ما ستكشفه المحكمة في حكمها المرتقب في الرابع عشر من ديسمبر المقبل.