هل تنجح الوساطة المصرية في حل الخلاف الصومالي الكيني؟

صفاء عزب

آخر تحديث: 1/10/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- ترتبط مصر والصومال بعلاقات وثيقة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، كما أن الصومال يعد عمقا استراتيجيا لمصر بل وللمنطقة العربية كلها، ومن ثم فإن أمن واستقرار الصومال واستقرارعلاقاته مع جيرانه من الأمور المهمة التي تحرص عليها مصر دائما، ومن هذا المنطلق، وفي ظل رئاستها الحالية للإتحاد الإفريقي، تبذل مصر مساعي حثيثة لرأب الصدع بين الصومال وجارتها كينيا وطي صفحة الخلافات لصالح التعاون وسعيا لتحقيق التكامل بين دول القارة الإفريقية. وفي هذا الإطار كانت القمة المصغرة التي تمت بوساطة مصرية وجمعت بين رؤساء الصومال وكينيا ومصر، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين في نيويورك. وجاءت هذه الخطوة بعد أن دخلت الأزمة بين الصومال وكينيا في مرحلة مهمة ذات انعكاسات خطيرة على الإستقرار بمنطقة القرن الإفريقي، بسبب ما يصاحبها من تعكر في الأجواء وتوتر في العلاقات. وقد حرصت مصر على التدخل للتوسط بين الطرفين ليس فقط باعتبارها الرئيس الحالي للإتحاد الإفريقي، وإنما حرصا على الحفاظ على الروابط التاريخية والإجتماعية والمصالح المشتركة بين شعبي كينيا والصومال.

وقد تمخضت القمة الثلاثية بين كينيا والصومال ومصر عن الإتفاق على تشكيل لجنة ثنائية للبدء الفوري في تنقية الأجواء وتسوية نقاط الخلاف تمهيدا لعودة العلاقات إلى طبيعتها قبل نشوب الخلافات. وكان الإعلان عن خبر الوساطة المصرية لحل الأزمة بين الصومال وكينيا، مثار ارتياح في الشارع العربي على أمل أن تنتهي الأزمة فعليا من خلال محاولات التوصل لحل سياسي. وعلى الرغم من هذا الإرتياح للتحرك المصري للتوسط بين الصومال وكينيا وإنهاء الخلاف بينهما، إلا أن هناك من يفتقد التفاؤل بهذا التحرك المصري، خاصة وأنه لم يكن المحاولة الوحيدة بل سبقته محاولات وساطة من كل من إثيوبيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تباين وجهتي نظر كينيا والصومال، أدى إلى ضياع جهود الوساطة هباءً.

ويعتبر النزاع الحدودي البحري بين الجارتين في القرن الإفريقي هو السبب الرئيسي لتجدد الخلافات وإثارتها من فترة لأخرى، وعلى الرغم من أن جذور تلك الخلافات تعود لأزمنة بعيدة بسبب السياسيات الإستعمارية في الدول الإفريقية التي لم تكن تراعي مصالح الشعوب في رسم الحدود وهو ما أدى إلى إثارة النزاعات الحدودية ومنها هذا النزاع، إلا أن العقد الأخير قد شهد عدة مواقف خلافية تسببت في أزمات بين الدولتين وصلت أصداؤها لمستوى العلاقات الديبلوماسية.

وفي عهد الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد عام 2009  ظهرت بوادر الأزمة عندما رفض البرلمان الصومالي التوقيع على مذكرة تفاهم مع كينيا لترسيم الحدود لاعتراضه على الشروط الواردة في المذكرة، واعتبارها تهديدا للسيادة الصومالية على جزء من أراضيها. كما ساهمت تحركات كينيا على المناطق الحدودية بحجة محاربة جماعة الشباب والتدخل عسكريا في جنوب الصومال في تكرار الأزمات. كما كانت كينيا البادئة في محاولاتها التنقيب عن البترول في المنطقة محل النزاع عام 2012 ما أدى إلى غضب الصومال ومطالبته الإنسحاب من المنطقة التي تقع في مياهه الإقليمية. وعندما فشلت مفاوضات الصومال مع كينيا لحسم النزاع الحدودي، تقدم الصومال بشكوى إلى محكمة العدل الدولية عام 2014. وكان من المفترض انعقاد جلسة المحكمة الدولية للنظر في النزاع الصومالي الكيني خلال شهر سبتمبر 2019 إلا أنها تأجلت لشهرين بناء على طلب كينيا.

وبعد أن تدخل الطرف المصري للتوسط بين كينيا والصومال، يثور التساؤل من جديد عن جدوى هذه الوساطة في حل الخلافات والتوصل لنتائج إيجابية ترضي الطرفين.

لقد كان التحرك المصري الوسيط وفق رؤية تفتح آفاقا للتسوية السياسية للأزمة الحدودية بين الطرفين على أساس التقاسم العادل للمنافع الإقتصادية لمنطقة النزاع وبعيدا عن أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الإفريقية، وهو ما يحمل إيحاءات باحتمالات السعي للصلح بعيدا عن محكمة العدل الدولية بما يتمشى مع الرغبة الكينية. لكن على الجانب الآخر لا يمكن للصومال أن يتنازل بسهولة عن دعواه المرفوعه أمام محكمة العدل الدولية، وهو ما أكدته تصريحات للرئيس الصومالي محمد فرماجو التي أبدى فيها تمسكه بموقف بلاده لحل النزاع الحدودي البحري عبر المحكمة الدولية.

وبطبيعة الحال فإن كواليس عمل اللجنة الثنائية المشتركة واستمرارها يتربط باستجابة الموقف الكيني للحق الصومالي في اللجوء للتحكيم الدولي، والإستعداد لتقبل حكم المحكمة الدولية، وتبقى تلك اللجنة فرصة مهمة لاستئناف تعاون البلدين في محاربة العنف والإرهاب وتعزيز التعاون الأمني إلى جانب التعاون الإقتصادي.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال