هل تستجيب إثيوبيا للمطالب المصرية في عملية ملء سد النهضة وتشغيله؟
صفاء عزب
آخر تحديث: 18/08/2019
القاهرة- على الرغم من التأكيدات التي أعلنتها السلطات الإثيوبية وعلى رأسها أبي أحمد رئيس الوزراء بعدم المساس بالأمن المائي المصري وبالإلتزام بالمعايير العادلة في مشروعهم القومي “سد النهضة”، إلا أن حالة من القلق تسود المجتمع المصري على مصير حصتهم من مياه نهر النيل بعدما أعلن مسؤولون عن انخفاض الإيراد المائي لنهر النيل بنسبة 10% من الحصة السنوية المقدرة بـ55 مليار متر مكعب بما يعني حدوث انخفاض مقداره خمسة مليارات متر مكعب هذا العام، وهو ما تم إرجاعه إلى موسم الجفاف الذي يصيب المنطقة وخاصة هضبة إثيوبيا، بينما يخشى الكثيرون من أن تكون عمليات ملء سد النهضة التي تجري حاليا في إثيوبيا هي السبب وراء هذا الإنخفاض.
وكانت مصر قد قدمت مؤخرا رسالة تضمنت مجموعة من المطالب المكتوبة بخصوص مشروع سد النهضة قام بتسليمها وزير الري المصري محمد عبد العاطي مكتوبة في زيارة رسمية إلى أديس أبابا أعقبت زيارة مماثلة من قِبل الوزير المصري إلى السودان، التقى خلالها بصلاح أحمد إبراهيم القائم بأعمال وزير المياه والطاقة هناك في محاولة لحث السودان للتعجيل بعقد الاجتماع السداسي بشأن سد النهضة الإثيوبي والذي تردد أن أديس أبابا تحاول المماطلة فيه، بدعوى عدم استعداد السودان للمشاركة نظراً للظروف السياسية في الخرطوم، الأمر الذي يثير المخاوف من تجدد التوتر بين الإدارتين المصرية والإثيوبية في هذه الأجواء بعدما كانت هناك حالة من التفاهم المتبادل والإستعداد لبذل الجهود لتأكيد النوايا الحسنة.
يذكر أن المطالب المصرية إلى أديس أبابا تضمنت وجهة نظر مصر فيما يخص ملء السد وتشغيله والتمسك بضرورة وجود مراقبين من خبراء مصريين، ضمن إدارة وتشغيل السد بعد الانتهاء من عمليات التشغيل، مضيفة بجانب مقترح مصري بملء خزان السد على مدار 7 سنوات لتقليل الإحتمالات السلبية على مصر لأقل مستوى، إضافة إلى مطلب خاص بمعاودة الاجتماعات التنسيقية الخاصة بالسد، وذلك في رسالة خاصة موجهة من الرئيس المصري إلى رئيس الوزراء الإثيوبي.
وكانت أزمة سد النهضة قد تصاعدت منذ إعلان الجانب الإثيوبي عزمه على بناء سد مائي كبير على نهر النيل ما قد ينجم عنه أضرار ضد دولتي المصب مصر والسودان. وتعود بداية الأزمة لعام 2010 عندما وقع ممثلو أربع دول نيلية اتفاقية عنتيبي المثيرة للجدل والدول الأربعة كانت إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا بينما غابت مصر والسودان وكذلك الكونغو الديمقراطية وبوروندي بينما أصدرت كينيا بياناً لتأييد الاتفاقية من دون التوقيع عليها. ولأن الإتفاقية تتعلق بإعادة توزيع حصص مياه النيل بين دوله، فقد أثارت جدلا واسعا في مصر حيث تتمسك بحقوقها التاريخية في مياه النيل، والتي حددتها الاتفاقيتان المبرمتان عامي 1959 و1929 واللتان تقضيان بمنح مصر حصة قدرها 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً.
وتتصاعد الأزمة من جديد بعد الإعلان مؤخرا عن إعتزام البرلمان الأوغندي التصديق على توقيع بلاده على اتفاقية عنتيبي المثيرة للجدل. ومع تكرار التأجيل الإثيوبي لمناقشة التفاصيل الخاصة بزمن ملء السد وكيفية تشغيله مع الدول التي تتأثر سلبيا بهذا المشروع وعلى رأسها مصر باعتبارها دولة مصب يصبح التوتر هو السمة الغالبة حاليا سيما مع سعة السد التخزينية الكبيرة التي تبلغ 74 مليار متر مكعب والتي يتوقع لها أن تصل إلى 100 مليار متر مكعب بعد إضافة حجم الفواقد المائية. ويترتب على ذلك انخفاض شديد في حصة المصريين من 2500 متر مكعب إلى 600 متر مكعب للفرد الواحد سنويا بما يعني النزول عن خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة بألف متر مكعب للفرد سنويا.
وتنتظر مصر رد الجانب الإثيوبي وموقفه من المطالب التي أرسلتها رسميا لإثيوبيا بهدف التوصل لاتفاق عادل ودائم بين الجارتين السودان وإثيوبيا بما يكفل الحفاظ على مصالح شعوب كافة الدول. وقد أكد مسؤولون مصريون في تصريحات إعلامية على تمسك مصر بالثوابت المتعلقة بالتفاوض على أساس اتفاقية المبادئ الموقعة في مارس 2015 بين قيادات البلدان الثلاثة. ويبقى السؤال هل تستجيب إثيوبيا للمطالب المصرية؟ هذا ما ستفصح عنه الأيام المقبلة!