ألعاب القوى الصومالية ماضيها وحاضرها (1)
محمد عبد الله أبوبكر (طالي)
آخر تحديث: 20/10/2015
بقلم: محمد عبدالله أبوبكر (طالي) / صحفي وناقد اجتماعي
تعتبر الرياضة نشاطا اجتماعيا يعتمد عليه الإنسان أكثر من أي نشاط أخر، وذلك لكثرة شعبيته في أوساط المجتمعات، مما ساعد في أن تركز الحكومات على تطوير هذا النشاط ليصبح مرموقا في أعلى المقام عند كل شعوب العالم.
صارت الرياضة مهنة تجمع أفراد المجتمعات في داخل الوطن بل تجمع جميع الشعوب في العالم، إذ توجد الآن مناسبات رياضية مختلفة الأنواع والتي تجتمع فيها كافة الشعوب والبلدان في العالم عن طريق إرسال ممثلين رياضين لهم إلى الأماكن التي تجري فيها تلك المناسبات.
للرياضة أنواع كثيرة والتي لا يقل شأن كل منها عن الأخر، لكنه ثمة بعض الأنواع الأكثر انتشارا والأكبر تواجدا في اوساط المجتمعات منها رياضة ألعاب القوى التي تتكون من عدة أحداث رياضية مثل الجري بمختلف مسافاته والوثب بمختلف انواعه وغيرهما.
يسلط هذا المقال الضوءعلى أهمية رياضة ألعاب القوى لدى الشعوب في العالم بشكل عام والشعب الصومالي على وجه الخصوص، كما أن المقال يضع إطلالة على تاريخ رياضة العاب القوى الصومالية والابطال الصوماليين الذين حققو نجاحا عالميا في هذا المجال.
كانت رياضة ألعاب القوى من أوائل الانشطة الرياضة التي عرفها المجتمع الصومالي، ويذكر أن الاتحاد الصومالي لألعاب القوى هو من أقدم الاتحادات الرياضية تأسيسا داخل الصومال.
وقد سبق لاعبو ألعاب القوى الصوماليين من اللاعبين الأخرين في قيادة البلاد إلى القمة وذلك بعد أن تمكن عدد من ابطال الجري والوثب الصوماليين من إحراز تقدم في بعض مسابقات ألعاب القوى القارية والعالمية في أوائل سبعينيات القرن الماضي.
وفاز عبدالله نور واسوغي في المرتبة الأولى في الوثب العالي في إحدى بطولات ألعاب القوى لمنطقة شرق أفريقيا التي اقيمت في العاصمة الكينية نيروبي في عام 1970. وبهذا الفوز الذي أدى إلى أن يرفع العلم الصومالي في تلك المناسبة الرياضية وأن يقف الجميع للنشيد الوطني الصومالي، اصبح واسوغي أول صومالي حقق نجاحا على هذا الغرار في تاريخ الرياضة الصومالية عامة وتاريخ ألعاب القوى خاصة.
هذا وقد رفع فوز واسوغي معنويات لاعبي ألعاب القوى في الصومال آنذاك ليحذو حذو هذا البطل الذي صنع التاريخ بواسطة جعل أحلامه حقيقة، وبعده ببضع سنوات، ظهرت مواهب ألعاب القوى الصومالية بشكل متتال، إد تمكن كل من عبدي جوليد علي و جامع أدم كراعين (عدائان في سباق المسافات المتوسطة)، وعلي محمد مودي (بطل الوثب العالي)، وغيرهم من الفوز بميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في مسابقات جمعت بلدان شرق أفريقيا وأخرى لدول الجامعة العربية.
وكما يلي كان ترتيب نجاحات هؤلاء اللاعبين حسب التسلسل الزمني:
1. عبدي جوليد علي:
2. جامع أدم كراعين
3. علي محمد مودي
هكذا استمرت النجاحات التي كان الصومال يحققها في ساحات ألعاب القوى القارية والعالمية حتى جاء عام 1988، ذلك العام الذي عرفه تاريخ ألعاب القوى الصومالية كعام استثنائي يختلف عن غيره من الأعوام التي سبقته.
سافر وفد من الاتحاد الصومالي لألعاب القوى إلى مدينة روما في يوم من عام 1988 ليشارك في الأولمبياد العالمية التي كانت تستضيفها العاصمة الايطالية في ذلك العام. وكان من بين الوفد الصومالي شاب في العقد الثاني من عمره والذي يدعى بـ “عبدي بيليه عبدي”.
شارك عبدي في سباق 1500 م من ضمن تلك الأولمبياد. قبل بدء السباق كان من الخيال أن فائز هذا الحدث سيكون شابا من دولة افريقية مسكينة تسمى الصومال، لكن ساقا عبدي بيلي الطويلتين قد أظهرتا معجزة أمام أعين الجميع لتكشفا الستار عن مواهب الجري التي وهبها الله لهذا الشعب الأسمر اللون الذي يعيش في تلك المنظقة الواقعة في قرن أفريقيا.
فاز عبدي بيله عبدي بسباق 1500 متر ليحصل على الميدالية الذهبية والتي ساعدته في أن يدخل التاريخ من اوسع الأبوب ليرفق اسمه بـ” بطل الأولمبياد”، تلك الدرجة التي يسعى إلى نيلها كل عداء في العالم.
ولم تكتف الأمور عند هذا الحد بل واصل هذا الشاب مسيرته الرياضية ليفوز بعد ذلك اليوم بعدة ميداليات على مستوى عالمي من بينها الميدالية الذهبية في سباق 1500م في البطولة العالمية لألعاب القوى في عام 1987.
من ذلك المنظلق، بدأت ألعاب القوى الصومالية تبرز مواهبها وقدراتها التي كانت من قبل مخفأة عن انظار العالم، وهو ما أرسل إلى كل العالم رسالة مفادها”الصومال دولة تستحق بأن يقدر دورها الفعال في مجال ألعاب القوى العالمية”. وفعلا استقبل العالم تلك الرسالة استقبالا كريما ليعترف بالصومال كمصنع ينتج ابطالا من شأنهم أن يضيفو جديدا في مجال ألعاب القوى العالمية.
وقد كانت ألعاب القوى الصومالية تواصل تطوراتها في ذلك الحين حتى غربت شمس النجاح لهذه الرياضة بحلول عام 1991، وذلك بعد اندلاع معارك أهلية ادت إلى سقوط الحكومة العسكرية بقيادة الجنرال الراحل محمد سياد بري.