صوماليون عالميون يتألقون في مختلف المجالات
صفاء عزب
آخر تحديث: 29/06/2019
القاهرة- أثبت الصوماليون أنهم لا يقلون عن أي فرد ينتمي إلى العالم المتقدم وأنهم قادرون على تحقيق إنجازات تدهش العالم وهو ما أكدته التجارب الواقعية لصوماليين وصوماليات اضطرتهم الظروف للعيش خارج الوطن والإندماج في العالم الغربي. ومن واقع تلك التجارب تأكد المعدن الطيب لأولئك الصوماليين الذين استطاعوا إدراك النجاح بل والتفوق على أهل البلدان التي يعيشون فيها في بعض الأحيان على الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها المهاجرون الأفارقة في المجتمعات الغربية، سيما ما يتعلق بالتفرقة العنصرية.
في الوقت الذي تسببت فيه الصراعات الأهلية الصومالية في نزوح عدد كبير من اللاجئين الصوماليين للخروج من أرض الوطن هربا من جحيم الحرب، وفي ظل تلك الظروف الصعبة كان هناك صوماليون يفكرون بإصرار على تحقيق آمال وأحلام بدت وقتها شبه مستحيلة، إلا أنهم أثبتوا أنه حين تتاح الظروف الملائمة فإنهم لا يعرفون المستحيل. ومن ثمار هذا الإصرار بروز أسماء صومالية كبيرة وتألقها في مختلف أنحاء العالم وفي شتى مجالات العمل الإنساني، سواء السياسي والإقتصادي أو الفني والرياضي.
على الصعيد السياسي نجح الصوماليون بفضل جدارتهم الكبيرة في الإستحواذ على ثقة مجتمعاتهم الجديدة وتحقيق مكاسب سياسية مهمة من خلال توليهم مناصب راقية سواء في المسار السياسي التشريعي أم التنفيذي. من أولئك الصوماليين السياسي أحمد حسين الذي أصبح أول وزير عربي مسلم في الحكومة الكندية بعد توليه منصب وزير الهجرة وشؤون اللاجئين والمواطنة. وهو يتمتع بشعبية كبيرة بين العرب والأفارقة في كندا كما يحظى بشهرة واسعة نظرا لأنه جاء إلى كندا مهاجرا عام 1993 بعمر 16 عاما واجتهد لتحقيق حلم التميز في الغربة. وبدأ طريق الحلم من خوض غمار العمل الإجتماعي كناشط في حقوق الإنسان ومختص في قضايا الهجرة مستفيدا من خبرته القانونية وعمله كمحام ترأس إحدى المنظمات الكندية الصومالية الكبرى في البلاد، والتي تساهم في إدماج الصوماليين في النسيج الاجتماعي المحلي. وتمتع بشهرة واسعة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية في 2015 من خلال الحزب الليبرالي. وقد برز اسم الصومالي أحمد حسين في القارة الأمريكية كلها، لتميز أفكاره في مواجهة التطرف داخل كندا حتى وصل صيته إلى الجارة أمريكا حيث دعته السلطات الأمريكية للإستعانة بخبرته في هذا المجال.
على نفس المنوال كانت المسيرة السياسية للصومالية إلهان عمر التي أصبحت أول مسلمة محجبة في الكونجرس الأمريكي بعد أن قضت 4 سنوات من حياتها في مخيم اللاجئين في كينيا وهي طفلة قبل أن تبدأ رحلة الهجرة مع العائلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ورغم ظروفها الصعبة آنذاك نجحت “عمر” في الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية وهو ما وضعها على مضمار السياسة وفي عام 2012 عملت كمديرة لحملة “كاري دزيدزيك” لعضوية مجلس شيوخ ولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي، ثم أصبحت تدير مجموعة نسوية تهتم بإعداد اللاجئات للاندماج في المجتمع الأمريكي. في الانتخابات التمهيدية فازت إلهان عمر بمقعد في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي في ولاية مينسوتا، بعد أن حصلت على 48% من أصوات الناخبين، قبل أن تدخل الكونجرس الأمر يكي بفوزها على مرشحة الحزب الجمهوري جينيفير زيلينسكي في الانتخابات العامة.
وعلى الرغم مما تعانيه الاقليات الإفريقية والمسلمة من عنصرية في كثير من دول العالم، نجحت الصومالية أوغباد كلينكي في الفوز بعضوية مجلس مدينة “إيمين” المحلي شمال شرقي هولندا وذلك عن حزب العمال الهولندي بعد حصولها على ألف وسبعة أصوات في الإنتخابات.
وفي السويد استطاعت الصومالية ليلى علي علمي الفوز بمقعد في البرلمان السويدي عن حزب الخضر لتكون أول امرأة من شرق إفريقيا تحقق هذا الإنجاز. وإذا كانت “علمي” أول امرأة من شرق إفريقيا تصل للبرلمان السويدي فإن عبد الرازق وابري قد سبقها للمنصب كأول صومالي في البرلمان السويدي خلال الفترة من 2010- 2014.
أحدث الإنجازات السياسية لصوماليين في الخارج كانت في مايو الماضي عندما أصبحت راقية اسماعيل أول رئيسة بلدية مسلمة محجبة صومالية في بريطانيا وذلك بعد أن تولت منصب نائب عمدة مديرية ” إزلنغتون ” شمال غرب لندن عام 2012 .
وعلى الصعيد الإقتصادي حقق صوماليون نجاحات طيبة بالخارج، ولم يكتف بعضهم بما حققه بل كان لوطنه نصيب كبير من اهتمامه وهو في بلاد الغربة كما فعل رجل الأعمال الإقتصادي محمد علي، رئيس مؤسسة إيفتين للأعمال الحرة وصاحب مشروع وطني للإهتمام بشباب الصوماليين. عندما هاجر من الصومال إلى ولاية أوهايو الأمريكية درس محمد علي قانون الهجرة في جامعة الولاية ثم أخذ يمارس أعماله الحرة بينما كان الحنين للوطن قابعا في أعماقه مما دفعه لتأسيس مؤسسة إيفتين كوسيلة لمساعدة أبناء بلاده. وفي عام 2010 وقع عليه الإختيار ليكون ضمن ثمانية من القيادات الشابة المسلمة التي وجهت إليهم الدعوة للقاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وعلى الرغم من مطاردة العمليات الإرهابية لبعض مشروعاته إلا أن محمد علي يمتلك إصرارا كبيرا على تحقيق حلمه في حل مشاكل الشباب الصومالي داخل وطنه من خلال مشروعاته الإستثمارية ذات الأهداف الوطنية.
كما نجح الصوماليون في خوض غمار السياسة والإقتصاد بنجاح، تألقت أسماء صومالية في سماء الرياضة والفن والموضة أيضا في مختلف أنحاء العالم. في المجال الرياضي استطاعت جواهر روبلي أن تحقق إنجازا كبيرا وتصبح أول حكم كرة قدم من النساء المسلمات في بريطانيا. لقد كانت “روبلي” تمارس لعبة كرة القدم تحت طلقات الرصاص مما اضطرها للجوء إلى بريطانيا والعمل في تدريب لاعبات كرة القدم الصغيرات في ملعب ستونبريدج الترفيهي في شمال غرب لندن واستطاعت تحقيق نجاحات كبيرة وتسعى لتحقيق حلمها الكبير بالمشاركة في التحكيم ببطولة كأس العالم للسيدات عام 2023.
ويعد العداء العالمي محمد فارح أشهر بطل صومالي رياضي في ألعاب القوى وذلك للإنجازات الدولية الكبرى التي حققها منها الفوز بسباق ماراثون شيكاغو في نسخته الـ41 لفئة الرجال وكانت أولى مشاركاته الرسمية في بطولة أوروبا لسباق خمسة آلاف متر عام 2010 وحصد خلالها ميداليتين ذهبيتين لسباقي خمسة آلاف متر و10 آلاف متر. وفي عام 2012 فاز “فارح” بسباقي 5 آلاف متر وآخر 10 آلاف متر في أولمبياد لندن ليكون أول بريطاني في التاريخ يفوز بذهبية أولمبية في سباق 10 آلاف متر كما أصبح أول عداء بريطاني يحصل على ذهبية سباق 5 آلاف متر في بطولة العالم لألعاب القوى وهذا بعد أسبوع واحد من خوضه لسباق طوله 10 آلاف متر لنفس البطولة وهو إنجاز كبير بكل المقاييس جعله محل تقدير الجميع وصولا لأعلى مستوى حيث كرمته ملكة بريطانيا ومنحته لقب سير تقديرا لجهوده وإنجازاته.
قصة تألق أخرى ولكن من نوع مختلف بطلها الصومالي برخد عبدي الذي تحول من سائق تاكسي إلى نجم سينمائي في سماء هوليوود ومرشح لجائزة الأوسكار. لقد عاش عبدي حياة صعبة في طفولته بسبب الحرب في بلاده مما اضطر أسرته للهجرة إلى الولايات المتحدة ليستقر في مدينة منيابلوليس بولاية مينيسوتا حيث توجد جالية صومالية كبيرة. وظل يعمل في أعمال بسيطة لكسب لقمة العيش حتى سمع عن مسابقة لطلب ممثلين عبر قناة تليفزيونية محلية. ونجح في الإختبار وتم اختياره لمشاركة نجوم عالميين منهم الممثل توم هانكس ونجحت التجربة ووضع اسمه مع برادلي كوبر وميكائيل فاسبيندر وجوهان هيل وجارد كأحد المرشحين للأوسكار العالمية عام 2014 عن دوره بفيلم “Captain Phillips، وفاز بجائزة مهرجان البافتا في نفس السنة، عن نفس الدور أيضا، حيث حصل على جائزة أفضل دور ممثل مساعد من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما، وأشاد النقاد والفنانون بأداء “عبدي” وتفوقه على نجوم هوليوود المشاركين له في الفيلم.
وقد شهد هذا الفيلم ظهورا مميزا لفنان صومالي شاب آخر هو فيصل أحمد الذي يشارك كبار المخرجين العالميين في العديد من الأعمال السينمائية الشهيرة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية أيضا لمعت أسماء نسائية في مجال الدعاية والموضة منها حليمة آدم أول عارضة أزياء مسلمة صومالية تظهر بحجاب على غلاف مجلة “سبورتس إيلوستريتد” (Sports Illustrated). وقالت عنها صحيفة “غارديان” أنها ليست المرة الأولى التي تتصدر فيها حليمة الصحف، حيث كانت أول متنافسة مسلمة ترتدي الحجاب في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2016. كما كانت حليمة أول عارضة أزياء ترتدي الحجاب وتظهر على غلاف مجلة أمريكية كبرى عندما ظهرت على غلاف مجلة US Allure في عام 2017، ثم تصدرت في عام 2018 غلاف مجلة British Vogue. وتحرص حليمة على رسالة معينة من خلال نشاطها الدعائي العالمي مضمونها التأكيد على أن الإسلام والحجاب لا يتناقضان مع العمل وتحقيق النجاح في أي مجال، وأن الإحتشام لا يتعارض مع الجمال.