مستقبل مشرق ينتظر إفريقيا الغنية بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة
صفاء عزب
آخر تحديث: 20/06/2019
القاهرة- تشهد القاهرة حاليا انعقاد ورشة عمل تدريبية تقيمها وزارة الكهرباء والطاقة المصرية على مدار ثلاثة أيام وحتى العشرين من يونيو الجاري (اليوم) بمشاركة 21 دولة إفريقية وممثلين من الشركة المصرية لنقل الكهرباء وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بالاضافة إلي ممثلي مركز التميز الاقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة RCREEE وممثلي بعض شركات القطاع الخاص المصري المنفذين في مشروع بنبان. تأتي هذه الفعالية الإفريقية بمصر لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء الصغيرة ومتناهية الصغر بالدول الإفريقية الأشد احتياجًا للكهرباء، والإستفادة من تجارب عملية في مواجهة تحديات نقص الكهرباء وانقطاعها وكذلك مشروعات الطاقة المتجددة وموقف الدول الإفريقية من أزمة الطاقة العالمية. كما شهد شهر يونيو أيضا فعالية أخرى ذات صلة بالكهرباء والطاقة في إفريقيا حيث انعقد في إثيوبيا المنتدى الوزاري السنوي الأول المشترك بين مفوضية الإتحاد الإفريقي ووكالة الطاقة الدولية حول مستقبل الطاقة في إفريقيا باعتبارها الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية بكافة أنواعها. وقد تواكب ذلك مع انعقاد منتدى الطاقة المتجددة في إفريقيا بالعاصمة الغينية كوناكرى والذي تركز حول تعزيز الاستثمار فى قطاع الطاقة المتجددة بإفريقيا ودعم الشراكة بين القطاع العام والخاص، والخطوات القادمة لمبادرة الـ AREI إتساقاً مع أجندة 2030 وإتفاقية باريس. ويذكر أن هناك خمس دول إفريقية، من إجمالي ثماني كيانات دولية، يمثلون نقاط الإتصال الخمسة وهم مصر، غينيا، كينيا، ناميبيا، وتشاد وجميعهم يمثلون أعضاء اللجنة الفنية المعنية بهذا الموضوع ويضاف إليهم كل من فرنسا ومفوضية الإتحاد الأوروبي ومفوضية الإتحاد الإفريقي.
ويأتي انعقاد مثل هذه الفعاليات بشكل مكثف في الفترة الأخيرة تأكيدا على تلك الأهمية الحيوية للطاقة والحرص على مواجهة التحديات المستقبلية المرتبطة بها درءا للعقبات التي يمكن أن تتسبب في تعطيل عجلة الإنتاج وقطار التنمية، سيما مع زيادة المشكلات الخاصة بنقص الطاقة في كثير من دول العالم ومنها دول القارة السمراء بطبيعة الحال. لقد كشفت تقارير دولية تعود لعام 2018 ومعنية بتوقعات مستقبل الطاقة في العالم ومنها قارة إفريقيا أن هناك 600 مليون إفريقي محرومون من الإستمتاع بالطاقة الكهربية المستدامة، وأشارت تلك التقارير إلى أن الوضع يزداد سوءا كلما اتجهنا نحو القرى والمناطق ذات الطبيعة الريفية وهو ما ينعكس سلبا على العملية الإنتاجية وخاصة في مجالات العمل الصناعي.
ما يثير التعجب هو أن يعاني الأفارقة من أزمة طاقة في الوقت الذي تزخر فيه بلادهم بثراء كبير في موارد الطاقة بكافة أنواعها متمثلة في الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة واللذين يلعبان دورا حيويا في الحياة الإقتصادية والتنمية الصناعية أينما وجدا. لقد منح الله القارة السمراء كافة أنواع الطاقات وهي تعتبر من أغنى مناطق العالم في الطاقة النظيفة بحكم موقعها الجغرافي، حيث توجد بإفريقيا 12% من إجمالي الطاقة الكهرومائية في العالم بما يعادل 330 جيجاوات، ولديها 32% من إجمالي طاقة الرياح العالمية بمعدل ( 67 ألف تيراوات/ ساعة سنوياً ). كما تحتل إفريقيا موقعا متميز في قائمة المناطق الغنية بالطاقة الشمسية حيث تمثل إمكانات الطاقة الشمسية فيها حوالى 40٪ من الإجمالى العالمى بما يعادل (665ألف تيراوات/ ساعة سنوياً ).
في ظل هذه الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها قارة إفريقيا تأتي أهمية المبادرات الدولية والفعاليات الخاصة بدعم التعاون الدولي لتعظيم الجدوى الإقتصادية الممكنة من كل هذه الإمكانيات الإفريقية. كما تحتاج إفريقيا إلى إتاحة الفرصة لإقامة مشروعات الطاقة العملاقة لتوفير الطاقة الحديثة والمستدامة في إطار أجندة إفريقيا 2063، التي تهدف إلى الإسراع في مشروعات تطوير البنية التحتية الإقليمية واستدامة موارد الطاقة الإفريقية وضمان الوصول بها لأعلى مستويات الكفاءة، وبالكيفية التي تجعلها متجددة وصديقة للبيئة في نفس الوقت.
وهي مشروعات يستلزمها الواقع المعاش للتغلب على المشكلات العالمية الطارئة في مجال الطاقة مثل نضوب الوقود الأحفوري ومحددات تغير المناخ. ولمواجهة هذا الواقع ينصح الخبراء بالإسراع في إنجاز المشروعات الخاصة بالتحول من استخدام الشبكات التقليدية إلى الشبكات الذكية والتحول من الربط الكهربائي الإقليمى، إلى الربط الكهربائي الدولي ومن توليد الطاقة الكهربائية بإستخدام الوقود الإحفورى إلى الاعتماد على مصادر الطاقة.
جدير بالذكر أن هناك ما يسمى بمبادرة الطاقة المتجددة (AREI) التي تهدف إلى توليد 10 جيجاوات من مشروعات الطاقة المتجددة في إفريقيا بحلول عام 2020 وزيادة هذه القدرات إلى 300 جيجاوات بحلول عام 2030.
إن نمو أسواق الطاقة بما يتوازى مع النمو المتسارع في حجم الطلب على الطاقة في إفريقيا، يستلزم إزالة الحواجز والمعوقات من خلال تفعيل آليات التكامل الإقتصادي بين دول القارة السمراء ولو من خلال تكامل جزئي في مناطق معينة كشرق إفريقيا على سبيل المثال كنواة لتكامل شامل في قارة إفريقيا، حيث يمكن هذا التكامل من سد النقص في النواحي الفنية والبشرية وتيسير نقل الخبرات واستثمارات تمويل المشروعات وهو ما يسهم في سرعة الإنجاز وتعظيم المردود الإقتصادي على كافة شعوب المنطقة.