استقالة وزير الإعلام الصومالي غيلى… اسباب ودلالات ورسائل
الصومال الجديد
آخر تحديث: 7/05/2019
أعلن وزير الإعلام السابق طاهر محمود غيلى بصورة مفاجئة استقالته من منصبه في الأول من شهر مايو الحالي في مقابلة مع إذاعة صوت أمريكا. وعلى الرغم من أن استقالة سياسي من منصبه أمر طبيعي، لكن قرار استقالته أصبح بمثابة صدمة على الحكومة الحالية برئاسة حسن علي خيري.
إذا ما أسباب استقالته؟، وما أصداء تلك الاستقالة المفاجئة؟، وما هي الدلالات التي تحملها في طياتها؟، هذه الأسئلة وغيرها يناقشها هذا التحليل الموجز.
الأسباب
يذهب كثير من المحللين والسياسيين الذين يعرفون الوزير المستقيل وشخصيته وعلاقته مع النظام بأن استقالته لم تكن مفاجائة بقدر ما كانت منتظرة في وقت مبكر من توليه منصبه، إذ أن مشكلة تباين وجهات النظر التي تحدث عنها الوزير غيلى في مقابلته مع إذاعة صوت أمريكا الخدمة الصومالية والتي أعلن من خلالها استقالته من منصبه بدأت في وقت مبكر ولم يتمكن من إحداث أي تغيير خلال 11 شهرا استمر الوزير فيها على العمل مع وجود خلافات في الرؤى السياسية بينه وبين النظام، وكيفية إدارة جمل من الملفات الداخلية والخارجية والتعامل مع الولايات والمناطق، وحتى وسائل الإعلام.
ومن أهم أسباب استقالته حسب بعض المحللين كون الرجل سياسيا له وزن ثقيل، وأكاديميا أدار الوزارة نفسها في فترة سابقة باقتدار وعمل مع حكومة سابقة في وقت كانت البلاد تمر فيه بمرحلة انتقالية حرجة، من الواضح أن غيلي لم تعجبه سياسة الحكومة الحالية في التعامل مع الوزراء بحيث لم يستطع على حد تعبيره التأثير عليها عن طريق تقديم المشورة والرأي كما أنها لم تعر أي اهتمام لتوصياته حول تحسين أداء الحكومة والوزارة، بمعنى أن البيئة السياسية لم تكن مهيأة لاستماع النصائح، ما يعني أن المساحة التي تسمح للوزراء بالإدلاء بآرائهم في القضايا السياسية ضيقة جدا.
ومن الأسباب الكامنة وراء استقالة غيلى القرارات الانفرادية التي تأتى إليه من الأعلي دون الاستشارة معه حيث أفادت وسائل إعلام وجود علاقة بين استقالة الوزير غيلى وبين إقالة رئيس المسرح القومي عثمان عبدله غورى من منصبه في التاسع والعشرين من شهر أبريل المنصرم إثر خبر حول عزم رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري على الاستقالة نشرته إذاعة كلميه الخاصة التي يملكها غورى المقال.
أصداء ودلالات
وفيما يتعلق بأصداء تلك الاستقالة فقد أحست الحكومة بنوع من الصدمة إذ ان استقالة وزير معتدل له ثقل سياسي مثل طاهر غيلى في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به البلاد وتواجه فيه الحكومة ضغوطا متزايدة من معارضيها تعتبر صفعة على جبين الحكومة. ولذلك سارع رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري في غضون سويعات إلى تعيين محمد عبده حير ماريى وزيرا للإعلام خلفا للوزير المستقيل طاهر غيلى، كما عين السياسي عبد الله علي حسن المنحدر من نفس عشيرة غيلى وزيرا للتجارة. واعتبر بعض المحللين تعيين البديل لملء الفراع بهذه السرعة خطأ سياسيا فادحا، يبعث للمتابعين إشارة إلى أن الحكومة اعطت الاهتمام لملء الفراغ فقط دون النظر إلى أهمية منح وقت كاف للمشورة ودراسة الموضوع بحثا عن الشخصية المناسبة. ومعلوم أن الحكومة لم تكن متعودة على ملء المناصب الشاغرة على الفور وخاصة المناصب الوزارية لأسباب سياسية معروفة، لكنها استعجلت هذه المرة مما يؤكد على وجود الإحساس المشار إليه آنفا.
وهناك جملة من الدلائل تحملها استقالة الوزير غيلى لعل أبرزها غياب الشورى والمؤسساتية وعدم التعاون بين الوزراء ومسؤلي الحكومة الفدرالية، وأن الوزير الذي استشعر جسامة المسؤلية مع انعدم التعاون لم يعد أمامه الا الاستقالة.
ومن الدلالات التي تحملها هذه الإستقالة أن الحكومة مستمرة على نهجها السياسي منذ تشكيلها في بداية عام 2017، وأنها ماضية في تنفيذ سياساتها دون الاكتراث أو الاهتمام بآراء السياسين المخالفين معها في الرؤى السياسية والفكرية.
ومن دلالات استقالته كذلك أنه قام بمحاولات متكررة في ادخال إصلاحات وتعديلات إلى الوزارة خلال وجوده فيها الا أنه لم يتمكن من المضي قدما في تنفيذ تلك السياسات بعد اصطدماها بجدران الرفض الحكومي.
رسائل
ويحمل قرار استقالة طاهر محمود غيلى من منصبه رسائل إيجابية لكل السياسيين الصوماليين، ومن أبرزها:
• أن يركز السياسي خلال بقائه في المنصب على العمل بجدية، وأن يغادر المنصب إذا لم يستطع مواصلة العمل ويمنح الفرصة للآخرين.
• أن المناصب أمانة على عاتق المسؤولين، وعليهم أن يؤدوا تلك الأمانة على الوجه الأكمل، وأن يظهر كبار المسؤولين قدرا من الاحترام والتقدير وتقبل الرأي الآخر والمشورات والتوصيات
• بعث رسالة بشكل مباشر إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء مفادها ضرورة تغيير النمط السياسي والالتزام بالديمقراطية وحرية الرأي والاستشارة.