كيف رد الرئيس فرماجو على الاحتجاجات الشعبية؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 14/04/2019
شهدت العاصمة الصومالية مقديشو يوم أمس السبت احتجاجات شعبية غاضبة جابت بعض الشوارع الرئيسة في العاصمة إثر مقتل سائق عربة توك توك وخاله المرافق له لدى محاولته عبور نقطة تفتش على يد شرطي، وبدأت تلك الإحتجاجات التي قام بها سائقو عربات توك توك بشكل عفوي، وانضم اليهم لاحقا جموع من الشعب الغاضب على تصرفات قوات الشرطة التي قتلت حسب بعض المصادر في غضون ثلاثة أشهر مضت ما يقارب 60 سائقا.
على الرغم من أن الاحتجاجات قد صاحبها بعض أعمال الشغب الا انها لم تكن ترقى إلى مستوى يستدعي القلق أو حصول انفلات أمني في العاصمة، ومع ذلك استخدمت الشرطة الذخائر الحية ضد المتظاهرين العزل مما أدى الى مقتل مدنيين في بعض الأماكن حسب ما أفادته الصحافة المحلية.
ومن جانب آخر تجمع بعض أنصار الحكومة في مديرية ورتانبدا في قلب العاصمة حيث خاطبهم الرئيس محمد عبد الله فرماجو، وكما بدا من الحضور فقد تم تنظيم التجمع على عجل من قبل إدارة محافظة بنادر بحيث كان جل أو كل الحاضرين نساء وأطفالا، واذا نظرنا الى ردة فعل الرئيس محمد عبد الله فرماجو فقد كانت عنيفة وعشوائية وغير منظمة، فقد استهل الرئيس الذي كان يستشيظ غضبا كلامه بوصف ما جرى بأنه شيء قبيح تجاوزه الشعب الصومالي، وراح يمتدح القوات المسلحة الصومالية التي تم تدريبها حسب الرئيس للرحمة والشفقة على الشعب وكانه يمهد لتبرير قتل الأبرياء العزل مع انه قدم تعازيه لذوى الضحايا.
وكان يبدو من ردة فعل الرئيس أنه كان ممتعضا ويمكن ملاحظة ذلك من خلال وصفه لما جرى من الاحتجاجات بانها أعمال غير قانونية الهدف منها إشاعة الفوضى والإرهاب وبث الرعب في نفوس المواطنين، وأن عناصر من حركة الشباب انضمت او اندست في صفوف المحتجين، واصفا الاحتجاج بأنه دعم للإرهابين حسب تعبيره، وفي معرض حديثه عن حرق إطارات السيارات من قبل بعض المتظاهرين قال: “إن حرق الإطارات يعني وجود حكومة ديكتاتورية ونحن لسنا كذلك”. وأضاف “نحن جئنا برغبتكم وانتم تعرفون كيف رحبتم بنا عند انتخابنا ولا زلتم تحبوننا، والسبب أن الحكومة التي انا رئيسها حكومة جيدة لها امانة”. ويمكن الإستنتاج من هذه الفقرة من خطاب الرئيس انه يعاني من القلق والإحباط الشديدين إزاء تطورات الأحداث في البلاد في الأيام الأخيرة، وقد حاول الرئيس نفي الدكتارتورية عن حكومته التي عرف عنها الإفراط باستخدام القوة ضد السياسين المعارضين لها والامثلة في هذا الصدد لا تحتاج الى استعراض لتوفرها بكثرة، كما وصف الحكومة بانها حريصة على العدل وانها لا تعرف القبلية.
ومن الملاحظ أيضا أن الرئيس الذي عرف بلزوم الصمت عند وقوع أحداث أمنية راح ضحيتها العشرات سارع أمس إلى الرد على المتظاهرين وكيل الاتهامات لهم بعد أن استشعر أن المظاهرات التي شهدتها العاصمة تعكس امام العالم الواقع الذي يعيشه سكان المدينة خاصة وأن بعض المشاركين في تلك المظاهرات طالبوا بإزالة حواجز الطرق التي عكرت صفو حياتهم وجعلت التنقل بين أحياء العاصمة في غاية الصعوبة رغم أنها لم تساهم في الحد من الهجمات التي تشنها حركة الشباب بين الحين والآخر، وغاب عن الرئيس أن الذين تظاهروا أمس ضد حكومته هم الذين نزلوا قبل سنوات إلى الشوارع تأييدا له بعد ما أجبر على التنحي عندما كان رئيسا للوزراء في عهد الرئيس السابق شريف شيخ أحمد ورحبوا به أيضا عند انتخابه رئيسا للجمهورية لكنهم لم يجدوا هذه المرة بدا من التظاهر تعبيرا عن معاناتهم بعد فشل حكومته في معالجة الأزمات الأمنية وإيقاف اعتداءات قواتها وتضييقها الخناق عليهم.
وعلى العموم فإن المشاكل التي تعج بها الساحة الصومالية بشكل عام والعاصمة مقديشو بشكل خاص ماثلة للعيان ولن تحل تلك المشاكل بإلقاء الخطب وإرسال الاتهامات جزافا بل إن الواجب على الرئيس وحكومته بعد قيام الشعب بالاحتجاجات للتعبير عن معاناتهم مواجهة الواقع بشجاعة وحكمة قبل ان تتطور الأمور على نحو لا يبشر بخير والحرص على إخراج الأمة من النفق المظلم إلى بر الأمن والسلام.