مواجهة بين مبعوث الأمم المتحدة ومندوب الصومال في مجلس الأمن
الصومال الجديد
آخر تحديث: 4/01/2019
واجه مبعوث الأمم المتحدة إلى الصومال السفير نيكولاس هايسوم الذي اعتبرته الحكومة الصومالية مؤخرا شخصا غير مرغوب فيه مندوب الصومال لدى الأمم المتحدة أبوبكر طاهر عثمان “بالي” في مجلس الأمن.
وأشار المبعوث الدولي- الذي تجاهل قرار طرده من الصومال ولم يتطرق إليه- إلى أن القلاقل السياسية في الصومال قد تحيد بالبلاد عن مسار السلام ولاستقرار، وأضاف أنه حظي بترحيب كبير عند مجيئه إلى الصومال في الـ 3 من أكتوبر الماضي لمباشرة عمله، وأشاد بالخطوات التي اتخذها مكتب رئيس الوزراء في محاربة الفساد لكنه عبر عن مخاوفه من تأثيرات الخلاف بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية على البلاد، مشيرا إلى أن هناك العديد من القضايا التي يجب إنجازها مثل إعادة صياغة الدستور وتطبيق الفيدرالية وتحقيق المصالحة وألمح إلى ان قانون الانتخابات لم يتم تقديمه إلى البرلمان، مضيفا أن ذلك أضاع فرصة مهمة نظرا لتعهدات الحكومة الفيدرالية السابقة بمصادقة البرلمان على قانون الانتخابات بحلول ديسمبر 2018 وذكر أن ذلك قد يؤثر على الجدول الزمني للانتخابات القادمة.
وصرح هايسوم في إفادته أمام المجلس بأن قرار الولايات الإقليمية الصومالية في سبتمبر 2018 تنسيق العلاقات مع الحكومة الفيدرالية أصاب المجتمع الدولي بالإحباط، وكشف عن جهود كبيرة بزعامة مسئولين صوماليين بذلت لتجاوز الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات، مضيفا أن الخلافات تفاقمت بعد اقتراب الانتخابات الرئاسية في بعض الولايات الصومالية كالانتخابات التي أجريت في ولاية جنوب غرب الصومال والانتخابات التي يتوقع إجراؤها في ولاية بونتلاند خلال هذا الشهر، مشيرا إلى المشاكل التي شهدتها الانتخابات الرئاسية في ولاية جنوب غرب الصومال، وذكر المبعوث الدولي أن اعتقال القيادي السابق في حركة الشباب مختار روبو الذي كان أحد المرشحين لتلك الانتخابات قد يؤثر على قيادات الحركة الراغبين في الانشقاق عنها والانضمام إلى الحكومة الصومالية نظرا لما جرى لروبو، وحث الحكومة الفيدرالية على إدارة الانتخابات في الولايات دون تدخل فيها والإسراع إلى إعادة صياغة الدستور لتحقيق تطلعات الصومالييين إلى الانتخابات المقرر إجراؤها في 2020.
من جانبه ندد مندوب الصومال أبوبكر بالي بالهجوم الذي تعرض له مقر بعثة الأمم المتحدة في مقديشو، وأشار إلى أن الحكومة الصومالية بدأت التحقيق في ذلك الهجوم، وأنها تتعقب المسئولين عنه، وتطرق في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي إلى الإنجازات التي تحققت للحكومة الفيدرالية التي يقودها الرئيس محمد عبد الله فرماجو، وذكر أن الحكومة تتعاون بشكل وثيق مع منظمات الأمم المتحدة المختلفة وتحترم قوانين المنظمة الدولية التي انضم الصومال إليها بعد حصوله على الاستقلال عام 1960.
وأضاف عند حديثه عن قرار طرد المبعوث الدولي من الصومال أن الحكومة الصومالية لن تقبل التدخل في شئونها، والقيام بتصرفات تعد خرقا للأعراف الدبلوماسية وتعكر الأجواء وتعرقل الإنجازات التي تم إحرازه، مشيرا إلى ان الحكومة مستقلة في اتخاذ قراراتها، وذكر أن بلاده تخوض حربا ضد الإرهاب والقبلية والفساد مما يحتم على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانبها لا وضع العراقيل أمامها، وأوضح أن القيادي السابق في حركة الشباب مختار روبو لم يستكمل شروط التأهيل المخصصة بالمنشقين عن الإرهابيين مضيفا أن مبعوثي الأمم المتحدة السابقين هم الذين كانوا يطالبون في الانتخابين الأخيرين الذين شهدتهما البلاد بعدم السماح لمن تورطوا بأعمال إرهابية في الترشح، مؤكدا أن الصومال لن يقبل الدفاع عن الإرهابيين ووضعهم في مصاف الأبرياء.
وبالرغم من أن من كلا من مبعوث الأمم المتحدة ومندوب الصومال دافع عن موقفه في الخلاف القائم بين الطرفين والذي دعا الحكومة الصومالية إلى طرد المبعوث الأممي من بلادها، إلا أنه لم يتضح الموقف الرسمي للأمم المتحدة من قرار الحكومة الصومالية ضد مبعوثها، ويبدو أن هناك مناقشات وراء الكواليس لحلحلة هذا الموضوع، خاصة وأن فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ذكر للصحفيين أن الأمين العام طلب من السلطات الصومالية توضيحات بشأن قرار طرد هايسوم، قائلا إن الأمم المتحدة تتوقع أن يستمرمبعوثها في ممارسة عمله بالصومال.
وكانت الحكومة الصومالية اتخذت قرارا بطرد السفير نيكولاس هايسوم من بلادها بعد مطالبته إياها في رسالة إلى وزارة الأمن الصومالية بتقديم توضحيات حول انتهاكات لحقوق الإنسان وقعت في مدينة بيدوا عاصمة ولاية جنوب غرب الصومال المؤقتة في الأيام التي سبقت الانتخابات الرئاسية في الولاية والتي عقدت في الـ 19 من ديسمبر الماضي بما في ذلك قتل مدنيين وزج مئات المتظاهرين في السجون كما دعا إلى الكشف عن القوانين التي اعتمدت عليها الحكومة في اعتقال المرشح مختار روبو.
وبصرف النظر عن أن الحكومة الصومالية اعتبرت ما ورد في رسالة المبعوث الدولي انتهاكا للأعراف الدبلوماسية وخرقا لسيادة الصومال واتخذت قرار طرده بناء على ذلك فإن أن ما جرى في مدينة بيدوا كان أصلا مثار خلاف بين الصوماليين أنفسهم فقد عارض نواب في مجلسي الشيوخ والشعب للبرلمان الفيدرالي الصومالي ما أسموه تدخل الحكومة الصومالية السافر في انتخابات الولاية بل إن رئيس مجلس الشعب محمد مرسل شيخ عبد الرحمن عارض على تلك التدخلات وكانت أحد أسباب الخلاف بينه وبين كل من رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء حسن علي خيري وإن تمكن الأخيران من التوصل إلى اتفاق معه لاحتواء الخلاف القائم بينهم، كما أن مجموعة الأزمات الدولية نددت في تقرير لها ما جرى في بيدوا واستنكرت تدخلات الحكومة الصومالية في انتخابات ولاية جنوب غرب الصومال.
وأبدى كثير من المراقبين خشيتهم من انعكاس الخلاف الجديد بين الحكومة الفيدرالية والأمم المتحدة سلبا على الأوضاع السياسية في الصومال المتأزمة أصلا بعد وصول العلاقات بين الحكومة وبين بعض الولايات الإقليمية إلى طريق مسدود وكذلك الخلاف بينها وبين القوى المعارضة سواء كانوا قيادات في الأحزاب السياسية أو نوابا في البرلمان خاصة وأن الأطراف الصومالية انقسمت على نفسها إزاء القرار الذي اتخذته الحكومة الفيدرالية ضد مبعوث الأمم المتحدة حيث عارضت إدارة أرض الصومال الانفصالية ومجلس تعاون الولايات الإقليمية ونواب في مجلس الشعب القرار الذي وصفه مجلس تعاون الولايات في بيان له بالمتسرع وأشادت تلك الأطراف بأداء المبعوث الأممي.