نتائج المؤتمر التشاوري للقبائل الصومالية في إثيوبيا
عبد الله الفاتح
آخر تحديث: 18/08/2018
انطلقت وسط إجراءات أمنية مشددة صباح الخميس الـ 2 أغسطس 2018م، بمدينة ديريدوى شرقي إثيوبيا، أعمال المؤتمر التشاوري الأول، الذي نظمته حركة شباب التغيير (Barbaarta Siti) وبرعاية الأوجاس/ مصطفي محمود، زعيم قبيلة العيسى، وذلك بحضور أكثر من 1300 مشارك يمثلون مختلف القبائل الصومالية القاطنة في الإقليم الصومالي في إثيوبيا، والتي يقدر عددها بحوالي 32 قبيلة، إضافة إلى ممثلي التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والكيانات الفئوية والحركات الشبابية والمؤسسات الإعلامية والبحثية المهتمة بالشأن الصومالي وغيرها.
وقد جاء هذا المؤتمر في لحظة تاريخية حاسمة يمر بها الإقليم الصومالي، في ظل تأزم العلاقات بين رئيس الإقليم عبدي محمود عمر (المستقيل) ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، فضلاً عن اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لسياسات حكومة الإقليم والتي تقودها حركة شباب التغيير (Barbaarta Siti).
جانب من وقائع المؤتمر:
بدأت الجلسة الافتتاحية في مداولة أعمالها عند ساعة الثامنة صباحاً، بكلمة مقتضبة وهادفة لرئيس لجنة الإعداد السيد/ بوح حسين، رحب فيها بالوفود المشاركة، مشيداً بالدور المحوري والعمل البطـولي السلمـي الذي تبذلها الحركات الشبابية وفي مقدمتها حركة شباب التغيير (Barbaarta Siti) من أجل تغييـر الواقع السياسـي والاقتصادي والاجتماعي المتخلف الذي لا زال النظام الحاكم يحاول تجسيده وفرضـه على شعب الإقليم، وأوضح فكرة قيام هذا المؤتمر التشاوري وما مر به من خطوات ومراحل، كما أبان دواعي وأهداف قيام المؤتمر والتي لخصها في تعميق ثقافة الحوار وسط المجتمع الصومالي وبسط روح التعاون والتشاور، من أجل تعزيز الوحدة، وصولاً لبناء نظام سياسي ديمقراطي يسع الجميع ويحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في الإقليم، وتوصيف الأزمات السياسية المتراكمة التي يعاني منها الإقليم، والمساهمة في تقديم الحلول والمقترحات للخروج من حالة الانسداد السياسي التي يمر بها الإقليم، وتقييم الأداء السياسي للقوى السياسية المعارضة وعلاقاتها بالحركات الشبابية الفاعلة في الميدان، والتعرف على مواضع الاتفاق والاختلاف في مرحلة التغيير، تثميناً للإيجابيات وتلافياً للسلبيات، وأعلن انطلاق فعاليات المؤتمر بشكل رسمي، وذلك بعد انتخاب مجلس رئاسـي مكون من خمسة أعضاء لإدارة وتنظيـم أعمال المؤتمـر.
وقائع المؤتمر في اليوم الأول:
بدأت الجلسة الأولى عند ساعة (14:30) مساءاً وانتهت في الساعة السادسة مساء، وقد أدار أعمال الجلسة السيد/ محمد آدم بله، نائب رئيس الإقليم وأمين عام حزب (SODAF) المعارض.
وخصصت الجلسة لمناقشة مجمل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي يعاني منها شعب الإقليم الصومالي في ظل حكم الرئيس عبدي محمود عمر (المستقيل)، وتمحورت مداخلات ومناقشات ممثلي محافظات الإقليم المختلفة حول طبيعة المشهد السياسي والأمني الراهن في الإقليم، واستعراض الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والجرائم البشعة التي ترتكبها الأجهزة الأمنية في الإقليم بحق المجتمع الصومالي وقياداته السياسية والاجتماعية والدينية، وقد تلخصت أهم مداخلات المشاركين في:
أن الإقليم الصومالي يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، نتيجة للاستبداد الداخلي وتفشي حالات من الظلم والحرمان التي يعاني منها كثير من الشرائح الاجتماعية، الأمر الذي يساعد في تأجيج الصراعات والحروب الأهلية بين مكونات المجتمع الصومالي.
فشل جميع السلطات المحلية التي تعاقبت على حكم الإقليم في تحقيق الوفاق الوطني والتحول الديمقراطي والتعددية السياسية في الإقليم.
اعتبار الإدارة الحالية بقيادة الرئيس عبدي محمود عمر (المستقيل)، من أسوء الإدارات التي حكمت الإقليم وأكثرها قمعاً واستبداداً بحق المجتمع الصومالي في الإقليم.
غياب رؤية سياسية استراتيجية لحكومة الإقليم، للتعامل مع التحولات التاريخية الكبيرة التي تمر بها إثيوبيا، وقد عزلت نفسها عن محيطها المحلي والخارجي، وبالتالي أصبحت سياساتها مبعثا للقلق ومهددة لأمن واستقرار الأقاليم المجاورة.
تعمد رئيس الإقليم (المستقيل) إلى إثارة النعرات العرقية والقبلية من أجل تعميق أزمة الثقة بين الشعبين الصومالي والأورومو الشقيقين، خدمة لأجندات الجبهة الشعبية لتحرير التغراي (TPLF) التي تسعى إلى جعل الإقليم ساحة لتصفية حساباتها مع القيادة الإثيوبية الجديدة.
وقائع المؤتمر في اليوم الثاني:
بدأت الجلسة في الساعة الثامنة صباحاً واستمرت حتى الساعة السادسة مساءا، وقد خصصت أعمال الجلسة لتشخيص الأزمة السياسية التي يمر بها الإقليم الصومالي حالياً، واستعرض المشاركون خلال مداخلاتهم طبيعة الأزمة السياسية الراهنة التي يعيشها الإقليم، وتحليل أهم ملابساتها وأسبابها الحقيقية، وكذلك انعكاساتها وتداعياتها السالبة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في الإقليم، وقد أجمع المشاركون على أن الأزمة السياسية الراهنة التي يعاني منها شعب الإقليم ليست مرتبطة بالمجتمع بقدر ما هي ترتبط بالنخبة السياسية الحاكمة، كما أشار عدد من المشاركين إلى أن السلوك السياسي الذي اعتمده رئيس الإقليم (المستقيل) منذ توليه السلطة، خلف آثارا سالبة على المستوى الداخلي تمثلت في:
1) تدهور الوضع السياسي والاجتماعي في الإقليم.
2) تفشي حالات الظلم والتهميش لكثير من الشرائح الاجتماعية.
3) اقصاء الكادر المؤهل من جميع المرافق الإدارية والسياسية.
4) غياب التخطيط الاستراتيجي تجاه القضايا الجوهرية مثل التحول الديمقراطي والتعددية السياسية وآليات الحكم.
5) أن صراعات رئيس الإقليم (المستقيل) غير المبررة مع القيادة الإثيوبية الجديدة، أفقد الإقليم الكثير من العلاقات والمصالح الاستراتيجية.
وفي ختام الجلسة تم تشكيل عدد من اللجان الفرعية المتخصصة منها – لجنة سياسية، لجنة قانونية وحقوقية، ولجنة للاتصال المجتمعي- تقوم بدراسة الأزمة بكل أبعادها السياسية والأمنية والاجتماعية وتقديم مقترحاتها وتوصياتها إلى مجلس رئاسة المؤتمر خلال الجلسة الختامية.
وقائع المؤتمر في اليوم الثالث:
بدأت أعمال الجلسة الختامية عند الساعة الثامنة صباحاً، باستماع مقترحات وتوصيات اللجان الفرعية المتخصصة، للخروج من الأزمة السياسية وتحقيق مستقبل أفضل للإقليم ، وقد تحدثت اللجنة السياسية عن أن الخروج من الوضع السياسي المتخلف في الإقليم، يتطلب من كافة القوى السياسية والاجتماعية والدينية والشبابية، توحيد الجهود والتكاتف من أجل تحقيق تغيير سياسي شامل يلبي تطلعات المجتمع الصومالي ويضع حداً للظلم الذي يعاني منه الإقليم منذ عقود، والتأكيد على ضرورة تحقيق الوفاق الوطني والعمل على انسجام وتناغم مع سياسات الحكومة الفيدرالية الإثيوبية الجديدة بما لا تتعارض مع المصالح العليا لشعب الإقليم.
البيان الختامي:
وفي ختام الجلسـة استعرض رئيـس المؤتمـر البيان الختامي الذي تضمن جملة المقترحات والتوصيات تضمنت بطلان كافة القرارات السياسية والإدارية التي أصدرها رئيس الإقليم المستقيل منذ توليه السلطة، لافتقاره إلى الشرعية الدستورية والشعبية، وضرورة تحقيق الوفاق والوطني وتضييق هوة الخلاف والتباين بين مختلف القوى السياسي والاجتماعية المعارضة، والتلاحم مع الحركات الشبابية الفاعلة على الأرض، والاستفادة من التحولات السياسية من أجل تحقيق تغيير سياسي سلمي في الإقليم، وعقد مؤتمر تأسيسي جامع لانتخاب حكومة وفاق، ووضع خطة استراتيجية في بناء نظام سياسي ديمقراطي يسع جميع مكونات المجتمع الصومالي.
كما دعا البيان الحكومة الإثيوبية الفيدرالية ورئيس الوزراء أبي أحمد، إلى تحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية لوقف الانتهاكات التعسفية التي تمارسها الأجهزة الأمنية في الإقليم بحق المواطنين الأبرياء.