دلالات هجمات حركة الشباب الأخيرة في مقديشو
الصومال الجديد
آخر تحديث: 20/07/2018
شن مقاتلو حركة الشباب هجوما مزدوجا صباح السابع من شهر تموز/يوليو الجاري على مقر وزارتي الداخلية والأمن الداخلي، وتمكنت العناصر المهاجمة من تخطى نقاط التفتيش المقامة على طول الطريق المؤدي الى الوزارتين والدخول عنوة داخل المقر، ولم ينته الهجوم الا بعد تدخل قوات الأمن الخاصة وبعد مواجهات شرسة دارت بين العناصر المهاجمة، وانتهت المواجهات بقتل جميع أفراد المقاتلين المهاجمين. واسفر الهجوم عن مقتل 12شخصا واصابة 20اخرين بينهم مسؤلون وموظفون في الوزارتين. وفي الرابع عشر من شهر يوليو وقع هجوم مماثل بسيارتين مفخختين أعقبه هجوم مسلح، وتبنت مسؤوليته حركة الشباب، لكن هذا الهجوم كان أقل خسارة من سابقه. واكتفت الحكومة بتصريح خجول وتنديد بالأعمال الاجرامية التي قامت بها مليشيات حركة الشباب. ومن أبرز الدلالات التي يشير إليها الحادثان اللذين وقعا في أسبوعين متتالين.
1. وجود ثغرات أمنية
وقع الهجومان في منطقة حساسة من أكثر المرافق الحكومية تحصنا وحراسة، مما لايدع مجالا للشك وجود ثغرات أمنية، ومعلوم أن الحكومة الصومالية كلقت قوات أمنية خاصة بأمن العاصمة الصومالية، وقال رئيس الوزراء حسن على خيري سابقا متحدثا عن القوات المكلفة بأمن العاصمة مقديشو: إنه من المتنظر أن تحقق هذه القوات في غضون ثلاثة أشهر ما عجزت عن تحقيقه قوات أمن العاصمة السابقة، غير أن الأحداث الأخيرة أظهرت وجود ثغرات أمنية خطيرة تؤرق مضاجع الحكومة، باعتبارها المسؤولة عن أمن البلاد والمدنيين باعتبارهم الضحية الأولى للأحداث.
وردا على الهجوم الأول الذي استهدف مقر وزارتي الداخلية والأمن اتخذت الحكومة إجراءات تمثلت في اعتقال 14 ضابطا من قوات الشرطة والاستخبارات بتهمة القضور عن أداء واجباتهم؛ إذ تمكن المهاجمون من عبور نقاط التفتيش المقامة بشكل مفرط في شوارع مقديشو.
2. استمرار السياسة الأمنية القديمة
من الدلالات التي يحمل الهجمات الأخيرة استمرار الحكومة في نهجها القديم في استتباب الأمن، وهي سياسة التركيز على تفتيش السيارات الخاصة واغلاق الشوارع الرئيسية والطرق الترابية داخل احياء العاصمة بالحواجز الاسمنتية، أدت هذه الإجراءات إلى تضييق الخناق على المواطنين في العاصمة حتى في الأعياد وأيام الامتحانات دون أن تمنع حدوث اختراقات أمنية وارتفاع وتيرة الاغتيالات التي طالت المدنيين وموظفي الدولة، وكان اخرها حادث الاغتيال الذي تعرض له مؤخرا أحد أقطاب الطريقة القادرية في جنوب البلاد الشيخ عبد الله محمد روبلي الذي قتلته مليشات مجهولة في عز النهار على الطريق العام في منطقة “ويدو” جنوبي العاصمة، ويعتقد بعض المراقبين أن الاغتيالات ازدادت رغم التشديدات الأمنية في مقديشو. مما يدل على ضرورة تغيير الاستراتيجيات الحكومية في مجال استتباب الأمن.
3. التركيز على السياسة بدلا من الأمن
من الواضح أن الحكومة الحالية منشغلة ومهتمة بالسياسة أكثر من اهتمامها بالأمن، كما يتجلى للمتابع بالشأن السياسي في البلاد من طبيعة تعامل الحكومة الفيدرالية مع الولايات الإقليمية والسياسيين المعارضين لها، واستخدمت الحكومة –كما يراها بعض المحللين- سياسة تهميش أي شخص ينتقد سياسة الحكومة وإقصائه من الساحة السياسية، بينما كانت الاستفادة من انتقاداتهم لإصلاح الخلل أنفع للحكومة وللشعب، وشهد القطاع الحكومي في الفترة الأخيرة حملة إقالات وتعيينات، وربما تأتي هذه الحملة في إطار محاولة إبعاد الأشخاص الذين اعتبروا بأنهم لا يستطيعون التناغم مع القيادة الحالية.
4. قدرة حركة الشباب على التحرك
الهجمات الأخيرة تعتبر مؤشرا على أن حركة الشباب لا تزال قادة على تنفيذ هجمات في المناطق الحساسة والمحصنة أمنيا في مقديشو، رغم طردها من العاصمة مقديشو وبعض المدن الاستراتيجية منذ عام 2011 وتصاعد الغارات الجوية الأمريكية على معسكراتها وقواعدها في الفترة الأخيرة.
الأحداث الأخيرة تثير تساؤلات حول جدوى اغلاق الشوارع مادامت سيارت حركة الشباب المحملة بالمواد المتفجرة وفرق الموت تتمكن من الاختراق وتجاوز نقاط التفتيش بسهولة، كما دلت عليه الهجمات الأخيرة؛ التي وقع أحدها بالقرب من القصر الرئاسي. ويعتقد أن إغلاق الطرق والشوارع وحده ليس كافيا في مواجهة الهجمات الدامية، ولكن الأمر يتطلب استخدام الحكومة وسائل ناعمة في بعض الأحيان لتقليل التهديد الأمني.