الجدل القانوني بشأن اقالة رئيس المحكمة العليا
الصومال الجديد
آخر تحديث: 1/06/2018
أثارت إقالة الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو في السابع والعشرين من شهر مايو المنصرم رئيس المحكمة العليا إبراهيم ايدلى سليمان وتعينه كذلك باشى يوسف أحمد للمنصب خلفا له أثارت جدلا قانونيا واسعا في الأساط الشعبية والرسمية والأكاديمية، وتوالت ردود الأفعال على وتيرة واحدة منذ صدور المرسوم الرئاسي حتى كتابة هذه السطور. فقد ركزت الردود والتعليقات على قانونية الاجراءت المتبعة في إقالة المحامي إبراهيم سليمان واجراءات تعيين باشى خلفا له، إضافة إلى أهلية رئيس المحكمة الجديد، ويستعرض هذا التحليل الجدل القانوني والإجرائي المثار حول هذه القضية.
رئيس المحكمة المقال يطعن في شرعية القرار
رفض رئيس المحكمة العليا المقال إبراهيم سليمان إيدلي قرار الرئيس فرماجو حول إقالته وتعيين باشى خلفا له، ووصف سليمان في حوار مع الخدمة الصومالية لإذاعة صوت أمريكا القرار بأنه غير قانوني، ولفت إلى أن دستور البلاد ينص على فصل السلطات، وأن مؤسسة القضاء مستقلة عن باقي مؤسسات الدولة. وأضاف سليمان أن لجنة خدمة القضاء هي الجهة الوحيدة المخولة بتقديم اقتراحات لإقالة أو تعيين المسئولين في هيئة القضاء، كما هو المنصوص في قانون القضاء.
وأصر سليمان في الحوار المذكور على أنه يواصل عمله كرئيس للمحكمة العليا. وفيما يخص إقالة الرئيس السابق حسن شيخ محمود سلفه المستشار عيديد إلكاحنف من منصبه، قال سليمان إن اقالته جات وفقا للدستور الانتقالي، حيث بلغ المستشار عيديد سن التقاعد (65 عاما) وكان عمره عند اقالته 85 عاما.
تعليق بعض النواب على اقالة سليمان
اعترض على قرار الرئيس فرماجو بشأن إقالة رئيس المحكمة العليا نواب في البرلمان، منهم النائب عبد القادر عسبله علي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، واتهم النائب عسبله الرئيس فرماجو بسوء استغلال السلطة، وذلك في تغريدة له عبر حسابه على تويتر بعد صدور قرار الإقالة والتعيين، وطلب من الرئيس توضيح المواد الدستورية التي اعتمد عليها في قراره بشأن إقالة رئيس المحكمة العليا.
قادة منظمات المجتمع المدني تصف القرار بغير القانوني
من جانبهم انتقد قادة منظمات المجتمع المدني قرار إقالة رئيس المحكمة، وقد وصف مدير مظلة منظمات المجتمع المدني في البلاد دينى محمد دينى القرار بأنه غير قانوني. وأضاف ديني أن إجراءات إقالة رئيس المحكمة العليا يجب أن تتم عبر مقترح تقدمه لجنة خدمة القضاء؛ التي لم تتشكل بعد. وأشار ديني إلى أن خطوة إقالة رئيس المحكمة العليا لم يكن لها مستند قانوني لا في الدستور الانتقالي ولا في نسخة الدستور عام 60. واتهم دينى حكومة خيرى بالتقصير عن تشكيل لجنة خدمة القضاء.
رئيس المحكمة الجديد يؤدي اليمين رغم الجدل
على الرغم من وجود الجدل القانوني المثار حول إجراءات الإقالة والتعيين بشأن رئيس المحكمة العليا، الا أن الرئيس فرماجو لم يكترث بذلك الجدل القانوني. وشارك في يوم الثلاثاء في مناسبة أقيمت بالقصر الرئاسي لأداء رئيس المحكمة العليا الجديد اليمين الدستورية. ويعتقد المحللون أنه كان من الأولى أن ينتظر الرئيس فرماجو ريثما تهدأ الزوبعة القانونية المثارة حول إجراءاته الأخيرة. الا أنه اختار المضي قدما نحو تحقيق طموحاته السياسية دون الالتفات إلى ما يقوله خبراء القانون عن هذه الخطوة.
جدل آخر حول الأهلية
ولا شك في أن المحامي إبراهيم إيدلى سليمان الذي أقاله الرئيس فرماجو عن منصبه دون مراعاة قانونيتها من عدمها كان مؤهلا من حيث المعرفة العليمة والخبرة المهنية للقيام بمهام ومسؤليات المحكمة العليا بغض النظر عن أداءه والتزامه بقواعد المهنة. فقد كان الرجل محامي الدولة في إدارة صوماليلاند الانفصالية قبل تعيينه رئيس المحكمة العليا في الصومال في بداية مايو من عام2016 خلفا لرئيس المحكمة السابق المستشار عيديد عبد الله الكحنف. لكن رئيس المحكمة الجديد باشي يوسف على الرغم من دراسته للقانون، الا أن كفاءته واهليته لهذا المنصب هي مثار الجدل أيضا، فقد توافرت معلومات صحفية حول عدم انتظام الرجل في سلك القضاء منذ تخرجه وحتى تعيينه للمنصب الجديد، الأمر الذي أدى الى أن وصف أحد الأكاديمين الصوماليين والمحللين البارزين، وهو البرفيسور عبدى اسماعيل سمتر تعيين هذا الرجل لهذا المنصب بأنه جريمة كبرى ارتكبها الرئيس بحق الوطن.
مشكلة التسييس
ولئن كان رئيس مجلس الشعب السابق محمد شيخ عثمان جواري استقال جراء تعرضه لضغوط سياسية من قبل الرئاسة، فإن إقالة رئيس المحكمة العليا جاءت نتيجة لرغبة أكيدة لدى الرئاسة الحالية في دمج كل مؤسسات الدولة وفق قالب سياسي واحد، ومن يرفض الانسياق وراء سياسات الدمج هذه فعليه أن يخلى الطريق لمن هو مستعد لأن يغرد مع السرب في كل الأحوال حتى ولو على حساب الوطن والتاريخ، وهو الأمر الذي يشكل تهديدا على الديمقراطية التي يتطلع المواطنون إلى تحقيقها في البلاد.