قراءة في استكمال التشكيلة الوزارية بالحكومة الصومالية
الصومال الجديد
آخر تحديث: 27/05/2018
لعل أبر مايميز حكومة رئيس الوزراء الحالي حسن علي خيري منذ تشكيلها في آذار/مارس من عام 2017 كثرة المناصب الشاغرة فيها، حيث استقال أحد وزراء الدولة في الحكومة، وهو النائب عبد القادر بغدادي، بعيد الإعلان عن التشكلية، ولا يزال المنصب شاغرا حتى الآن، وقتل وزير الإسكان والأشغال العامة النائب عباس عبد الله سراج في بداية مايو من العام نفسه، واستقال وزيرا دفاع واستقالت وزيرة الإغاثة وإدراة الكوارث، كماتم إعفاء وزراء وتعيين آخرين في ظرف زمني أقل من سنة، وظلت بعض تلك المناصب شاغرة فترة زمنية قاربت ثمانية شهور.
وأخيرا، وفي نهاية الأسبوع الماضي قام رئيس الوزراء حسن علي خيرى باستكمال تشكيلة الوزراء وملئ المناصب الشاغرة في حكومته، وسيقدم هذا التحليل قراءة متأنية في تلك الخطوة انطلاقا من خارطة الوزراء الجدد واستعراض بسيط لخلفياتهم الشخصية والسياسية، وهو الذي يقود القارئ إلى الوقوف على المعايير والسياسات المتبعة في اختيار الوزرء. ويمكن تلخيصها فيما يلي:
العضوية البرلمانية على حساب الكفاءة
من الواضح أن الحكومة الحالية لم تكن حكومة “تكنوقراط” منذ تشكيلها، فقد كان في أعضائها نواب في البرلمان الاتحادي غير مؤهلين في تقلد المناصب الوزارية؛ الا ان عضويتهم في البرلمان أو توجهاتهم السياسية قادتهم إلى تولى تلك المناصب، وهذا لايعنى أن الحكومة خالية من وزراء أكفاء، لكن المحسوبية وتقديم الولاءت السياسية على الكفاءة العلمية كان واضحا لدى هذه الحكومة منذ البداية.
فالتشكيلة الجديدة أظهرت -مما لايدع مجالا للشك- أن القيادة مستمرة في نهجها المبني على تقديم العضوية البرلمانية على حساب الكفاءة، وكل الوزراء الجدد أعضاء في البرلمان الفيدارالي، ما عدا وزير الإعلام الجديد السفير طاهر محمود غيلى؛ الذي يعتقد أن سبب تعيينه للمنصب الوزاري يأتي ضمن محاولة إزاحته من منصبه السابق سفير الصومال لدى المملكة العربية السعودية؛ الذي تفضل الحكومة الحالية إسناده لأحد السياسيين المقربين منها.
فالحكومة تنتهج سياسة مكشوفة في توزير النواب ليقوموا بالدفاع عن أنفسهم أمام موجات مقترح سحب الثقة عن الحكومة في مجلس الشعب الصومالي، اذا فمن غير المستبعد في التعديلات الوزارية القادمة استبعاد كل الوزراء غير الاعضاء في البرلمان لتحقيق الغرض المذكور.
محاولة استيعاب بعض النواب المعارضين للحكومة
مما يظهر من التشكيلة محاولة استيعاب النواب المعارضين المنحدرين من العشائر التي كانت المناصب الشاغرة من حصتها، خاصة فيما يتعلق بتعيين النائب عبد الفتاح إبراهيم غيسي وزيرا للإسكان والأشغال العامة على سبيل المثال لا الحصر؛ والذي كان من أشداء المعارضين للحكومة. ومن المتوقع أن يستمر استيعاب النواب المعارضين للحكومة في الجولات القادمة حسب المراقبين، وكان من المتوقع أن يكون هناك تعديل وزاري موسع يشمل ضم عدد من النواب الذين كافحوا للدفاع عن سياسة الحكومة او ساهموا في مشروع إسقاط رئيس مجلس الشعب السابق محمد شيخ عثمان جواري، تكريما لهم، لكنه لم يحدث هذا لأسباب يعتقد أنها تكتيكية.
غياب المشاورة مع العشائر
على الرغم من اجراء بعض التعديلات فيما يخص بنظام تقاسم السلطة بين العشائر التي تشترك الأصول، فإن عدم مرعاة ذلك النظام تنتج منه بعض الأمور السلبية؛ والتي منها استحواذ بعض العشائر الفرعية على بعض الوزارات المهمة في الحكومة دون أخواتها، وهو ما يؤثر سلبا على العلاقات البينية داخل العشائر من جهة وعلاقات تلك العشائر مع الحكومة من جهة أخرى.
الجدير بالإشارة هنا إلى أن التشكيلة الجديدة أظهرت أن الوزراء الجدد تم اختيارهم وفق المعاير السالفة، إضافة الى الولاء السياسي للبعض، بغض النظر عن تأثيرهم داخل العشائر التي يمثلونها في هذا المنصب أو ذاك.
واخيرا يكاد المراقبون يتفقون على أن الحكومة لن تقف عند هذا الحد، بل سيكون هناك تعديل وزاري موسع، لكن المسألة مسألة وقت وتتحكمها الموجات السياسية المتقلبة في البلاد.