عين على ولاية جنوب غرب الصومال (الجزء الثاني)
الصومال الجديد
آخر تحديث: 27/05/2018
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 33
تناولت الحلقة السابقة من التقرير تاريخ ومراحل الإدارات في محافظات باي وبكول وشبيلى السفلى، وإنشاء إدارة ولاية جنوب غرب الصومال الحالية والتي تتكون من المحافظات الثلاثة المذكورة وتطور هذه الولاية، وقد تحدثت الحلقة السابقة عن محافظة شبيلى السفلى إحدى المحافظات التي تتكون الولاية منها وأهم المدن الواقعة فيها، ويتناول الجزء الثاني والأخير من التقرير معلومات حول محافظتي باي وبكول والموارد الاقتصادية في الولاية.
محافظة باي: تقع المحافظة وسط ولاية جنوب غرب الصومال، يجاورها محافظات بكول، هيران، جذو، جوبا الوسطى، وشبيلّي السفلى، وتضم مدنا ومديريات شهيرة من أبرزها:
بيدوا: عاصمة محافظة باي، والمقرّ المؤقت لولاية جنوب غرب الصومال، كما أصبحت مقرّا للحكومة الانتقالية التي كان يترأسها الرئيس الراحل عبد الله يوسف، وقبلها كانت مركزا لأمراء الحرب، ويروى أيضا أنها كانت مقرّا لمملكة أجوران في عهدها، تبعد المدينة عن العاصمة مقديشو 250 كم باتجاه جنوب الغرب.
تمتاز المدينة بجمالها الطبيعي وجوّها القريب من البرودة طيلة فصول السنة، كما تمتاز بالجسور العديدة التي يقع بها، تشتهر المدينة بالعيون والتلال المائية (الينابيع) حتى أصبحت سمة لا تفارق المدينة؛ حيث ذُكر اسمها، وللمطرب الصومالي الشهير حسن آدم سمتر أغنية شهيرة موسومة بأغنية ينبوع بيدوا، وتعد المدينة من أحسن المدن الصومالية من جهة المعيشة، وصار اللقب المحبب للمنتمين إليها بلقب “بيدوا جناي”.
تأثرت المدينة بالحروب الأهلية التي اندلعت في البلاد مطلع التسعينيات، كما تأثّرت بالجفاف والقحط الذي شهدته البلاد في العقود الثلاثة الأخيرة؛ حيث تصدرت المناطق الأكثر قابلية للحروب والجفاف رغم ما تتمتع به من مقوّمات الحياة. وفي عام 1994 شهدت الصومال عموما والمناطق الجنوبية خصيصا أكبر كارثة إنسانية جراء موجة جفاف تحولت بعد إلى مجاعة، واشتهرت في الوسط الصومالي باسم “عاغُو بارَرْ” (تورم الأقدام)، والتي أودت بحياة مئات الآلاف من الصوماليين، وكانت المحافظة من أكثر المناطق التي شهدت تلك المآسي.
ينحدر من المدينة علماء دين بارزون شاركوا في مسيرة الدعوة في المنطقة، وتعد من أكثر المناطق الصومالية عناية بحفظ القرآن الكريم.
بُورْهَكَبَا: مدينة جبلية سياحية عريقة ثاني أكبر مدن محافظة باي بعد مدينة بيدوا، تبعد عن العاصمة مقديشو 180 كم تقريبا، يمتهن أغلب ساكنيها مهنة الزراعة والرعي، تضم أكثر من ثلاثمائة قرية، تشتهر بالجبل الضخم المجاور لها والذي تسمّت باسمه، ينحدر منها مشاهير صومالية من بينهم عبد القادر زُوبِي و علي عليَو، ورئيس البرلمان السابق محمد شيخ عثمان جواري، وآخرون.
دِينْسُور: مديرية استراتيجية تقع في محافظة باي بولاية جنوب غرب الصومال، يعتمد إنتاجها الاقتصادي على المزروعات والمواشي، وتعد من أبرز القلاع العلمية التي أخرجت أفواجا من العلماء والدعاة وحفظة القرآن.
محافظة بَكُولْ: محافظة استراتيجية من ضمن محافظات إدارة جنوب غرب الصومال، تقع على الشريط الحدودي بين الصومال وإثيوبيا، يجاورها محافظات باي، وغذو، وهيران، والإقليم الصومالي في إثيوبيا، وهي محافظة غنية بالثروة الحيوانية خصوصا الإبل، يعود تسمية المحافظة إلى اسم يحمله نوع خاص من أنواع الأتربة للمحافظة حسب ما ورد في بعض المراجع، تضم المحافظة عدة مدن ومديريات رئيسية، من بينها:
حُدُرْ: حاضرة محافظة بكول تقع على المشارف الحدودية مع إثيوبيا، يميّزها منظرها الجميل وجوّها الطبيعي، وهي من المدن القلائل التي كان يسودها الأمن خلال مرحلة الفوضى نظرا لتمركز قبيلة واحدة فيها، بيد أنها لم تسلم من وقوع حرب قبلية في بعض الفترات، وتتمركز فيها حاليا قوّات إثيوبية مساندة للقوات الصومالية، بعد أن كانت سنوات عدّة في قبضة حركة الشباب، وتعاني المدينة من الحصار التي تفرضه الحركة عليها كغيرها من مدن المحافظة.
وَاجِدْ: مديرية بمحافظة بكول جنوبي الصومال، تبعد عن العاصمة مقديشو 302 كم تقريبا باتجاه شمال الغرب، وهي تبعد عن الحدود الإثيوبية الصومالية بمسافة تقدّر بـ 70 كم تقريبا، تعد من المدن القلائل التي لم تشهد الحروب القبلية؛ مما مكنها من أن تصبح مقرّ الهيئات الإغاثية بجنوب الصومال خلال مرحلة الفوضى، وتشتهر المدينة بكثرة آبارها القريبة العمق، كما أنها تتميّز بالطرق الكثيرة التي ترد المدينة والتسمية تعود إلى ذلك، حسب ما يذكره المنتمون إليها، تعاني المدينة من حصار خانق تفرضه حركة الشباب عليها منذ أن تم سيطر القوات الحكومية على المدينة.
تِيِيغْلَو: مديرية تاريخية بمحافظة بكول، تقع على الشريط الحدودي بين محافظتي بكول وهيران، وتعتبر من أكثر مديريات المحافظة إنتاجا من الناحية الزراعية خصوصا الفواكه، كما تعتبر المديرية الرائدة في إنتاج العسل، ينحدر منها مشاهير في تاريخ النضال الصومالي، من بينهم عبد القادر سخاو الدّين القيادي بمنظمة وحدة الشباب (إس واي إل)، وعبد اللّه ديرو إسحاق النائب البرلماني الشهير، والذي قتل بمدينة بيدوا في عهد حكومة الراحل عبد اللّه يوسف.
الموارد الاقتصادية:
لولاية جنوب غرب الصومال موارد اقتصادية تتمثل في الثروة الحيوانية والسمكية والزراعية بالإضافة إلى المنافذ البرية والبحرية، والتي تعتبر موارد اقتصادية نشطة إن تم تشغيلها والاستفادة منها.
• الثروة الحيوانية: تتمتع الولاية بثروة حيوانية وفيرة، والتي تعد العمود الفقري للاقتصاد البدائي لسكان الولاية. وتعتبر تجارة الماشية من الأعمال التجارية المربحة الرئيسية في الولاية وبالتحديد في مناطق مناطق بيدوا في محافظة باي، وقريولي، وأفجوي، وسِينْكَا طِيرْ بمحافظة شبيلي السفلى، ومديرية تِيغْلَو في إقليم بكول، و يتم نقل المواشي من هذه المناطق إلى المناطق الأخرى في البلاد وخارج البلاد خصوصا مدينة غاريسا شرقي كينيا، والتي لها ارتباط تجاري وثيق مع مناطق الولاية، وتعتبر مدينة بيدوا نقطة عبور للتجارة غير الرسمية للماشية إلى أسواق غاريسا.
كما يوجد في الولاية أيضا الصيد البري مثل البقر الوحشي والنعامة وأنواع الغزلان والأسد والنمر والضبع والفهد وغيرها، كما يوجد كثير من أنواع الطيور المختلفة، ولا يزال سكان الإقليم يصيدون الحيوانات البرية بالطرق البدائية، وإن حدث بعض التطور، ولا يزالون يحتفظون بها حتى يومنا هذا، ويفتخرون بصيد الغزلان والنعام والأيل وصناعة الأدوية من جذوع الأشجار ودباغة الجلود وصناعة الفخار، وتعتبر تربية المواشي حرفة غالبية السكان.
• القطاع الزراعي: الموقع الجغرافي المتميز للولاية وفّر لها بيئة غنية تتميز بخصوبة الأرض، وتعدد الموارد، ووجود نهر شبيلي في أحدى محافظاتها يساهم بشكل كبير على الانتاج الزراعي ومن أشهر المزروعات في الولاية الحبوب بأنواعها المتعددة، والخضروات بأشكالها المتنوعة، والفواكه والثمار، ومن أبرز تلك المزروعات الذرّة الشامية والرفيعة، الموز، اللّيمون، الفول، الطماطم، الباباي، البطاطس، اللّوز، المانجو، السمسم، البرتقال، التفاح، الخيار، البصل، الثوم، البطيخ، والحب حب.
وبحسب التقرير الذي نشرته وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية المعروفة اختصارات بـ (FSNAU) يتم تداول الفائض الإقليمي من الذرة في أسواق مدينة بيدوا، ويتم تصديره إلى المناطق الجنوبية الأخرى وكذلك المناطق الشمالية الشرقية من الصومال، وأجزاء من كينيا وإثيوبيا المجاورة، ويتمتع تجار الولاية علاقات تجارية قوية مع سوق بكارى أكبر سوق تجاري في الصومال، وتعد مدينة بيدوا أكبر مدن الولاية وعاصمتها المؤقتة، وهي كذلك السوق التجاري الرئيسي للذرة الرفيعة في الصومال؛ حيث إن لديها أعلى إنتاج فائض للذرة الرفيعة في البلاد.
• الثروة السمكية: تعتبر الثروة السمكية قطاعا مهما لم يحظَ بالاهتمام المطلوب من قبل الصوماليين؛ حيث إن ثقافة الصيد السمكي محصورة بفئة قليلة من المجتمع، والتي تعاني من التمييز، وصعوبة توفر المستلزمات المطلوبة لديها، بما في ذلك إمدادات الوقود ووسائل التخزين، ويستخدم معظم الصياديين الحاليين طرق صيد تقليدية قديمة، ومعظمهم لم يتلقوا بالتدريبات الكافية التي تساعدهم على الارتقاء بالمهارات المتصلة بنشاطات الاصطياد، كطرق الصيد والتخزين المتطورة، إلى جانب عدم توفر وسائل لحفظ وتعليب الأسماك، كل هذه الأمور تعيقهم من الاستفادة من هذه الثروة إلى الحدّ المطلوب، إضافة إلى العقبات الأمنية والمخاطر المحيطة بها.
تشهد بعض المدن الساحلية في الولاية مثل مركا و براوي حركة ضئيلة للصيد السمكي، فإذا تم دفع هذه الحركة من خلال تدريب الصياديين وتطوير مهاراتهم ستعتبر موردا اقتصاديا صلبا للولاية.
وتحظى الولايات الإقليمية بفرصة كبيرة للاستفادة من الثروة السمكية في مياه شواطئها؛ بناء على اتفاقية حول كيفية تقاسم الثروة السمكية تم التوقيع عليها بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية في البلاد في شهر فبراير عام 2017، وينص أحد بنود الاتفاقية على أن الولايات الإقليمية يحق لها دفع تراخيص الصيد بحدود 24 ميل بحري في مياه شواطئها، بينما تدفع الحكومة الفيدرالية دفع تراخيص ما فوق 24 ميل بحري (المنطقة الاقتصادية الخاصة) .
• موارد أخرى: تمتلك ولاية جنوب غرب الصومال موارد اقتصادية أخرى، تتمثل في المواني والمطارات، تعتبر الموانئ والمطارات والمنافذ البرية التي تتمتع بها الولاية موارد اقتصادية تتحكمها إدارة الولاية، وإذا تم تشغيل تلك الموارد والاستفادة منها على الشكل المطلوب ستصبح الولاية مكتفية اقتصاديا بالمستقبل القريب.