الصراع بين أرض الصومال وبونتلاند (3-3)
بشير نور علي
آخر تحديث: 28/04/2018
تحدثنا في الحلقة الثانية جذور النزاع بين إدارتي بونتلاند وأرض الصومال وعوامل تجدد الصراعات بينهما وتحركات الحكومة الفيدرالية في المنطقة، ونتناول في الحلقة الثالثة والأخيرة مراحل النزاع بين الإدارتين ومآلات الصراع
• مراحل النّزاع المسلح بين النّظامين
في محاولة منها للسّيطرة على الأراضي إلتي ورثتها من الاستعمار الانجليزي شنت إدارة أرض الصّومال على مدينة لاسعانو حاضرة أقليم سول، واستولت عليها بعد اشتباكات محدودة، استمرت على مدى يومين، بصورة متقطعة، بينها وبين قوات تابعة لإدارة بونت لاند، وذلك في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر عام 2007م.
واستمرت إدارة أرض الصومال في ضم قرى، ومدن جديدة من تلك المناطق إلى حوزتها، والسّعي الدؤوب إلى بلوغ أبعد نقطة حدودية بينها وبين بونت لاند، في حين لا يخفى امتعاض النّخب السّياسية وغيرها، وشيوخ القبائل المنحدرة من أقاليم سول وسناغ وعين من ممارسات الإدارتين.
وللحد من تأثير الإدارتين عقد الأعيان والنّخب السياسية لعشيرة دولبهانتي القاطنة في تلك الأقاليم مؤتمرا في مدينة تليح التّاريخية، وتمخض من ذاك الإجتماع تأسيس ولاية خاتمو، وانتُخِبَ السّيد علي خليف غلير رئيسا للولاية، وعلى الرّغم من التأييد الشّعبي الّذي حظيت به تلك الولاية لكنها لم تحصل على اعتراف من الحكومة المركزية، والأسرة الدولية المهتمة بالقضية الصّومالية، في حين ضاعفت كل من إدارتي بونت لاند، وصومال لاند؛ للقضاء على النظام الجديد في مهده، وفعلا فازت بعض المخططات، ودخل ممثلو خاتمو في مفاوضات فسّرت بأنها تنازل مباشر من خاتمو لأرض الصومال مع هرجيسا.
كما استولت القوات التّابعة لأرض الصّومال مدينة تليح مركز تأسيس خاتمو، و في اليوم الرّابع والعشرين من شهر أغسطس/ آب عام 2016م بدأت توزيع بطاقات التصويت فيها استعدادا لمشارك الانتخابات الرئاسية في الإدارة.
في الثامن من شهر يناير الماضي استولوت قوات إدارة أرض الصومال الانفصالية على منطقتي توكارق وغدقبوبي في إقليم سول بعد قتال وجيز مع قوات بونت لاند.
وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الإعلام والثقافة في إدارة أرض الصومال الانفصالية “عبد الرحمن غري برواقو” أشار إلى أن بلاده لم تعتد ولم تستول على مناطق تابعة لبونت لاند. ومن جانبه وجه وزير الإعلام في حكومة ولاية بونتلاند الإقليمية بشمال شرقي الصومال عبده حرسي قرجب انتقادات شديدة اللهجة إلى إدارة أرض الصومال. وحمل مسؤولية الأزمة وعدم الاستقرار في جنوب الصومال على إدارة أرض الصومال الانفصالية، التي اتهمها بأنها تؤجج 65% من الأزمة في جنوب البلاد على حد تعبيره. كما هدد رئيس ولاية بونت لاند عبد الولي محمد علي “غاس” بالرد على الهجوم الذي شنته قوات تابعة لإدارة أرض الصومال الانفصالية على منطقة “توكارق”.
• الختام
التوقعات ومآلات النزاع بين النظامين
انطلاقا من قراءة سريعة، ومحاولة تفكيك تعقيدات وتقلبات الساحة السياسية في الإدارتين، فإن الصّراع الدائر بين النظامين مرتبط بمستقبل الإدارتين، عموما، ومستقبل ادارة أرض الصومال خصوصا، ومعلوم أن سكان الأقاليم الصومالية لايفرقهم دين، ولا يميزهم مذهب، لغتهم واحدة، ومن عرق واحد، وليس هناك عداوة بين الشعب الصومالي، ويبقى الصراع الدائر صنيعة الساسة، والسياسيين باملاءات خارجية لها مصالحها ليبقى البلاد مشلول الحركة، منعزلا عن العالم الخارجي.
ولهذه الأساباب وغيرها يمكن استنتاج السيناريوهات الآتية من الواقع الحالي للنزاعات بين الطرفين.
الإحتمال الأول: إن تعلق الأمر باعتراف أرض الصومال كدولة معترفة دوليا تتمتع سيادتها كاملة، فصراعها الحدودي يأخذ طابعا آخر، مغايرا تماما عما هو عليه الآن، بل يتحول إلى قضية حدودية بينها وبين الحكومة المركزية، تحتاج إلى وساطة أممية توثق ترسيم الحدود الثنائية، هذا ولا بد في الوقت ذاته أن تقتنع جميع العشائر القاطنة في المنطقة بالانفصال مثل قبيلة دلبهنتى وورسنغلي في الشرق، وقبيلة عيسى وسمرون في الغرب.
الإحتمال الثاني: أن توحد القبائل القاطنة في أقليمي سول وسناغ وعين صفوفها، وترتب أوراقها من جديد، وتشكل نظاما موحدا لا علاقة له بالنظامين ( بونت لاند، وصومال لاند)، وبهذا تغلق صفة الصراع القائم بين بونتلاند وأرض الصومال، وتفتح صفحة أخرى أخطر من هذه، ألا وهي الدخول مع النظام الفتي في سجال جديد حول الشريط الحدود الفاصل بينه وبين الإنظمة المحيطة به.
الإحتمال الثالث: أن تذهب الإدارتان إلى مائدة المفاوضات للتباحث حول القضايا العالقة بينهما، وهذا ما يتوقع أن يحصل إذا تدخلت الجهات الخارجية المؤثرة في قرارات كلتا الإدارتين، وهذا غير مستبعد في قرارات الساسة الصومالية، التي تعتمد على الإشارات الخارجية، وإيماءات الدول المجاورة.