الثروة الحيوانية في الصومال: الفرص والتحديات
الصومال الجديد
آخر تحديث: 22/04/2018
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 28
• توطئة:
منذ قديم الزمان كان اسم الصومال مرتبطا بالثروة الحيوانية؛ حيث تمثل العمود الفقري، وتساهم بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي وتلعب دورا لا يستهان به في اقتصاده، كما يعتبر مصدر رزق لكثير من أهل الأرياف، أهل الرحل والتنقلات للبحث عن الكلأ وأماكن توفر المياه للأنعام، ويشتهر الصوماليون بتربية المواشي في البوادي ويعتمدون على ما تدر لهم من الألبان واللحوم، وغيرها من المنتجات الحيوانية، وبما أن شريحة كبيرة من المجتمع الصومالي تعتمد على هذه الثروة فإن الحكومة الصومالية تعطي منذ الاستقلال أهمية بالغة، وتضعه في أولى أولوياتها.
وتشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن نحو 55% من سكان المناطق الريفية بالصومال يمتهنون أساسا تربية المواشي، وتقدر بـ40 مليون رأس تتوزع على الإبل والبقر والغنم.
وعلى الرغم من أن كثيرا من موطني الصومال يمتهنون بتربية المواشي فآخرون منهم يعملون في تجارته، وتصديره إلى الأسواق المحلية والخارجية لتلبية متطلبات السوق المحلي من المنتجات الحيوانية مثل: الألبان، واللحوم، والسمن، والجلود وغيرها. وذلك لتكامل الأدوار بين أهل الحضر والمدر، فأهل الحضر ينقلون احتياجات أهل البادية إليهم، ويستبدلونها بما لديهم من منتجاتهم الحيوانية، لنقلها إلى المدن ثم إلى الخارج.
ولأجل هذا يبدو أن القطاع يتعافى الآن مما أصابه من الإهمال والضياع من قبل المعنيين بالأمر رغم الصراعات السياسية والقبلية التي تحد من حرية تنقل الرعاة بمواشيهم إلى مناطق الكلأ، إضافة إلى غياب الدعم الحكومي لإقامة المشاريع التي تساهم في تطوير القطاع ومكافحة الأمراض التي تصيب الماشية.
• حجم الصادرات الحيوانية
بعد غياب جزئي عن أسواق بيع المواشي بدأت الصادرات الحيوانية الصومالية تقتحم أسواق دول عربية مثل السعودية والإمارات واليمن ومصر، وقُدرت الصادرات الحيوانية الصومالية إلى دول الخليج في عام 2014 فقط بخمسة ملايين رأس من الماشية ، كما أشار التقرير إلى أن الاستثمارات الضخمة في مجال الوقاية من الأمراض الحيوانية بدأت الآن تؤتي ثمارها؛ حيث أبدت بعض الدول خارج منطقة الخليج استعدادها لاستيراد الماشية من الصومال.
كان هذا بعد رفع الحظر الذي فرضته المملكة العربية السعودية على المواشي المستوردة من الصومال، بدعوى الإصابة بمرض حمى الوادي المتصدع، ومرض حمى الخلاعية.
وحتى في فتر الحظر لم تكن الأسواق المحلية السعودية خالية تماما من المواشي الصومالية بل كانت تصل إليها، بتحايل رجال الأعمال كما أوضح رجل الأعمال السعودي تركي القرشي – تاجر مواشي لـ”الاقتصادية” أنه في الوقت الذي منعت فيه وزارة البيئة والزراعة والمياه من استيراد المواشي من الصومال تحايل عدد من التجار عن طريق تحميل المواشي الصومالية من الموانئ الجيبوتية. وذكر أنه يمكن معرفة التحايل بسهولة حيث إن دولة جيبوتي لا تصدر مواشي وليس لديها ثروة حيوانية، ولذلك تأتي المواشي الصومالية بطرق ملتوية، إذ يتم إرسالها إلى جيبوتي ومن ثم تحمل إلى المملكة، وعليه فإن جيبوتي تعد دولة عبور “ترانزيت” فقط.
• أسواق الصادرات الصومالية
تعتبر الأسواق الخليجية عموما والسوق السعودي خصوصا أهم أسواق الصادرات الصومالية؛ حيث تستورد السعودية من الصومال نحو خمسة ملايين رأس سنويا في المواسم، وخاصة موسم الحج.
وكانت الحكومة السعودية علقت تصدير المواشي عام 2016، بسبب مخاوف صحية، لكنها ألغت تعليقها بعد مباحثات بين البلدين، قبلت السعودية على أعقابها استئناف الصادرات الحيوانية من الصومال إلى السعودية.
وأكد تركي القرشي – تاجر مواشي -أن أثر إيقاف استيراد المواشي من الصومال انعكس على أسعار المواشي في السعودية؛ حيث ارتفعت بنسبة تراوح بين 35 و45 في المائة.
وجدير بالذكر أن من بين أسواق الصادرات الأسواق المصرية؛ حيث وصلت – في وقت سابق – باخرة أبحرت من ميناء مقديشو، وصلت أولى شحنات الحيوانات الحية، على متن السفينة “ليلي جي”، وعليها 2603 رءوس جمال حية، بوزن 1301 طن، قادمة من الصومال.
ويأتي ذلك بعد اتفاقية تجارية بين البلدين، والتي ستفتح الأسواق الصومالية بموجبها الأبواب لصادرات مصر وخاصة منتجات الشركة القابضة للأغذية، وفى المقابل سيتم استيراد الجمال والماعز والأبقار الصومالية، واللحوم الصومالية؛ وذلك بهدف خفض أسعار اللحوم في الأسواق المحلية المصرية بنسبة 30%، حسبما أكد حسن حافظ، رئيس رابطة مستوردي الماشية الأفريقية.
ومن جانبه قال الدكتور سعيد حسين، وزير الزراعة الصومالي، إن دولة الصومال على استعداد لتوفير كافة الاحتياجات المصرية من الحيوانات الحية، ضمن البروتوكول المصري لتصدير خمسة آلاف رأس شهريا من الجمال والعجول والماشية إلى مصر.
“وينصّ الاتفاق أيضا أن تقوم مصر بوضع برنامج لتسمين الماشية الصومالية من خلال إرسال الأعلاف المطلوبة من مصر إلى الصومال، كما سيتم بيع اللحوم والمواشي الصومالية بأسعار وجودة مناسبة من خلال المنافذ المختلفة والمنتشرة بكافة المحافظات المصرية وفق الاتفاقية”. ويضاف إلى ذلك السوق التركي والأسواق الأوربية ضمن الأسواق المرشحة لاستقبال الصادرات الحيوانية الصومالية، وهذا جزء من مقتضى الاتفاقية الصومالية التركية التي تضمنت الثروة الحيوانية وجوانب أخرى.
• جهود الحفاظ على السوق الخارجي
للعناية بصحة المواشي الصومالية، والتأكد من خلو المواشي من الأمراض قررت الحكومة الصومالية إجراء حملات التطعيم مرتين في السنة، في جميع أقاليم البلاد؛ وذلك بهدف تحصينها من الأمراض المعدية بما فيها جذري الأغنام. ومن بين الجهود المبذولة من قبل الحكومة بناء مصحات، ومحاجر يتم فيها فحص المواشي، ومعالجتها عن الأمراض المعدية قبل الشحن إلى الخارج.
وللمحافظة على جودة المواشي المصدرة إلى الخارج تم فتح عدة محاجر صحية في مقديشو وكسمايو وبربرة وبوصاصو، الأمر الذي ساهم في رفع مكافحة الأمراض المعدية، وتسمين الأنعام قبل رحلتها إلى الخارج، ويتولى على إشراف ذلك أطباء يتمتعون بكفاءات عالية تعترف بهم منظمة الصحة العالمية.
لقد تم إنشاء المحاجر الصحية في البلاد من قبل رجال أعمال صوماليين وآخرين من الدول العربية، بهدف تأكيد صحة المواشي في الولايات وتوفير الخدمات اللازمة لها قبل تصديرها إلى الخارج، ليبقى السوق مفتوحا أمام الموشي الصومالية التي تمثل مصدرا مهما، والهدف من هذه المحاجر هو التأكد من سلامة وصحة المواشي قبل تصديرها.
وكذلك أنشئ في بعض المناطق الصومالية مسالخ تساهم في تجهيز وتعليب اللحوم لتصدير اللحوم إلى الخارج، كتلك التي في العاصمة ومناطق أخرى من البلاد مثل برعو وهرحيسا بصومالي لاند، وينقصها التجهيز المتطور، وغياب المتطلبات الأساسية للمسالخ العالمية، إذ”لا تتوفر لديها المواصفات العالمية القادرة على تلبية الاحتياجات والطلبات المحلية والخارجية المتزايدة على اللحوم الجاهزة والنظيفة، و قلة المخازن المبردة لتخزين اللحوم المعدة للتصدير. ويتم تجهيز اللحوم في هذه المدن حاليا بطرق لا تلبي أبسط المعاير الصحية والإجراءات المحددة لحماية صحة المستهلكين” .
• تحديات أمام القطاع
على الرغم من الفرص المتاحة أمام الثروة الحيوانية في الصومال هناك تحديات تعيق تطوير هذا القطاع الثري، ومن بين تلك المعوقات ما يلي:
الهجرة من الريف إلى المدن: إذ بدأت الأيدي العاملة في وقت مبكر العزوف عن تربية المواشي، والهجرة إلى المدن، واختيار الحياة الوادعة عن الحياة المليئة بالعمل الدؤوب، من الرحلات المتتابعة على أثر الأمطار التي تنزل هنا وهناك، بحثا عن الكلأ، ومنابت العشب، وأماكن سقوط الأمطار الموسمية، ولصعوبة حياة البادية المليئة بالتنقلات والترحلات، ولما يلاقونه من التعب المضني يختار البعض العيش في المدن والبقاء فيها.
موجات القحط والجفاف: وهي التي تضر البلاد لأعوام، وتؤدي إلى تصحر مناطق شاسعة كان ينبث فيها الكلأ سابقا؛ الأمر الذي أسفر عن نفوق الكثير من الإبل، والماعز، “ونبهت الوكالة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في الشهر الماضي إلى أن الجفاف في الصومال دفع ما لا يقل عن 800 ألف صومالي إلى النزوح عن مناطقهم بحثا عن الطعام”.
الصراع السياسي والقبلي: وقد تأثر هذا القطاع بالحرب والصراعات السياسية والقبلية التي تحد من حرية تنقل الرعاة بمواشيهم إلى مناطق الكلأ.
غياب الدعم الحكومي: وبدون هذا الدعم لا يمكن إقامة مشاريع تسهم في تطوير القطاع ومكافحة الأمراض التي تصيب الماشية، بالمناسبة كان دعم الرعاة في ظل النظام العسكري السابق كبيرا، مثل إقامة محميات لتنظيم الرعي وإرسال فرق بيطرية إلى المناطق الريفية لتلقيح المواشي وحفر آبار وتوفير برك لسقي المواشي، “غير أن هذه المشاريع قد تعطلت بفعل الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من عشرين سنة” بحسب تصريحات المسؤولين في القطاع.
تحديات سياسية: يُعتقد أن بعض الدول التي تستورد المواشي من الصومال تستخدم استيرادها للمواشي الصومالية كورقة ضغط على الحكومة الصومالية لفرض بعض أجنداتها على الصومال مقابل الاستيراد.
الاعتماد على الطرق البدائية: ومعروف أن المجتمع الصومالي الرعوي يعتمد على طرق بدائية في الحصول على العلف والمياه، وهذا بطبيعة الحال يمثل عائقا في مجال تطوير الاستثمار في هذا القطاع.
• مزارع لتربية الإبل
تم إنشاء حظائر على مشارف المدن الكبيرة، لتربية الأنعام عموما والنوق على وجه الخصوص؛ مما لعب دورا كبيرا في تنشيط الأسواق المحلية للمنتجات الحيوانية في الآونة الأخيرة، مثل الألبان واللحوم، وهذا يعتبر فائدة للتجار ومستهلكي هذه المنتجات.
فالشركات المحلية لتوزيع الألبان تعمل باجتهاد لتوسيع خدماتها، وتوزيع منتجاتها على أكبر عدد ممكن من الفنادق، والمطاعم، والمحال التجارية التي تباع فيها الألبان. وقد سجل هذا النوع من الحليب الذي يأتي من هذه المزارع المختلفة إقبالا كبيرا من قبل المستهلك المحلي.
• كميات وأنواع الأنعام
تحتل الصومال المرتبة الأولى عالميا من حيث تعداد الإبل، ويذكر أنها تمتلك حوالي 40 مليون رأس من الإبل والغنم والماعز والبقر.
وكشفت إحصائية أجرتها الحكومة الصومالية عام 1986 أن أعداد الثروة الحيوانية تقدر بحوالي 45 مليون رأس من المواشي، منها تسعة ملايين رأس من الغنم، و15 مليونا من الماعز، و6.7 ملايين رأس من الإبل، وحوالى ثلاثة ملايين رأس من البقر بالإضافة إلى أعداد لا بأس بها من الخيول والبغال والحمير