لاجئو الصومال في كينيا.. بين موت في الوطن وجحيم في الغربة
الصومال الجديد
آخر تحديث: 25/02/2018
نيروبي – نحو نصف مليون لاجئ صومالي تقطعت بهم السبل في كينيا. يواجهون خيارين كلاهما مرّ، إما العودة الطوعية إلى بلادهم، أو البقاء لمواجهة ديون تتراكم بسبب نقص الأغذية في المخيمات.
هذا الوضع المأساوي يتلخص في مجمع داداب للاجئين في الإقليم الشمالي الشرقي لكينيا، حيث يقطن أكثر من 486 ألفًا و460 شخصًا من طالبي اللجوء، بحسب أرقام صادرة عن المفوضية الأممية في يناير/كانون الثاني الماضي.
ومجمع داداب يقع على بعد 474 كم (294 ميلا) من العاصمة نيروبي، وهو مكان قاحل ومساحات من الرمال البركانية.
وفي المجمع، تظهر كل صور الإهمال والبؤس، لتكون الانطباع الأول الذي يتجلى جلاء الشمس الحارقة، التي يعيش تحت أشعتها هؤلاء الفقراء المدقعون.
وعلى مقربة من البناية كي1 داخل المجمع، تجد طوفانًا من طلبات اللاجئين الذين يهرولون نحو سياج الأسلاك الشائكة، لتسول الطعام والماء والمال.
ويقع مخيم داداب وهو أكبر مخيم لاجئين في العالم، شمال شرقي كينيا، على بعد حوالي 100 كم من بلدة جاريسا الحدودية مع الصومال، حيث قتل بالبلدة 147 شخصًا عندما هاجم أعضاء من حركة الشباب المسلحة جامعة في 2 أبريل/ نيسان الماضي.
ويقول لاجئون صوماليون يعيشون في المجمع الذي يستضيف آلاف الملاجئ المؤقتة، إنهم جاءوا إلى كينيا بعد أن أُجبروا على الفرار من الحرب الأهلية في بلادهم، وتهديد مسلحي حركة الشباب الذين قتلوا الكثيرين في منطقة القرن الأفريقي.
ديون متراكمة
بعد إعلان برنامج الأغذية العالمي، تخفيضات غذائية بنسبة 30 % للاجئين الذين يعيشون في داداب، اضطر اللاجئون إلى اقتراض المال لشراء الطعام، فانتهى بهم المطاف بتراكم ديون ضخمة تقدر بمئات الدولارات.
وبسبب هذه الديون، فإن كثيرًا منهم يفكرون حاليًا بالانضمام إلى برنامج الأمم المتحدة الطوعي للعودة إلى الوطن، والذي يطالب بضمان ممارسة حرية الاختيار الواعي ودعم العائدين.
أحد اللاجئين الصوماليين، ويدعى ياسر زاهي، يقول إنه لا يجد أي مبرر في العودة إلى الصومال، لكنه يحاول الهرب من الديون، كباقي اللاجئين في المخيم.
وأضاف زاهي: الطعام لا يكفي لشخص واحد، وعندما حلّت التخفيضات الغذائية، اضطررنا إلى ديون تراكمت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017.
وأردف: لقد اقترضت المال لشراء الطعام، ولست أنا الوحيد الذي فعل ذلك، فقد فعل الكثيرون الشيء نفسه.
وتابع: وأنا مدين لرجل بـ300 دولار، وكل ما فعلته بهذا المبلغ هو شراء الدقيق (الطحين) والحليب والأرز لإطعام عائلتي.
وتابع: الدائنون يطالبون بأموالهم، وأنا لا أملك سدادها، وقد هددوني وأسرتي خاصة ابنتي البالغة 16 عامًا.
وإضافة إلى قصص الديون التي أرهقت أصحابها، والتهديدات التي تلاحق المدينين من اللاجئين، أدى سوء الأوضاع المعيشية في المخيم إلى سلب العقول.
فعلى إحدى أشجار المخيم، وجدوا سيدة عجوز تدعى أمينة عثمان (75 عامًا)، مقيدّة بالسلاسل، وتهاجم أي شخص يحاول أن يقترب منها.
ويقول رشيد لطيف، أحد اللاجئين الذين يرعون المسنة أمينة، إنها كانت دائما سعيدة ومتفائلة، لكن الظروف في مخيم اللاجئين أدت بها إلى ذلك.
وأضاف: لقد هجرتها عائلتها وعادت إلى الصومال وتركتها وحدها، بسبب تقدمها في السن.
ترك أمينة وحدها في المخيم أصابها بحالة نفسية، لم تزحها رعاية لطيف الذي اعتبرها بمنزلة جدته، كونه يتيما ويعيش بلا عائلة.
العودة إلى الصومال
في السياق، نفت إيفون نديج، المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أن يتم إجبار اللاجئين على العودة إلى ديارهم.
وأضافت، أنه لا يتم إرسالهم عنوة، بل يتخذون قرارًا مدروسًا ومستنيرًا بالعودة إلى الصومال.
وأوضحت نديج أن هناك عملية دقيقة ومفصلة للاجئين الذين يقولون إنهم يريدون العودة قبل أن نساعدهم على ذلك.
ولفتت إلى أن اتخاذ قرار العودة يرافقه جمع معلومات حديثة من أكثر من 30 منظمة محلية على الأرض في الصومال حول الوضع هناك.
وأشارت إلى ما يسمونه بعثات الذهاب والاطلاع، التي يقودها لاجئون صوماليون يذهبون لاستكشاف الوضع ويعودون بمعلومات للاجئين الذين يفكرون في العودة.
لكن في المقابل، شددت نديج على عدم كفاية التمويل اللازم لمساعدة أولئك الذين يريدون العودة إلى ديارهم.
وأردفت: عاد 75 ألفًا و297 صوماليًا لوطنهم طواعية منذ عام 2014 وحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2017، بينهم 35 ألفًا و407 عادوا خلال عام 2017 وحده.
واعتبرت نديج أن الفجوة في التمويل المقدم لكينيا، وراء المشكلات الحالية.
ومضت بالقول: نحن نحتاج إلى 231.3 مليون دولار أمريكي منذ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2017، لكن لا نملك سوى 73.1 مليون دولار.
من جهته، أوضح ماركو ليمبو، من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين العائدين إلى الصومال أنهم يحصلون على حزمة مساعدات كاملة تتألف من المنح النقدية المشروطة وغير المشروطة.
وتابع: بما في ذلك مبلغ يصل ألف دولار يُدفع مرة واحدة لكل أسرة، فضلاً عن منحة شهرية بقيمة 200 دولار.
كما أشار إلى أنه يتم أيضًا تقديم 6 أشهر من الحصص الغذائية، بدعم من برنامج الأغذية العالمي.
وكانت الحكومة الكينية أعلنت، العام الماضي، اعتزامها إغلاق كافة مخيمات اللاجئين في البلاد، لأسباب أمنية واقتصادية، بحسب بيان صادر عن مسؤول بوزارة خارجيتها.
وتشكل الملاجئ في البلاد، موطنًا لأكثر من 600 ألف لاجئ، من الصومال وجنوب السودان.
وفي الصومال، يواصل مقاتلو حركة الشباب السيطرة على عدد من المدن، وسط تقارير تفيد بأنهم يرهبون النساء والرجال والأطفال على امتداد منطقة القرن الأفريقي، ما يدفع إلى نزوح أعداد كبيرة من الناس.
شدد معظم اللاجئين في داداب، على أن حركة الشباب لعبت دورًا رئيسيًا في قرارهم بطلب اللجوء في كينيا.
المصدر: إرم