النـزاع الحـدودي الجيبـوتي الإريتـري: جـوهر الصـراع ومـآلاته المستقبليـة
عبد الله الفاتح
آخر تحديث: 7/01/2018
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 14
مدخـل:
يمثـل النـزاع الحـدودي الجيبـوتي الإريتـري أحـد العـوامل المهمـة التي تتحكـم على مسـار العـلاقات الثنـائيـة بين البـلدين، وتسـاهم في عـدم استقـرار الأوضـاع في منطقـة القـرن الإفريـقي، خاصـة في ظـل ما تشهـده المنطقـة من حالـة ثـورة وغليـان سيـاسي وأمنـي لبيئتهـا الداخليـة عـلاوة على التدافـع الدولي والإقليـمي غيـر المسبـوق الذي تعيـشه هـذه المنطقـة منـذ سنـوات عديدة.
فقـد كـانت المنطقـة محـل تنافـس بيـن فرنسـا وإيطـاليا، وهـذه القـوى الاستعمـارية هي التي رسمـت حـدود دول المنطقـة وفق مصـالحها الاستـراتيجية والاقتصـادية، مثيـرة لـتناقضات قبليـة وجهـوية ونزاعات حدودوية لا حصـر لها داخـل كل دول ومع جيـرانها، وهـو ما يجعـل مصيـر دول المنطقـة ومستقبلهـا تحـت رحمـة القنـابل الموقـوتة التي زرعتهـا الدول الاستعمـارية في المنطقـة.
علاقات إريتـريا بالمحيـط الإقليمـي:
تميـزت مجمـل العلاقات الإريتـرية بمحيطها الإقليمـي بقدر كبيـر من التوتـر وعدم الاستقـرار، وقـد تدخلـت الدولـة الناشئـة فور استقـلالها في العديد من النـزعات الحدوديـة مع جيـرانها لتثبيت أركـان دولتها من جهـة، والبحـث عن دور إقليمـي فاعـل في المنطقـة من جهـة أخـرى.
ولا شـك أن ستخـدام القيادة الإريتـرية القـوة العسكـرية لحـل خـلافاتها مع الدول المنطقـة، انعكـس سلـباً على مسار تطـور علاقاتها السياسيـة والدبلوماسيـة بمحيطها الإقليمـي والدولي.
جـذور النـزاع الحـدودي بين جيبـوتي وإريتـريا:
تعـود جـذور قصـة النـزاع الحـدودي بيـن جيبـوتي وإريتـريا، إلى الربـع الأخيـر من القـرن التاسـع عشـر، حينمـا تكـالبت الـدول الأوروبيـة على تقـاسم المنطقـة وتشكيـل أوضـاعها السيـاسية والجغـرافية الراهنـة وفق مصـالحها الاقتصـادية والاستـراتيجية.
ولكـن يبـدو أن هـذه المنطقـة الصحـراوية السـاحلية بين البـلدين، لم تكـن تشكـل أهميـة كبيـرة بالنسبـة للـدول الاستعمـارية الكبـرى، لذا لم تكـن أي من فرنسـا أو إيطـاليا يرغبـان حينهـا في ترسيـم حـدود المنطقـة وتسـوية وضعهـا القـانوني بشكـل دقيـق.
فقـد أشـارت النشـرة الجغـرافية الفرنسيـة لعـام 1900م، إلى إرسـال بعثـة فرنسيـة لترسيـم الحـدود مع المستعمـر الإيطـالية، ولكنهـا وصفـت منطقـة رأس دوميـرا والجـزيرة المجاورة بأنها قليـلة قيمـة، ولـكن بدأت المنطقـة تكتسـب أهميـة جـديدة لا سيمـا بعـد افتتـاح قنـاة السـويس عـام 1869م، كمـا تضاعفـت تلك الأهميـة بشكـل كبيـر خاصـة مـع إدراك الـدول الكبـرى بطبيعـة وخصـائص الموقـع الاستـراتيجي الهـام الذي تتمتـع به المنطقـة، ولذلك لم يعـد الحـديث عنهـا بأنها مجـرد منطقـة صحـراوية قاحلـة كمـا كان في الماضـي، بل أصبحـت ذات أهميـة كبيـرة، باعتبـارها تمثـل نقـطة إرتكـاز بـري وبحـري على مضيـق باب المنـدب الممـر البحـري الهـام في حـركة المـلاحة الدوليـة.
النـزاع الحـدودي لمرحلـة ما بعـد الاستقـلال:
عقـب استقـلال إريتـريا في الـ25 مايـو 1993م، تجـدد النـزاع الحـدودي بيـن البـلدين حـول منطقـة رأس دوميـرا والجـزيرة المجـاورة، وبدأ يأخـذ أبعـاد جـديدة في عـام 1996م، كـاد النـزاع أن يتحـول إلى مواجهـات عسكـرية، لولا تدخـل الهيئـة الحكـومة للتنميـة (IGAD) التي نجحـت في احتـواء الأزمـة.
وكانت العـلاقات بين البـلدين ازدادت توتـراً مـع توقيـع جيبـوتي في عـام 1999م، برتكول التعاون العسكـري مع إثيـوبيا، الذي يسمـح للأخيـرة بإستيـراد المعدات العسكـرية عبـر مواني جيبـوتي. لكـنها شهـدت تحـسناً ملحـوظاً بعـد عـام 2001م، وقـد بدأت العـلاقات تعـود لطبيعتهـا نتيجـة للوسـاطة التي قـام بها الرئيـس الليبي الراحل معمـر القـدافي التي أدت إلى الوصـول إلى تفاهمـات سياسيـة لحـل الخـلافات بيـن البلـدين.
ومـع أنه كان يتـوقع من تلك المتغيـرات الإيجـابية التي طـرأت على العـلاقات الثنـائية أن تزيـل الحساسيـة بين الجانبيـن، إلا أن النتـائج الفعليـة كانـت غيـر ذلك، فسـرعان مـا توتـرت العـلاقات من جـديد مـع تأزم الوضـع في الصـومال في 2006م، وذلك بسـبب تبـاين المواقـف السيـاسية حـول الأزمـة الصـوماليـة.
وبلغـت الأزمـة ذروتهـا في منتصف 2008م، حيـث نشـرت إريتـريا قـوات ومعـدات عسكـرية كبيـرة على منطقـة دوميـرا الحـدودية، ممـا أدى إلى مواجهـات عسكـرية أسفـرت سقـوط قتـلى وجـرحى وأسـرى من الطـرفين.
مبـادرة الوسـاطة القطـرية .. الأهـداف والنتـائج:
وفي الـ7 يونيـو 2010م، وقـع الرئيـسان الإريتـري والجيبـوتي على مبـادرة الوساطـة القطـرية لـحل النـزاع الحـدودي بين البلـدين.
وبالرغـم من أن الدوافـع والأهـداف وراء التدخـل القطـري المفاجئ في النـزاع الحـدودي المعقـد، لم تكـن واضحـة بما فيـه الكفاية لدى كثيـر من المراقبيـن، إلا أن القيـادة الجيبـوتية أعـربت عن تفـاؤلها للجهـود القطـرية ليـس لنـزع فتيـل الأزمـة بين البـلدين فحسـب، وإنما لحـل كافـة الأزمات الحـدودية في منطقـة القـرن الإفريقي، وهـذا ما لم يتحقـق فعـلاً.
وبالنظـر إلى المحصلـة النهائيـة، يمكـن القـول إن الجهـود القطـرية وانخـراطها المفاجئ في النـزاع، كانت فاشـلة بكل المعاييـر والمقاييـس السياسيـة.
كما أن طـريقة إدارة قطـر هذه الملف خلال السنـوات السبعـة الماضيـة، أثارت شكـوكا وتساؤلات عديدة حـول مدى جديتها في حـل النـزاع بين البـلدين.
وثيقة قطر التنفيذية لحل النزاع بين البلدين
طرحت دولة قطر بصفتها وسيطة بين جبيوتي واريتريا وثيقـة تنفيـذية لحـل النـزاع تضمنت على ما يلـي:
المـادة (1) تشكيـل لجنـة برئاسـة الشيـخ حمـد بن جاسـم بن جبـر آل ثاني، وعضـوية ممثـل عن الطـرفين للنظـر في حـل النـزاع الحـدودي.
(أ) تتولـى اللجنـة اختيـار وتعييـن إحـدى الشـركات العالميـة وبموافقـة الطـرفيـن، لكي تقـوم بترسيـم الحـدود بيـن البـلدين وفقاً للأصـول والقـواعـد المتعارف عليها دوليـاً.
(ب) يحـق لرئيـس اللجنـة أن يشكـل لجـاناً “خاصـة” وأن يستعيـن بمـن يـراه مناسبـاً لإنجـاز مهمـة اللجنـة.
المـادة (2) تهـدف هـذه اللجنـة إلى إنهـاء الخـلاف الحـدودي، والعمـل على ترسيـم الحـدود بيـن البلـدين بما يخـدم عـلاقات حـسن الجـوار.
المـادة (3) يقـوم كـل من الطرفيـن بتـزويد دولـة قطـر، بكشف بأعـداد واسمـاء الأسـرى الموجـودين لديـه، وكـذلك بكـشف عـدد واسمـاء المفقـودين.
(أ) يتـم تبـادل الأسـرى بيـن البـلدين، وكـذلك بتقصـي مصيـر المفقـودين، وكل ذلك بإشـراف دولـة قطـر.
المـادة (4) يقـوم كـل من الطرفيـن بتـزويد دولـة قطـر، كافـة المعلـومات والوثائـق والمستنـدات التي تيسـر عمـل اللجنـة.
(أ) تقـوم اللجنـة بتقـديم الوثائق والمستنـدات المـذكورة إلى الشـركة العالميـة المكلفـة بترسيـم الحـدود.
(ب) تقـدم الشـركة العالميـة المتفق عليهـا لترسيـم الحـدود، نتائـج عملهـا إلى اللجنـة المشـار إليهـا في المـادة (1) من هـذه الوثيقـة.
(ج) تعتبـر كافـة قـرارات اللجنـة نهائيـة وملـزمة للطـرفيـن.
المـادة (5) تتولـى دولـة قطـر بوصفها الوسيـط في حـل النـزاع بيـن الطـرفين، القيـام بالإشـراف على مـراقبة الحـدود، من خـلال بقـاء قـواتها في المنـاطق الحـدوديـة لحيـن صـدور القـرار النهـائي بشأن تسـوية الخـلاف.
المـادة (6) تقـوم دولـة قطـر بإيـداع الاتفاقيـة والوثيقـة التنفيـذية للاتفاقيـة حـول تسـوية النـزاع الحـدودي، لدى الأمـم المتحـدة وجامعـة الدول العـربية والإتحـاد الإفريقـي.
بمـوجب هـذه الاتفاقيـة طلـب الوسيـط القطـري من الحكـومة الإريتـرية بسحـب قواتهـا العسكـرية من المناطـق الحـدودية المتنـازع عليهـا، على أن لا يشكـل ذلك اعتـرافاً بأية حقـوق لحيـن التسـوية النهـائية للخـلاف، كمـا أن وحـدات من قـوات حـرس الحـدود القطـري، أطلـق عليهـا اسـم “واجـب” بـدأت بالإنشـار على المناطـق المتنـازع عليـها، لمنـع الاحتكـاك العسـكري بيـن الجانبيـن.
نتـائج المبـادرة:
أشـاعـت الوثيقـة التنفيـذية للاتفاقيـة، حالـة من التفـاؤل الكبيـر على المستـوى الرسمـي والشعـبي،لإنهـاء النـزاع الحـدودي القائم بيـن البـلدين منـذ 1996م.
وكانـت القيـادة الجيبـوتية أعـربت عن تفـاؤلها الكبيـر للجهـود القطـرية، ليـس فقـط لإنهـاء النـزاع الحـدودي بيـن البـلدين وإنما لحـل كافـة الأزمات الحـدودية في منطقـة القـرن الإفريـقي.
ومـع أن الوسـاطة القطـرية نجحـت في تجنيـب الجارتيـن من ويـلات الصـدمات والمواجهـات العسكـرية في ظـل تأجـج الأزمـة وفشـل الجهـود الإقليميـة لاحتـوائها، ولكـن بقـراءة كليـة لنتـائج الاتفاقيـة نـجد أن المبـادرة القطـرية وآليـاتهـا التنفيـذية التي وافق عليهـا الطـرفيـن في يونيـو 2010م، لم تحقـق أهـدافها المرجـوة على أرض الواقـع، بل إنهـا كانـت فاشـلة بكل المعاييـر والمقاييـس السياسيـة.
وبالنظـر إلى المحصلـة النهـائية، فإن المـواد الأسـاسية التي تضمنتها الوثيقـة التنفيـذية للاتفاقيـة، لم يطبـق مهنـا سـوى المـادة (5) المتعلقـة بإنتشـار قـوات مراقبـة قطـرية على المناطـق المتنـازع عليهـا.
وحتـى ما قبـل الانسحـاب القطـري من هـذه المناطـق في الـ13 يونيـو 2017م، لم تتوصـل اللجنـة المكلفـة بترسيـم الحـدود إلى تعليـم أو تحـديد للحـدود المشتـركة بيـن البـلدين، ممـا يطـرح العـديد من التسـاؤلات حـول مدى جديتها في حـل النـزاع.
الأزمـة الخليجيـة وتداعياتها على النـزاع الحـدودي:
لم تكـن تأثيـرات الأزمـة الخليجيـة القطـرية الأخيـرة، محصـورة على الأطـراف الخليجيـة والعـربية فحـسب، بل امتـدت بشكـل سـريع إلى دول القـرن الإفريـقي.
فهـذه الأزمـة زادت حـدة الصـراعات في المنطقـة وهنـاك العـديد من العـوامل سـاهمـت في ذلك، منهـا هشـاشة الأوضـاع السيـاسية والأمنيـة في القـرن الإفريـقي واعتمـاد دول المنطقـة على المعـونات الخارجيـة إضافـة إلى الأجنـدة الداخليـة المتحالفـة مع الأجنـدات الخارجيـة. كان لتداعيـات الأزمـة تأثيـراتها البالغـة في النـزاع الحـدودي بيـن جيبـوتي وإريتـري، وقـد بـدى ذلك جليـاً بعـد إعـلان جيبـوتي في الـ7 يونيـو 2017م، عن تخفيـض مستـوى التمثيـل الدبلوماسـي لدى دولـة قطـر، تضامنـاً مع السعـودية و”التحـالف العـربي” لمحاربـة الإرهـاب والتطـرف، وهـو ما فعلـت أيضـاً إريتـريا التي أعلنـت عن قطـع عـلاقاتها الدبلوماسيـة مع الدوحـة دعمـاً للموقف السعـودي.
وهـذه المـواقف التي تبنتهـا حكـومتا البـلدين تجـاه الأزمـة الخليجيـة الأخيـرة، لم تكـن متوقعـة كما يبـدوـ وقـد شكلـت صـدمة كبيـرة للقيـادة القطـرية، وعلى خلفيـة ذلك قـررت الدوحـة سحـب كافـة قواتهـا المتمـركزة على المنطقـة الحـدودية، وإعـلان إنهاء وسـاطتها لحـل النـزاع، الأمـر الذي تسبـب في إشعـال الأزمـة مجـدداً بين البـلدين، ودفع الأمـم المتحـدة والإتحـاد الإفريـقي إلى الإعـراب عن قلقهمـا العميـق من احتمـال نشـوب حـرب شـاملة بين الجارتيـن.
ويبـدو أن الدوحـة أرادت استخـدام أوراقهـا في المنطقـة، لتقـويض جهـود الدول الخليجيـة الراميـة إلى تشكيـل تحالفات إقليميـة جـديدة لتغييـر خارطـة موازيـن القـوة في المنطقـة، وذلك من خـلال سحـب قواتهـا بصـورة سـرية، دون إحاطـة قطـر للطـرفين مسبقـاً بإنسحـابها، من أجـل تفجيـر الوضـع المتأزم وهـذا فعـلاً ما كـاد أن يحـدث.
فمجـرد أن أكملـت القـوات القطـرية انسحـابها المفاجـئ، تحـركت قـوات عسكـرية إريتـرية صـوب المنطقـة وقـامت باحتلالهـا.
ومن جانبها أعلنت جيبـوتي حالـة تأهب قصوى في صفـوف قواتها المسلحـة كما استنكـرت بشـدة الخطـوة العسكـرية التي أقدمت عليها أسمـرة باحتـلال المنطقـة.
وأكـد الرئيـس الجيبـوتي خـلال كلمتـه في القمـة الإفريقيـة الأخيـرة بأديـس أبابا، أن الانسحاب المفاجئ للقـوات القطـرية، خلـق فـراغاً كبيـراً في المنطقـة، متهـماً إريتـريا باستغـلال الفـراغ لاحتـلال المنطقـة المتنـازع عليـها.
وطلـب من الاتحاد الإفـريقي دعـم جهـود بـلاده الراميـة لإنهـاء الخـلاف مع إريتـريا من خلال ترسيـم الحدود المنتازعـة عليهـا، للحيلولة دون أي تصعيـد عسكـري في المستقبـل.
ومن جانبهـا ردت الحكـومة الإريتـرية على ادعاءات جيبـوتي، واعتبـرتها بأنها مجـرد اتهامات لا أساس لها من الصحـة، وفي الوقت ذاتـه رفـضت بالسماح لبعثـة تقصـي حقائق التابعـة للاتحاد الإفريـقي بدخـول أراضيها.
وهـذا الجـدل الـذي خلفـه القـرار القطـري المفـاجئ، قـاد الطـرفين للجـوء إلى الأمـم المتحـدة التي تلقـت خطـابيـن من جيبـوتي وإريتـريا بشأن تجـدد النـزاع الحـدودي بينهمـا، وقـد أشـار الخطـاب الجيبـوتي إلى مجلـس الأمـن الدولـي، بأن قطـر سحبـت قواتها من المنطقـة بقـرار أحـادي وبدون تشـاور مع الطـرفيـن، وهـو ما أدى إلى إحـداث فـراغ في هـذه المنطقـة.
وبعـد جلـسة مغلقـة عقـده مجلـس الأمـن في الـ19 يونيـو 2017م، خصـص لمناقشـة تطـورات النـزاع الحـدودي بيـن البـلدين، أعـرب المجلـس عن ترحيبـه بقـرار الاتحـاد الأفـريقي إرسـال بعثـة تقصـي حقائـق إلى المنطقـة الحـدودية المتنـازع عليهـا، كمـا أعلن المجلـس عـن إرسـال بعثـة رقابـة إلى المنطقـة لمراجعـة تموضـع قـوات البلـدين وضمـان عـدم وجـود أية أنشطـة عسكـرية بمنطقتـي النـزاع.
وفي خطـوة سياسيـة مفاجئـة، جددت الحكـومة الإريتـرية تمسكها بالوساطـة القطـرية “كخيار وحيـد” لتسـوية النـزاع الحدودي بين البـلدين، وذلك على لسان منـدوبها لدى الاتحاد الإفريقي السيـد/ أربا ديستا، الذي دعا قطـر إلى التوسـط مجـدداً بين بـلاده وجيبـوتي، مشـيداً بـدورها السياسي وجهـودها في إنهـاء النـزاع.
وقـال ديستـا أن دولـة قطـر هي المفـاوض الأصيـل لاتفاقيـة السـلام، وأن الأمـر يعـود لها في تسـوية الخـلاف الأخيـر بين البـلدين.
وفيمـا قلـل مسـؤول رفيـع في الخارجيـة الجيبـوتية أهميـة تلك الدعـوة، مؤكـد بأنهـا محاولـة جـديدة لقطـع الطـريق أمام أي مساعي قـد يقـوم بها الاتحاد الإفريـقي لترسيـم الحـدود بين البـلدين أو نشـر قـوات مراقبـة على المنطقـة، مستبعـداً من قبـول جيبـوتي بالعـودة مـرة أخـرى إلى الوساطـة القطـرية.
مستقبـل النـزاع ومآلاته:
في التحليـل النهـائي يمكـن القـول بأن مسـاعي الاتحـاد الإفريـقي لانهـاء النـزاع الحـدودي بيـن البـلدين، سـوف تواجـه العـديد من التحـديات التي ربمـا تزيـد من تعقيـد المشكلـة خاصـة مـع تضـارب استـراتيجيـات القـوى الدوليـة والإقليميـة ذات المصـالح في المنطقـة.
كمـا أن التنافـس المحمـوم بيـن الدول العربيـة الخليجيـة من أجـل النفـود والريادة الإقليميـة، شكـل اهتـزازا واختـلالا على طبيعـة عـلاقات دول المنطقـة فيمـا بينهـا ومـع الخـارج، نتيجة اعتمـادها على المعـونات الخارجيـة، مما أدى إلى تحالف إلى الأجنـدة الداخليـة مـع الأجنـدة الخارجيـة، ولذلك فمـن المرجـح أن يظـل الخـلاف “الجغـرافي” قنبلـة موقوتـة قـد تنفجـر في أيـة لحظـة استنـاداً إلى تلك المعطيـات أعـلاه.
الإحـالات المرجعيـة:
1. عمـاد عنـان، جيبـوتي وإريتـريا البـداية: كيف تتأثـر إفريقيـا بدون الدور القطـري بعـد الأزمـة الخليجيـة، نون بوسـت، يونيـو 2017م.
2. عبد الله الفـاتح، الصـراع الجيبـوتي الإريتـري .. المـلامح الجيـوساسيـة وآفاق الحـل، مركـز مقـديشـو للبحـوث والدراسـات.
3. ـــــ دول القرن الإفريقي: تداخل المصالح المشتـركة وتناقض الاستراتيجيات الدولية، يناير عام 2013م.
4. ــــــ الأزمـة الخليجيـة الراهنـة وانعكاسـاتها المحتملـة على القـرن الإفـريقي، ورقـة غيـر منشـورة.
5. السفير/ عبد الوهاب الصاوي، السودان والقرن الإفريقي، المجلة السودانية للدراسات الدبلوماسية، العدد التاسع ـ سبتمبر 2011م.
6. عبد الوهاب الصاوي، أزمة الصومال تتمدد إقليميا، مجلة آفاق المستقبل الإماراتية، عام 2010م.
7. الدكتور/ إكرام محمد صالح دقاش، التوغل الإثيوبي في أراضي الفشقة السودانية، مجلة دراسات القرن الإفريقي، العدد السابع، أبريل 2008م.
8. عبد الله الفاتح، الصراع في القرن الإفريقي ..الماضي والحاضر، مركز القرن الإفريقي للدراسات، مارس 2012م.
9. مركز الجزيرة للدراسات، الملامح الجيوسياسية للصراع في القرن الإفريقي، عام 2010م.
10. عبد الله الجعلي، دبلوماسية الحدود في إفريقيا، مطابع الباكر، الدوحة، عام 2000م.
11. عثمان صالح سبي، تاريخ إريتريا، دار الكنوز الأدبية، بيروت لبنان، عام 1984م.
12. د. حسن بشير أحمد نور، أهمية القرن الإفريقي للإقتصاد السوادني، المجلة السودانية للدراسات الدبلوماسية، العدد التاسع، سبتمبر 2011م.