هل الفيدرالية توحّدنا أم تفرّقنا؟
أحمد محمود جامع
آخر تحديث: 31/08/2017
ان الفيدرالية نظام سياسي يحل مشاكل الصراع بين اثنيات أوأعراق مختلفة تعيش في دولة واحدة.. معظم حدو دول العالم مصطنعة من قبل الا ستعمار؛ الذي لم يراع التجانس الاثني بدمج مجموعات عرقية مختلفة، و تارة يفرق بين مجموعة عر قية واحدة مثل الأكراد، هذه من أهم الأسباب التي أدت الي صراعات عرقية واثنية.
نيجيريا مثلا تشكل مئات من القبائل المتنوعة تتحدث بلغات مختلفة وتدين بأديان شتي. فقد رسمت حدود نيجيريا اليوم بواسطة الاستعمار البريطاني بدمج مجموعاتٍ مختلفة بلا مراعاة التنوع العرقي والاثني، مما أدى إلى دخول نيجيريا بعد الاستقلال في حروب أهلية بين الأثنيات بدوافع سياسية، حيث تتنافس كل منها في تمسك مقاليد الحكم، مما أدى الى تفشي الفساد والتعصب والتطرف والفقر، مع أنها أقوى دولة افريقية اقتصاديا، وأكثرها انتاجا للبترول.
التقت النخب السياسية النيجيرية واتفقت علي تقسيم البلد الى أقاليم تحت نظام اتحادي (فيدرالي)؛ حيث كل اثنية تتمتع باستخدام لغتها ودينها، ومن هذا المنطلق- منطلق الفيدرالية – ضعف الحس الوطني وقويت القبلية، وأدى ذلك الي بروز وتقوية الانفصاليين كبيافرا ونمو التطرف كبوكو حرام وتفشي التمرد كدلتا النيجر.
في علم السياسة وفي الواقع تأخذ الدولة النظام الفيدرالي بأحدى الدوافع التالية:
1. بلد شاسع المساحة تصعب على الدولة سيطرته وتحكم ما فيه من عاصمة مركزية مباشرة كروسيا وكندا.
2. كثرة عددالسكان، حيث يستعصي على الدولة بكثافة سكانها أن تسود وتنمي كالهند والبرازيل والصين.
3. التعدد الاثني والعرقي، حيث كل جماعة تسعي إلى اعتماد لغتها اللغة الرسمية في البلاد واستخدامها في مكاتب الدولة ومجال التعليم، كما ترغب كل جماعة عرقية في الخصوصية بموارد اقليمها كاثيوبيا ونيجيريا والولا يات المتحدة الأمريكية. ويمكن أن تشمل العناصر الثلاثة في دولة واحدة كالهند .
التكتلات الاقليمية مثل الاتحاد الأوروبي يهدف الي تأسيس نظام فيدرلي يوحد سياسيا القارة العجوزة ليواجه التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية حول العالم .
من هذاالمنطلق قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “ألمانيا رغم انها أقوي اقتصاديات أوروبا وأكثرها سكانا لكننا لسنا أكثر من 1% من مجموع سكان المعمورة ولايمكننا أن نواجه تحديات العالم حولنا بدون أوروبا، قوتنا في الاتحاد الأوروبي و ضعفنا في الانفراد”.
هكذا العالم يتجه نحو الوحدة والتكامل، ونحن كصوماليين نتجه الي التفرق، ليس مجتمعنا مكونا من أعراق واثنيات شتى، ولا يعتنق أديانا مختلفة؛ لتكون الفيدرالية حلا، ولكن مشكلتنا تكمن في الفساد وسوء الادارة والدكتاتورية والقبلية، وحلولها تكمن في إيجاد قيادة نزيهة طموحة مثقفة توحد البلد و تؤمن ربنا وتتوكل عليه، تستعين بشعبها ولاتخون.
الفيدرالية تفرقنا حقيقة، وقد استغربت عندما سمعت رئيس اقليم بونتلاند يبرر الفيدرالية الصومالية، ويقول: “الصومال مثل اثيوبيا؛ إذ أن اثيوبيا تنقسم الي قوميات مختلفة، والصومال تنقسم إلى قبائل مختلفة، لذلك الفيدرالية حل لمشكلتنا العويصة، كما كانت حلا في اثيوبيا”، استنبطت من حديث سيادته أن الفيدرالية الصومالية حلقة جديدة من حلقات بناء الصومال الجديد بثوب قبلي 4.5 تارة وأخري بثوب فيدرالي بتصميم اثيوبي.
وأخيرا أبرر قولي: إن النظام الفيدرالي الحالي يفرقنا بمايلي:
• لسنا مختلفين لغويا ودينيا، وليس لدينا بلد شاسع المساحة، وعدد سكاننا أيضا لم يبلغ إلى حد تعجز الدولة بكثافته عن إدارة وإنماء البلاد من المركز.
• لايوجد تقاتل قبلي الا ويقوده التجار والسياسيون (سياسي فاسد يستخدم ورقة القبيلة لايجاد منصب سياسي لكسب مال بالرشوة).
• الفساد والدكتاتورية والتطرف والقبلية لايمكن أن يحل بالفساد والقبلية وتقسيم البلد.
• لن يكون دواء العضو المجروج بالقطع؛ اللهم إلا إذا كان القطع الحل الأخير الذي لا مفر منه، والفيدرالية من الحلول السياسية الأخيرة، ولا تبلغ نسبة الأنظمة السياسية الفيدرالية في العالم 20%.
• الفيدرالية أداة من أدوات حل الخلافات، وحل الخلافات أوالصراعات معظمه بين دول أوكيانات مختلفة ومآلاته الانفصال، ولابد من إدارة الصراعات أو الخلافات بالمفاوضات على يد إدارة سياسية مخلصة، تلم الشمل ولا تفكك. التفكك ضعف والوحدة قوة.
• النظام الاتحادي يصح أن يكون دستوريا باستفتاء شعبي. والفيدرالية في الصومال مؤقتة إلى أن يجرى استفتاء شعبي بالموافقة عليها بـ”نعم” أو رفضها بـ”لا”.
• الادارات الإقليمية تتمتع بالصلاحيات اللا محدودة وغير الدستورية اليوم في الصومال. سلطات النظام الفيدرالي عامة تنقسم الي الحكومة المركزية والأطراف، ولكن ثلاث سلطات أوسياسات يجب أن تكون في أيدي السلطات المركزية (السياسة الخارجية والسياسية الدفاعية و السياسية النقدية).
السياسة الخارجية تتمثل في التعامل مع العالم الخارجي، مثل المشاركة في المؤتمرات الدولية أو الإقليمية، وتوقيع الاتفاقيات مع دول العالم والمنظمات الدولية والإقليمية، وارسال أو استقبال السفراء والتعامل مع الدول الأخري والمنظمات الدولية .
السياسة النقدية تتمثل في كيفية ونظام إصدار النقود، ودور البنك المركزي في تسعير ورقابة واصدار وادخار وتتنظيم العملة الوطنية ورقابة العملات الأجنبية عندالدخول والخروج.
أما السياسة الدفاعية فتتمثل في كيفية بناءالجيش الوطني و تدريبه وتسليحه وإصدار الأوامر الدفاعية والحروب وبيع وشراء المعدات العسكرية والتعامل مع الجهات الخارجية واعلان الحرب والطواري.
من هذاالمنطلق نري اليوم في وطننا أن الأقاليم تتعاقد مع الدول، وكأنها دول ذات سيادة، كما أن لكل إقليم جيش خاص يأخذ الأوامر من رئيس الاقليم. وكما لايخفى بيع السيادة الوطنية بلاخجل وبلاخوف من عقاب رب العالمين ومن عدالة الثورة القادمة بعد استيقاط الشعب الصومالي اللاقبلي الذي تعب عن الأعلام الفارغة و بيع الأصوات والعمالة للأجانب والتجارة بالدين واطالة الفقر. الثورة قادمة باذن الله فبل أن يتم تقسيم البلد بهذه الفيدرالية المشئومة التي طبخ على أيدي خبراء قانونين غير مخلصين في امبغاتي وأديس أبابا وجيبوتي و في قلوب الفاسدين الذين يروجون الأعلام النتنة ويدفنون العلم الصومالي؛ الذي لايغيب عن قلوبنا مهما حاولوا إخفاءه عن الأنظار.