أنجز حر ما وعد
بشير نور علي
آخر تحديث: 8/08/2017
الدعايات في المعارك الانتخابية تأخذ في بادي أمرها شكل جدّيّة، وتسمع من هنا وهناك وعودا رنانة يكررها المرشحون لاعتلاء سدة الحكم لا غير، وبعد الانتهاء من مواسم الانتخابات سرعان ما يخلف المرشح في تلك الوعود وتصبح حبرا على ورق، وقنطرة الصعود الى المنصة، وأمرّ من ذلك كله وأدهى أولئك الذين كانوا بالأمس القريب يتحمسون لهذا المرشح أو لذاك بسبب تلك الوعود البراقة، ليس لهم وزن حتى في ابداء المشورة له، ونقد ما رأوه خلفا للمواعيد.
ومن هنا نعرض نموذجين اثنين فقط، وإلا فواقعنا السياسي مزرٍ لدرجة لا يصدق؛ وكأن الكذب والسّياسة متلازمان ملازمة العين لأختها.
دعنا نعود قليلا حيث كانت العاصمة مقديشو تشهد مخاضا عسيرا لمعركة انتخابية ساهم فيها حوالي عشرين مرشحا، من بينهم الرئيس الحالي السّيد محمد عبد الله فرماجو؛ حيث كان من أشهر دعاياته في تلك الفترة تخفيض مستوى الرّحلات الخارجية التي كان الرئيس السابق يقوم بها الى خارج البلاد والتي كانت تعتبر أكثر من اللازم.
والدعاية الثانية تركزت على التنديد المباشر لإغلاق الطرق المهمة أمام المارة اثناء تحركات المسؤولين ذهبا وايابا.
وهذا هو النموذج الأول المتمثل في وعود الرئيس فرماجو، وبعد مضي ما يقارب سبعة أشهر من انتخابه رئيسا للبلد، ومنذ ذاك الوقت إلى الآن ما ذا تحقق من وعوده؟.
من نافلة القول أن الرئيس ومجالس التنفيذ في حكومته أكثر نزاهة، واصرارا على انجاز الأعمال من الحكومات السابقة، لكن هذا لا يعني أنه أنجز الأعمال المخولة له كلها، وبكل فعالية.
فالطرق اصبحت مسدودة أكثر، حيث سدت الطرق الفرعية وحتى الأزقة فضلا عن الشوارع الرئيسية امام المارة، واصبح التنقل في شوارع العاصمة امرا صعبا. وتشهد غالبية الشوارع في المدينة طوابير من السيارات.
والشعب لا يزال يبحث عن سياسي يتصف بوفاء سموءل. سياسي لا تخونه ذاكرته ولا ينسى مواعيده.
اما النموذج الثاني فهو وعود أحمد محمد سيلانيو رئيس إدارة أرض الصومال، حيث دخل حزبه في ساحة المعركة الانتخابية الرئاسية والتي فاز فيها بإطلاق أناشيد دعائية كان مفادها أن الشعب بحاجة الى مياه، حيث كانت ولا زالت عاصمة تلك الإدارة تشهد شحا في المياه؛ لذلك وجد الحزب ضالته في ذاك المنحنى واستغل الفرصة في الوقت المناسب، وصوّت له الشعب من أجل وعوده في توفير المياه للسكان؛ ولكن ورغم ذلك فالرئيس وشركاؤه في حزبه لم ينجحوا إلى الآن في إنجاز ما وعدوه، والحر أنجز ما وعد.
ترجمة الوعود الى وقائع أمر عسير وغير يسير في السياسة الصومالية؛ لذلك تبقي تلك الوعود في طي النسيان، وفي سلة الإهمال حتى قبيل موعد الانتخابات الرئاسية القادمة.
ومما يدعو إلى الأسف الشديد ان تتحول شرائح المجتمع إلى ألعوبة في أيدي السياسيين، تقلبها ذات اليمين وذات الشمال، تلاطفهم تارة بأعذب الكلمات، وتهملهم أخرى، تتودد بهم أحيانا، وتتغافل عن تعهداتها لهم أحايين أخرى، ولا يحاسبهم أحد بل لا يتجرأ على نقدهم
ولا إبداء الرأي لهم، وإلا فالعقاب ينتظره، والسجن يحلو له بموجب المادة الفلانة في دستور الجمهورية، على حد مبرراتهم.
أخيرا وليس آخرا يبدو أن الشعب مهضوم الحقوق، وجوده كعدم إلا في أيام الانتخابات؛ حيث يبحث المرشح من يقف إلى جنبه، ويشد إزره، ويشارك في حملته الانتخابية،
ويصوت لصالحه، حتي يحظى بأغلبية ساحقة تمكنه من الفوز بالانتخابات.
لقد صدق من قال : انجز حر ما وعد.