التلاعب يـهز الانتخابات الصومالية
الصومال الجديد
آخر تحديث: 12/12/2016
هز التلاعب الانتخابات الصومالية وأثار تساؤلات حول شفافية نتائج الانتخابات النيابية الجارية في الأقاليم الصومالية والتي شارفت على الانتهاء. ووقع أكبر هذا التلاعب في ولايتي غلمدغ وهيرشبيلى، كما ذكر سابقا المراجع العام الصومالي الدكتور نور جمعاله فارح. ويروى مراقبون عن كثب تفاصيل هذا التلاعب الانتخابي والذي اقشعرت منه الجلود وأصاب المواطن الصومالي بالصدمة، مبددا آماله حيال تحقق الديمقراطية والاستقرار السياسي في البلاد في المستقبل القريب.
آخر قصة تكشف عن هذا التلاعب هي انتخاب محمد حسن نوح وزير الشباب والرياضة عضوا في مجلس النواب في عملية انتخابية شابها الفساد والتزوير جرت في وقت مبكر من صباح يوم السبت في مدينة جوهر عاصمة ولاية هيرشبيلى.
ويعتبر انتخاب نوح نائبا في البرلمان تحديا لقرار صدر الأسبوع الماضي عن لجنة الانتخابات تم بموجبه منعه من المشاركة في الانتخابات النيابية جراء اتـهامه بالتورط في إثارة شغب أثناء منافسته مع المرشح أحمد شيخ نور ضمن عملية انتخابية جرت في مدينة جوهر في الثامن عشر من شهر نوفمبر الماضي؛ مما أدى إلى تبادل إطلاق نار بين حرسه وحرس منافسه وقوع خسائر بشرية في صفوف مدنيين.
وأكد مصدر مقرب من لجنة الانتخابات الإقليمية في مدينة جوهر للصومال الجديد أن انتخابات يوم السبت في مدينة جوهر كانت مختلفة عن سابقاتـها وهيمنت عليها عمليات فساد مكشوفة، بحيث تم إدلاء 51 ناخبا بأصواتـهم بأقل من خمسة دقائق. وأشار المصدر إلى أن هناك أنباء متداولة تفيد بأن نوح مدعوم من قبل الرئاسة الصومالية؛ الأمر الذي أتاح له الفرصة بانتخابه نائبا بالصورة المذكورة، بغض النظر عن الاتـهامات الموجهة له وقرار لجنة الانتخابات حول منعه من المنافسة.
من جهته رفض أغاس عبد الناصر أغاس نور سلطان عشيرة جيدلي التي ينتمي إليها نوح -في مقابلة مع إذاعة غوب جوغ المحلية- شرعية انتخابه نائبا في البرلمان الصومالي، مشيرا إلى أن ما حدث هو الاستقواء بالسلطة للجلوس على مقعد العشيرة في البرلمان بصورة غير قانونية، متهما في نفس الوقت نوح بتنظيمه عملية انتخابية صورية وجمع مندوبين شكليين لا يمثلون العشيرة من تلقاء نفسه لاختياره نائبا في البرلمان.
أما لجنة الانتخابات الفيدرالية فقد رفضت شرعية انتخاب نائبا في البرلمان الصومالي. واعتبرت اللجنة في بيان صحفي صدر عنها عملية انتخاب نوح نائبا في البرلمان بأنها تخالف نظام الانتخابات، مشيرة إلى ذلك الحدث أمر يثير القلق. وقالت اللجنة إنها قررت في السابع من ديسمبر الجاري منع نوح من المشاركة في الانتخابات النيابية، واصفة عملية انتخابه التي نظمتها لجنة الانتخابات الإقليمية في ولاية هيرشبيلى بأنها غير شرعية، ويعتبر تعليق لجنة الانتخابات الفيدرالية بأنه مؤشر إلى غياب التنسيق بينها وبين اللجان الانتخابية الإقليمية.
ومن جهتها أعربت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) وإثيوبيا وإيطاليا والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك عن قلقها الشيديد حيال عملية انتخاب نوح نائبا في البرلمان. هذا تداولت وسائل الإعلام الصومالية الموضوع بشكل كبير ووصف معظمها ما جرى في مدينة جوهر يوم السبت الماضي بأنه أغرب وأفضح ما حدثت خلال فترة الانتخابات.
أما ولاية غلمدغ في وسط الصومال فشهدت الانتخابات النيابية فيها والتي عقدت في مدينة عدادو عمليات فساد كبيرة ليست أقل حدة مما حدث في مدينة جوهر، مما أدى إلى استقالة كل من نائب وزير الاستثمار عبد السلام إبراهيم ووزير الدولة في وزارة الصحة علي طاهر عيد يوم السبت ردا على التلاعب ومصادرة الحقوق السياسية لعشيرتـهما وتسليم مقاعدها البرلمانية إلى عشيرة أخرى، واتـهم المسؤولان المستقيلان كلا من رئيس ولاية غلمدغ عبد الكريم حسين غوليد ونائبه محمد عبده حاشي عربي بالوقوف وراء هذ التلاعب؛ الذي من المحتمل أن يؤجج الصراعات بين العشائر ويؤدي إلى وقوع حرب أهلية بينها.
وكان الناشط السياسي والمرشح الرئاسي البارز جبريل إبراهيم عبد الله قد دعا مؤخرا إلى التغيير، وذلك في مقال له نشر الأسبوع الماضي تحت عنوان: الصومال: الحاجة إلى التغيير، وقال فيه: “لقد أصبح الفساد السياسي والمالي طقساً يومياً خلال السنوات الأربع الماضية، ومللنا من مسؤولين مستعدين لبيع كل شيء في البلد تصل إليه أيديهم والتصرف في أموال الدولة كأنها ملك خاص” واشار المرشح في مقاله إلى “تزايد الشكاوى حالياً من تدخلات مستمرة في عملية الانتخابات البرلمانية وفرض مرشحين معينين، حتى يتسنى لرئاسة الجمهورية التأثير على النتائج لصالح مسؤولين بعينهم، وتجاوز الرغبة الشعبية لانتخاب برلمان يعبّر عن إرادة حقيقية للشعب”.
وأعرب المراجع العام الصومالي الدكتور نور جمعاله فارح سابقا عن قلقه الشديد حيال ارتفاع حجم الفساد والتزوير في الانتخابات النيابية، مؤكدا في مقابلة مع إذاعة صوت أمريكا أن الانتخابات النيابية افتقدت النزاهة والمصداقية. وصرح المسؤول بأن ارتفاع عمليات الفساد والتزوير في الانتخابات النيابية في الولايات الإقليمية وصلت إلى ذروتها، مشيرا إلى أن الفساد المالي واستغلال السلطة سيطرا على مجرى الانتخابات النيابية، وأن أسوأ عمليات الفساد المالي جرت في ولايتي جلمدج وهيرشبيلى.
وعلى العموم فإن ماحدث في البلاد في فترة الانتخابات ستكون له تداعيات سلبية على الصومال، ويمكن أن يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي والأمني؛ بحيث تم إبعاد سياسيين بارزين من الانخراط في البرلمان الصومالي بمنعهم من المنافسة من خلال سوء استغلال السلطة.