ولاية غلمدغ: أزمات سياسية لا تنتهي
الصومال الجديد
آخر تحديث: 28/12/2019
لم تستقر الأوضاع السياسية في ولاية غلمدغ بوسط الصومال منذ تشكيلها لأول مرة في عام 2015، فقد عايشت الولاية في السنوات الأربع الماضية خلافات داخلية وكذلك خلافات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، وكان السبب الرئيسي في نشوب الخلافات السياسية أن سكان الولاية لم يجدوا فرصة في اختيار ممثليهم وتشكيل إدارة تخدم مصالحهم بسبب تدخلات الحكومة الفيدرالية في شئون الولاية، وليس خافيا أن حكومة الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود التي تشكلت ولاية غلمدغ في عهدها هي التي أوصلت عبد الكريم حسين غوليد أول رئيس لغلمدغ إلى رئاسة الولاية كما قامت بتهميش بعض الجهات المؤثرة في الولاية مثل تنظيم أهل السنة والجماعة الأمر الذي أصبح عقبة أمام إدارة الولاية التي اتخذت مدينة “عدادو” عاصمة مؤقتة لها حيث كانت العاصمة الرسمية لغمدغ تخضع لسيطرة أهل السنة.
وبعد استقالة الرئيس غوليد من منصبه في 25 من فبراير 2017 لأسباب تتعلق بحالته الصحية وفوز أحمد دعالي غيلي “حاف” برئاسة الولاية لم تهدأ الأوضاع السياسية في غلمدغ رغم نجاح حاف في التوصل إلى اتفاق مع أهل السنة في جمهورية جيبوتي في نهاية عام 2017 وانتقال إدارة الولاية إلى عاصمتها دوسمريب لأن نائبه محمد حاشي عربي ورئيس البرلمان علي غعل عصر عارضا تطبيق الاتفاقية المبرمة بين أهل السنة وحكومة غلمدغ وغادرا دوسمريب وتمركزا في مدينة عدادو ولم يكن خافيا دعم حكومة الرئيس محمد عبد الله فرماجو لجناح غلمدغ المتمركز في عدادو، ثم تمكنت الحكومة الفيدرالية عند اقتراب ولاية مؤسسات غلمدغ من نهايتها من اختراق جناح غلمدغ المتمركز في دوسمريب وخلق مشكلة بين رئيس الولاية أحمد دعالي حاف وحليفه رئيس حكومة الولاية الشيخ محمد شاكر أحد زعماء تنظيم أهل السنة والجماعة ووضعت الحكومة خطة مدروسة بعناية فائقة تهدف إلى التخلص من الرئيس حاف أولا من خلال تقديم وعود عريضة إلى تنظيم أهل السنة إذا تخلى عنه ثم القضاء على التنظيم نفسه لاحقا، وقد نجحت هذه الخطة حيث تخلت أهل السنة عن حاف الذي استسلم هو الآخر إلى الحكومة الفيدرالية وسلمها مقاليد الأمور في الولاية نكاية بأهل السنة التي اكتشفت هي الأخرى خديعة الحكومة الصومالية بعد فوات الأوان واضطرت إلى الموافقة على أخذ 20 نائبا من نواب برلمان غلمدغ القادم بعد ممارسة المجتمع الدولي ضغوطا على الحكومة الفيدرالية في أعقاب تملصها عن الاتفاقية التي توصلت إليها مع التنظيم الذي لن يحصل على نصيب الأسد في حكومة وبرلمان غلمدغ القادمين كما كان يتوقعه عند ما تخلى عن الرئيس المنتهية ولايته أحمد دعالي حاف.
ولا شك أن غلمدغ تقف الآن على أعتاب تشكيل البرلمان الثاني للولاية لينتخب نوابه الرئيس القادم الذي سيقود غلمدغ في السنوات الأربع المقبلة، وذلك بعد أن نححت الحكومة الصومالية في تجاوز معظم العقبات التي واجهتها في الولاية في الأشهر الست الماضية بعد زيارة رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري إلى عاصمتها دوسمريب في نهاية يونيو الماضي، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل ستخرج غلمدغ من الأزمات السياسية التي عانت منها منذ تشكيلها لأول مرة؟ التطورات التي تشهدها الولاية لا تبشر بالخير، حيث لا يوجد لمؤسسات غلمدغ التشريعية والتنفيذية أي دور في الانتخابات المرتقب إجراؤها في الولاية حيث استأثرت بذلك وزارة الداخلية للحكومة الفيدرالية التي دمرت عن عمد – حسبما يرى كثيرون- مؤسسات الولاية لتتصرف في شئون انتخاباتها كما تشاء لإيصال موالين لها إلى سدة الحكم حيث تشير مصادر إلى أن الحكومة تدعم مرشحين لمناصب رئيس غلمدغ ونائبه ورئيس البرلمان، الأمر الذي قد يعيد الولاية إلى المربع الأول لأن الحكومة الفيدرالية قد تنجح في ضمان فوز بعض المرشحين الذين تدعمهم لكنها لن تكون قادرة على جعل الإدارة التي سيتم تشكيلها لغلمدغ فاعلة بسبب التعقيدات السياسية والأمنية التي تعج بها ساحة الولاية التي تسيطر حركة الشباب على مناطقها الوسطى والشرقية كما تعاني من الصراعات القبلية المزمنة، ويعتقد كثير من المراقبين أن تحسين أوضاع سكان الولاية وتوفير الخدمات الاجتماعية لهم ليسا من اهتمامات قيادة الحكومة الفيدرالية الذين يهمهم فقط تشكيل نظام موال لهم في غلمدغ يخدم مصالحهم السياسية في الانتخابات الفيدرالية التي ستشهدها البلاد في 2020/2021.