هل تكون محاولة الإغتيال الفاشلة لـ"حمدوك" فرصة ذهبية لتصالح السودان مع المجتمع الدولي؟!

صفاء عزب

آخر تحديث: 14/03/2020

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- أثار خبر محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، في هجوم بـ”عبوة ناسفة” استهدف موكبه في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي، قلقا على مستقبل الأوضاع في السودان خاصة الحالة الأمنية ودرجة الاستقرار سيما وأن محاولة الاغتيال جاءت بعد أسابيع قليلة من عملية تمرد في صفوف بعض الفرق الأمنية والمخابراتية في السودان. كما تثير هذه المعطيات تساؤلات عديدة حول المتسبب في هذه الأحداث ومن يقف وراءها من كيانات داخلية تنتمي لنظام البشير السابق، وتسعى للانتقام أو جهات خارجية تستهدف النيل من أمن السودان والعمل على وأد تجربته الثورية الوليدة!

يزداد القلق على المستقبل السوداني وتداعيات الهجوم على المرحلة الانتقالية في ظل الأزمات الخانقة التي يتعرض لها الإقتصاد السوداني وتوابعها السلبية على أوضاع الشعب، خاصة مع حدوث الهجوم في وقت تواجه فيه حكومة حمدوك صعوبات كثيرة في إدارة أزمة اقتصادية حادة كانت سببا في احتجاجات لأشهر ضد نظام البشير وظلت مستمرة حتى بعد الإطاحة به! كما تثار علامات استفهام حول اختيار توقيت محاولة الاغتيال لرئيس الوزراء السوداني، سيما وأنها وقعت في الفترة التي يسعى فيها السودان لإخراجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفي اليوم التالي للقاء حمدوك مع موفد وزارة الخزانة الأمريكية للتباحث حول نفس الموضوع.  

وكان السودان قد أعلن الاثنين الماضي عن تعرض موكب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمحاولة اغتيال قرب المدخل الشمالي لجسر كوبر على النيل الأزرق حيث يقع مكتبه، واختلفت الروايات المعلنة عن كيفية حدوث التفجير، وقد أسفر عن إصابة شخص واحد بجروح ووقوع خسائر بسيطة في بعض الأبنية المحيطة بموقع الحدث بينما لم يصب حمدوك بأذى قبل أن يختفي ويظهر ثانية على مشاهدي التليفزيون في حالة ثبات نفسي مؤكدا سلامته وعدم تعرضه لأي أذى.

وتعد عمليات الاغتيال من الظواهر المحدودة في السودان حيث أنه لم يشهد عمليات مماثلة منذ محاولة اغتيال الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري بهجوم مسلح على بيته عام 1999، الأمر الذي يثير احتمالات عديدة حول ما يكمن من خلفيات للحادث الأخير وما يكشفه من تدابير خفية للنيل من السودان وأمنه. لذلك تجري التحركات على قدم وساق لكشف ملابسات الحادث وتفاصيله وخلفياته، لاتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأمن السوداني، كما أكد مجلس السيادة الحاكم في السودان تكثيف مساعيه لإنهاء نفوذ “الموالين” للنظام السابق. وقد استحوذت هذه الأحداث على اهتمامات دولية أيضا، حيث تشارك فرق أمنية من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “FBI” للمساعدة في التحقيق في محاولة الاغتيال تلك  كما طلب السودان من إثيوبيا التعاون المشترك لمواجهة مثل هذه العمليات الإرهابية والحفاظ على الأمن والسيطرة على المناطق الحدودية بين الطرفين.

وعلى الرغم من عدم كشف السلطات السودانية تفاصيل كثيرة حول منفذي الهجوم إلا أن  تصريحات داخلية بالسودان أشارت إلى أن أنصار النظام القديم يحاولون عرقلة التحول الديمقراطي. وقال محمد الفكي المتحدث باسم مجلس السيادة الحاكم في السودان في تصريحات صحفية أن فرعا من الأجهزة الأمنية السودانية يرتبط ارتباطا وثيقا بالبشير سيخضع لسيطرة الحكومة المدنية وأن اللجنة المكلفة بتفكيك النظام القديم ستمنح سلطات إضافية للتعامل مع هذه الأحداث، كما أنه سيتم إقالة كبار المسؤولين في البنوك والسفارات لتضاف إلى الإجراءات السابقة الخاصة بفصل بعض الضباط في جهاز الأمن والمخابرات الوطني وتغيير اسم الجهاز إلى جهاز المخابرات العامة ونقل تبعية جهاز الأمن الداخلي لوزارة الداخلية.

يرى كثير من المراقبين أن عدم تجانس المجلس السيادي السوداني وافتقاد الثقة المتبادلة بين بعض أعضائه العسكريين والمدنيين أحد أسباب التوتر الحادث في الشارع السوداني وإثارة النزاعات في أوساط بعض الفئات خاصة في ظل ما تتسم به الفترة الإنتقالية من مشكلات مزمنة وعميقة الجذور، لكنهم يرون أيضا أن هذه الأوضاع تدفع نحو مزيد من التعاون بين العسكريين والمدنيين تنفيذا لمحاور الشراكة بين أبناء الوطن الواحد. ولكن هناك من يتخوف من تلاعب أطراف خارجية للعبث بأمن السودان لإفشال ثورته، وهو ما قد يدفعها للتعاون والتآمر مع بقايا أنقاض نظام البشير لتلاقي المصالح حيث يسعى الأخير للإنتقام من الثورة لاسترداد وضعه ومكاسبه التي فقدها. كما ترتفع أصوات التحذيرات من تحركات فلول الميليشيات والكتائب التي تأسست في ظل نظام البشير التي يمكن أن تتعاون مع رجال الحرس القديم خاصة أولئك الذين لا زالوا يعملون في مواقع حيوية وحساسة، الأمر الذي يتطلب سرعة العمل على تطهير المواقع الأمنية وإعادة هيكلتها وفقا لما نص عليه في الوثيقة الدستورية، مع ضرورة العمل على محاسبة المخطئين ومرتكبي الجرائم في العهد السابق للحيلولة دون محاولات انتقامية تعكر صفو الأمن.

بالنظر السطحي إلى ملابسات الحادث الأخير وتواكبه مع بذل السودان لجهود مضنية من أجل رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يبدو المشهد سلبيا فيما يتعلق بهذه المسألة إلا أن التعمق في الأمر يكشف عن الجانب الإيجابي الذي يمكن أن يحققه السودان من جراء ما حدث وهو أنه تحول من دولة متهمة برعاية الإرهاب إلى دولة ضحية للإرهاب مما يستدر عطف المجتمع الدولي وينتزع قناعة الدول الكبرى بسلامة موقفه ومن ثم يحظى بدعمهم واهتمامهم برفع الحظر عن السودان.

لا شك أن محاولة الإغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس الوزراء السوداني، هي بمثابة جرس إنذار للسودانيين لاختبار وعيهم ونضجهم السياسي ويبقى الدور الأكبر على على جميع الفئات السودانية من قوى ثورية وأحزاب ومؤسسات وكذلك المؤسسة العسكرية لتعضيد التعاون فيما بينهم وسد مناطق الفرقة لقطع الطريق أمام أي محاولة لاستغلال الخلافات الداخلية وتمزيق أوصال السودانيين وذلك للحفاظ على مكتسبات الثورة واستمرار السير قدما على محاورها وتحقيق أهدافها بما يحقق مصلحة الشعب السوداني الذي دفع ثمنا غاليا لإعلاء كلمته وخلع نظام استبد بهم لثلاثة عقود. وعلى جانب آخر يمكن لهذه المحاولة أن تكون فرصة ذهبية للسودان لطي صفحته القديمة مع دول العالم وفتح صفحة جديدة يحظى فيها بثقة ودعم المجتمع الدولي.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال