نزول آبي أحمد إلى جبهة القتال: قرار انتحار أم عامل تشجيع لجيشه في الجبهات؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 25/11/2021
نشرت وسائل إعلام تابعة للحكومة الإثيوبية، خبر نزول رئيس الوزراء آبي أحمد إلى الجبهات الأمامية لقيادة القوات الإثيوبية المحاربة لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، دون نشر لصور له وهو في ميادين القتال.
وينوب عنه في تسيير شؤون الحكومة خلال فترة غيابه نائبه ديميكي ميكونني حسن، وفق ما أفادته شبكة فانا الإخبارية الإثيوبية.
أثار قرار آبي أحمد بالنزول إلى ساحات القتال تفاعلا في الأوساط الاجتماعية المتابعة للأوضاع الإثيوبية، وذلك منذ أن نشر رئيس الوزراء الإثنين الماضي تغريدة يقول فيها: “ابتداء من الغد (الثلاثاء) سأتحرك إلى الجبهة لقيادة قوات الدفاع، لقد آن أوان قيادة البلاد بشيء من التضحية. أولئك الّذين يودّون أن يكونوا ضمن أبناء إثيوبيا الذين سيحتفي بهم التاريخ انهضوا اليوم من أجل بلدكم ولنلتقي معا في جبهة القتال”.
وما أن انتشر هذا الخبر في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، حتى انفجرت موجة من الردود والتعليقات تنظر قرار آبي أحمد من عدة زوايا مختلفة، لما للقرار من تأثير على سير المعارك وعلى مستقبل آبي أحمد وإثيوبيا على حدّ سواء.
وترى الغالبية العظمى من المتابعين أن قرار آبي أحمد بالنزول إلى ساحات القتال ما هو إلا قرار انتحار بقدر ما يكون تشجيعا للجيش الإثيوبي المرابط في الجبهات، وأنه _ أي آبي أحمد_ يسير بذلك على خطى إدريس ديبي الرئيس التشادي الذي مات في الـ 20/إبريل 2021م، متأثرا بجروحه التي أصابته في ساحات الوغى ببلاده.
وقريبا من هذا الرّأي يعتقده السيد مصطفى علي رئيس معهد القرن الدولي للدراسات الإستراتيجة، وأحد مؤسسيه، والّذي قال للجزيرة: “إن قرار آبي أحمد بالتحرك نحو الجبهة ما هو إلا مقامرة كبيرة، وأنه بذلك يعرّض حياته وحياة أتباعه والبلاد برمتها للخطر”.
أما عباس حاج غنامو الخبير بالسياسات الإثيوبية في جامعة تورونتو، فيرى أن “قوة الجيش الإثيوبي قد ضعفت ووهنت والدليل على ذلك انسحابه من المدن وسقوطها في أيدي المتمردين، وبالتالي، فإن قرار ذهابه – أي آبي أحمد- إلى الجبهة لن يغير شيئا، وإنما المحادثات والمفاوضات هي الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الأزمة“.
من جانبه، حاول السيد عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي زعيم حزب ودجر المعارض والمرشح الرئاسي للانتخابات، إيجاد تفسير مناسب للربط بين الأوضاع في إثيوبيا ومحاولات التلاعب بالانتخابات في الصومال، عندما كتب على صورة لآبي أحمد وهو يمتطي دبابة عسكرية ويرتدي بزة عسكرية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء تعليقا مقتضبا قال فيه: “هذه نتيجة تأخير الانتخابات عن موعدها، ومن ثم نهبها واختطافها”، وكأنه بذلك يبعث برسائل تحذيرية متعددة الأهداف والأغراض إلى الجهات المنظمة والمعنية بالانتخابات البرلمانية الجارية في الصومال، والتي شابها الكثير من الانتقادات اللاذعة التي تطعن في مصداقيتها ونزاهتها وشفافيتها.
إن الحرب الإثيوبية التي أكملت عامها الأول كانت ولا تزال بمثابة امتحان عسير يواجهه رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز في 2019م، على جائزة نوبل للسلام، ومن قبلها أطلق وعودا بالرفاهية والازدهار ورغد العيش للشعب الإثيوبي عند مجيئه إلى السلطة في 2018م، غير أن هذه الوعود ذهبت مع أدراج الرياح، كما قالت في تغريدة على تويتر في ال8/نوفمبر الجاري/2021م، الوزيرة السابقة في حكومته فلسن عبدالله أحمد: “تحولت رياح التغيير التي حملت معها وعدا بغد أفضل، وآفاق سلام وازدهار لإثيوبيا إلى عاصفة كابوسية أزاحت بلادنا عن مسارها…”.
إنه، وانطلاقا من المعطيات على أرض الواقع من زحف لمقاتلي الجبهات المتمردة نحو العاصمة أديس أبابا، وإجلاء معظم الدول الغربية لرعاياها في إثيوبيا، وتراجع عزيمة الجيش الإثيوبي وانكساره معنويا، إلى جانب تضاؤل فرص نجاح جهود الوساطة الأمريكية والإفريقية، ليمكن القول بأن آبي أحمد نزل إلى الجبهات القتالية محاولة لإعادة الروح القتالية إلى نفوس جيشه، لكن الوقت لم يكن مناسبا بالنسبة له حسب بعض المتابعين، وهو ما يحمل البعض على الاعتقاد بأن قرار آبي أحمد بالذهاب إلى الجبهات ليس إلا انتحارا و مقامرة عسكرية كبيرة!