مقديشو… مدينة مقسمة
الصومال الجديد
آخر تحديث: 10/06/2018
عادة ما يركز السياسيون على استقطاب الجماهير أثناء الحملات السياسية بإطلاق وعود حول تنفيذ حزمة مشاريع تنموية مختلفة وتقديم أفضل الخدمات للشعب، لكن سرعان ما تتكشف الحقائق شيئا فشيئا بعد تحقيق السياسي مآربه وصوله إلى سدة الحكم.
لم يكن المواطنون يتوقعون أن تصبح الشوارع في مقديشو والطرق الترابية مغلقة لفترات طويلة في عهد الرئيس محمد عبد الله فرماجو؛ الذي كان يتهم الحكومات السابقة قبله بإضرار المدنيين بإغلاق الشوارع الذي وصفه في بعض خطاباته في حملاته الانتخابية بأنه “قمع للمواطنين”.
يعاني المواطنون من ظاهرة إغلاق الشوارع في عهد فخامة الرئيس فرماجو أكثر من أي وقت مضى، بل تم قطع الطرق الترابية المتفرعة من الشوارع الرئيسية بحواجز اسمنتية وكومات ترابية تمنع السيارات من العدول عن الشارع الرئيسي والنزول إلى إحدى الطرق الترابية.
كما أصبحت العاصمة مقديشو مقسمة كذلك إلى ثلاثة أجزاء مقطوعة بينها بالحواجز الأسمنتية، مما جعل التنقل بين كل جزءين من الثلاثة في غاية الصعوبة. وفي بعض المناطق تمنع عناصر القوات المتواجدة في التقاطعات -وهي المنافذ الوحيدة المفتوحة- انتقال السيارات من شطر إلى آخر، وعلى الرغم من هذه التحصينات وقطع الطرق فإن العاصمة لم تظل خالية من المشاكل الأمنية، بل ازدادات عمليات الاغتيالات في مقديشو بشكل ملحوظ في الأسابيع الثلاثة الماضية.
في العشر الأواخر من شهر رمضان، كثيرا ما ينزل أفراد الأسر إلى الشوارع متجهين إلى المراكز التجارية للتسوق استعداد لعيد الفطر السعيد، لكن إغلاق الشوارع أثر سلبا على تنقل المواطنين وسير الحياة اليومية بشكل طبيعي، الأمر الذي أدى إلى توجيه بعض المواطنين تصريحات غاضبة وانتقادات للحكومة عبر وسائل الإعلام المحلية، استنكارا لاغلاق الشوارع.
واستجابة لنداءات المواطنين أمر فخامة الرئيس فرماجو أمس السبت قوات الأمن بفتح الشوارع والتخلي عن إضرار المدنيين في تغريدة نشرت عبر حسابه على التويتر، لكن الحال لم يتغير كثيرا، وتنقل السيارات بين أحياء المدينة لا يزال صعبا، وهذا ما يثيرا تساؤلات حول ما إذا كانت القوات الأمنية لا تنصاع لأمر الرئيس، أو أن الأمر ليس إلا للاستهلاك الإعلامي”.
ويبدو أن تجربة الاستراتيجية الأمنية المتمثلة في قطع الطرق تجلب ضررا كبيرا للمواطنين ولم تكن كذلك ناجحة في مرات سابقة لذلك ينبغي للسلطات الحكومية الانتقال إلى استراتيجية أمنية مغايرة تضمن للمواطنين حقوقهم في حرية التنقل لمزاولة أعمالهم اليومية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الصلة والتعاون بين المواطنين والسلطات الحكومية؛ بخلاف ما لو تم إهمال مصالح المواطنين خلال وضع الاستراتيجيات العامة في البلاد.