مشروعات الإمارات وأياديها البيضاء في الصومال تعكس التقارب الكبير بين البلدين الشقيقين
الصومال الجديد
آخر تحديث: 12/01/2023
القاهرة: صفاء عزب
مع مطلع العام الجديد تصدرت أخبار اتفاقيات التعاون الأمني بين دولتي الصومال والإمارات العربية المتحدة المواقع الإخبارية المعنية بالأمر في كلا البلدين وذلك لما يحمله الخبر من أهمية كبيرة وما يعكسه من تفاصيل تؤكد خصوصية علاقة الصومال بالإمارات، سيما بعد تولي الرئيس حسن شيخ محمود السلطة وانتهاجه لسياسة خارجية منفتحة على دول العالم وخاصة العالم العربي.
وتعد العلاقة مع دولة الإمارات في قمة الخصوصية حيث حرص الرئيس الصومالي على أن تكون وجهته الأولى التي قام بزيارتها بعد نجاحه في انتخابات الرئاسة لإعادة الروح والدفء في علاقة بلاده مع الدولة الشقيقة وتبديد غيوم الخلافات التي كانت تعكر الصفو خلال عهد سابقه فرماجووهي الزيارة التي أثمرت عن الاتفاق على مبادرات إماراتية تُسهم في دعم الشعب الصومالي، منها منحة 20 مليون درهم لمواجهة ملف الجفاف، وتسهيل إجراءات دخول المواطنين الصوماليين إلى دولة الإمارات.
وكان وفد صومالي رفيع المستوى برئاسة وزير الدفاع عبد القادر محمد نور قبل أيام قليلة قد زار العاصمة الإماراتية أبوظبي وسط ترحيب كبير من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الإماراتية وقيادات قواتها المسلحة. خلال تلك لزيارة تم التوقيع على اتفاقية تعاون في المجال العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب مع وزير الدولة لشؤون الدفاع في الحكومة الإماراتية، محمد بن أحمد البواردي.
كما بحث الطرفان علاقات التعاون والتنسيق المشترك في المجال الدفاعي والعسكري وسبل تنميتها إضافة إلى استعراض عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر بشأنها. وتواكب مع ذلك قيام وزير الدفاع في الحكومة الفيدرلية الصومالية، عبد القادر محمد نور بزيارة مصنع “توازن” لصناعة الأسلحة والذخيرة والمركبات العسكرية بدولة الامارات العربية وذلك في أجواء من المودة والترحيب وحسن الضيافة ما يعكس المناخ الطيب ومستوى التفاهم المرتفع بين البلدين حيث تم استعراض طريقة عمل المصنع الذي لعب دورا رئيسيا في القوة العسكرية والأسلحة التي تستخدمها قوات الإمارات.
كما أطلع الوزير الصومالي المسؤولين الإماراتيين خلال زيارته على نتيجة وتطورات العمليات ضد حركة الشباب الجارية في بلاده، والمناطق التي عادت لسيطرة الحكومة، مشيرا إلى الجهود التي تبذلها لتعزيز بناء قدرات القوات المسلحة الصومالية.
لاشك أن هذه الاتفاقية التي تم توقيعها مؤخرا، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة القدرة الدفاعية للصومال، وتساهم بشكل كبير في مكافحة الإرهاب في البلاد، وهو ما أكدته تصريحات رسمية لوزير الدفاع الصومالي. وقد جاء هذا الاتفاق تتويجا لمسيرة طيبة من التعاون المثمر الإيجابي بين بلدين عربيين شقيقين تجمعهما علاقة تاريخية بما يحقق المصالح المشتركة لشعبيهما. وهي لا تعد المحطة الوحيدة للتعاون بين البلدين حيث تجمع مسيرتهما المشتركة عبر سنوات طويلة من التعاون، العديد من المحطات المهمة التي تبرز أهم مجالات التعاون وكذلك الدور الحيوي التي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة بالمنطقة وأياديها البيضاء في كثير من المناسبات وكذلك تعاونها مع الصوماليين في أوقات الأزمات.
وفي هذا الإطار توجد العديد من المشروعات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب الصومالي منها مستشفى الشيخ زايد في مقديشو والتي تفقد أعمال صيانته مؤخرا سفير دولة الإمارات بالصومال السفير أحمد جمعة الرميثي، وذلك استعداداً لاعادة تشغيل العيادات الخارجية للمستشفى في القريب العاجل لدعم الجانب الصحي بالصومال. كما تهتم الإمارات بالتعاون مع الصومال في مجالات الإغاثة والدعم الإنساني، حيث تعد من أكبر الدول التي تساند الصومال في كثير من أزماته، انطلاقا من روح الأخوة السائدة بين الطرفين. وتأسيسا على ذلك وزعت الجهات الإغاثية الإماراتية متمثلة بهيئة الهلال الأحمر ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية موادا غذائية للنازحين الصوماليين المتواجدين في المناطق الأكثر تأثرا بالجفاف، شملت مخيمات النازحين في مقديشو وفي منطقتي محاس ومتابان بمحافظة هيران بولاية هير شبيلي، وذلك بالتنسيق والتعاون مع هيئة إدارة الكوارث الصومالية.
وتستمر جهود الإمارات وتتوسع بشكل طيب في هذا المجال لتوفير الاحتياجات الضرورية لمتضرري الجفاف من الشعب الصومالي. ولا تقتصر المساعدات على الطعام والغذاء فقط وإنما اتسعت لتشمل الأدوية والإمدادات الطبية العاجلة. كما أطلقت جمعية دبي الخيرية، حملة إغاثة إنسانية عاجلة للمُتضرّرين من الجفاف في الصومال تحت شعار «أبشري يا الصومال»، لمساعدتهم في تجاوز المحن التي يعانون منها جراء الجفاف.
وفي توقيت سابق من العام الماضي استجابت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية لمنظمة الصحة العالمية في دبي بإرسال ونقل مواد إغاثية تشتد الحاجة إليها في العاصمة الصومالية تضمنت الأدوية ومواد الجراحات الطارئة، والحقن، والإمدادات تعزيزاً لجهود التعافي للمرضى والمصابين الصوماليين في الحوادث والعمليات الإرهابية. إلى جانب ذلك يوجد تعاون إماراتي صومالي في مجالات أخرى منها الطيران المدني، حيث كانت النائبة فردوسة عثمان قد التقت رئيس هيئة دبي للطيران المدني الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم على هامش أعمال الجمعية العمومية 41 لمنظمة الطيران المدني الدولي “الايكاو” في مدينة مونتريال بكندا في سبتمبر الماضي، والذي تعهد مكتوم بمساعدة الصومال على تطوير قطاع الطيران المدني وتحسين جودة الخدمات الجوية.
كما يحسب للإمارات مواقفها الدولية المساندة للصومال ومنها تجديد دعمها لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال والتشديد على أهمية العمل التعاوني بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيغاد” ودولة الصومال لمساعدة الأخيرة على تجاوز أزماته الأمنية وإحراز تقدم نحو تحقيق الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب. كما قامت بحث المجتمع الدولي في بيانها الرسمي أمام مجلس الأمن الدولي على ضرورة العمل على تحسين الأوضاع في الصومال، والتعاون مع القيادة الصومالية حول الأولويات بما يشمل التهديد الإرهابي لحركة الشباب والأزمات الإنسانية والمناخية، والمساهمة في التخفيف عن المجتمعات المعرضة لتداعيات الجفاف في أنحاء الصومال.
وفي هذا الإطار من التعاون المشترك بين البلدين شارك مؤخرا وفد صومالي برئاسة قائد الشرطة الجنرال عبدي حسن محمد “حجار” في المؤتمر الـ 46 لقادة الشرطة والأمن العرب المنعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي لمناقشة عدد من القضايا الملحة من بينها جرائم غسل الأموال، ونتائج أعمال اجتماع اللجنة المعنية بإعادة صياغة مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية.
وقد شهدت الفترة الأخيرة العديد من اللقاءات المشتركة بين مسؤولي البلدين على مستويات رفيعة تأكيدا لاهتمام الإمارات العربية المتحدة بالشأن الصومالي والحرص على استمرار التعاون بما يحقق مصالح البلدين. من أهم هذه اللقاءات تلك التي جمعت بين قيادتي البلدين، إبان تولي الرئيس شيخ محمود مقاليد الحكم في الصومال، إضافة إلى استقبال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات، أبشر عمر جامع، وزير الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية الصومال الفيدرالية وذلك بحضور الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة.
كما شهدت الفترة الأخيرة نشاطا مكثفا للسفير الإماراتي بالصومال أحمد جمعة الرميثي بشكل كبير من خلال مقابلاته العديد مع كبار المسؤولين بالصومال وذلك بعد تسلمه مهام عمله كسفير جديد لبلاده بالعاصمة الصومالية. وكانت أولى لقاءته مع رئيس وزراء الحكومة الاتحادية الصومالية، حمزة عبدي بري في مكتبه، وذلك بعد أن قدم أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية، حسن شيخ محمود في 13 من شهر نوفمبرالماضي.
كما التقى برئيس مجلس الشيوخ بجمهورية الصومال الفيدرالية السيناتور، عبدي حاشي عبد الله، وكذلك برئيس ولاية هيرشبيلي، علي غودلاوي بمقر السفارة في مقديشو. وكان محور هذه اللقاءات رفيعة المستوى مناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين وزيادة الدعم الإماراتي للصومال.
ولاشك أن كل هذه المعطيات على أرض الواقع تعطي مؤشرات قوية على تطور العلاقات الصومالية الإماراتية والتقارب الملحوظ بشكل كبير سيما في الفترة الأخيرة وهو ما يعول عليه شعب الصومال في تحقيق مزيد من التعاون والدعم الذي يسهم في رفع معاناتهم وانتعاش اقتصادهم، كما أنه يعد بادرة طيبة ونموذجا يحتذى به في علاقة الصومال بأشقائه العرب.