مستقبل مشرق ينتظر دول القرن الإفريقي العائمة على كنز الذهب الأسود

صفاء عزب

آخر تحديث: 1/04/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة: صفاء عزب

تعد قارة إفريقيا من أكثر مناطق العالم الغنية بالنفط والتي يعول عليها الدول المتقدمة صناعيا في الحصول على احتياجاتهم النفطية منها بعد أن ظهرت اكتشافات جديدة في كل من شرق وغرب إفريقيا بجانب الشمال والجنوب الإفريقي، وتأكد للمنقبين عن الذهب الأسود أن القارة السمراء عائمة على كمية كبيرة من النفط في الوقت الذى يوشك أن ينفد من مناطق أخرى في العالم.

وقد كشف مهمان لاوان جايا، السكرتير العام للمنظمة الإفريقية لمنتجي البترول“APPA” أن ثلث الاكتشافات النفطية على مستوى العالم تقع داخل قارة إفريقيا وأن 12% من إجمالي الاحتياطي العالمي من البترول تستحوذ عليه القارة السمراء، بما يمنحها فرصة كبيرة لمنافسة كبريات القوى العالمية الرائدة في هذه الصناعة. وبعد أن كانت إفريقيا تضم أربعة دول فقط منتجة للنفط في ستينات القرن الماضي، أصبحت تضم 21 دولة، منها 18 دولة داخل المنظمة الإفريقية للدول المنتجة للبترول، وهم ينتجون ما يقرب من 95% من إجمالي إنتاج إفريقيا من النفط.

لم يكتشف النفط الإفريقي في جميع أنحاء القارة في وقت واحد بل تم التنقيب عنه على مراحل زمنية متفاوتة بدأت في مطلع القرن العشرين، ثم تطورت وانتعشت عملية التنقيب في مرحلة العشرينات من القرن الماضي، وتركزت الإكتشافات آنذاك في منطقة الشمال الإفريقي. إلا أن شركات التنقيب آنذاك كانت تستغل ما تكتشفه من نفط دون علم الدول الإفريقية طمعا في الإستئثار بعوائد النفط وحدها. واستمر هذا الوضع الظالم لأصحاب الثروات الحقيقيين من الشعوب الإفريقية حتى عام 1970 عندما عاد الحق لأصحابه وأصبحت الدول الإفريقية تستفيد من عوائد نفطها.

ولم يقتصر الأمر على التنقيب عن البترول في الشمال الإفريقي، حيث توالت محاولات البحث عن النفط الإفريقي في جميع أنحاء القارة حتى تم اكتشافه في شرق إفريقيا إلى جانب غرب وجنوب القارة، لتصبح أفقر قارة في العالم موعودة بكنوز منحها الله لها لتعويض شعوبها عن أزمنة طويلة من العوز والمعاناة من الفقر والظلم. وإذا كانت منطقة غرب إفريقيا تستأثر بما يقرب من 70% من النفط الإفريقي، فإن منطقة القرن الإفريقي وشرق القارة السمراء تحظى أيضا بوجود النفط على أراضيها بكميات مختلفة لكنها تضمن تحقيق رخاء اقتصادي كبير لشعوبها في حالة الاستغلال الأمثل وتوفير بيئة آمنة وحاضنة للتنمية الإقتصادية.

وتعتبر السودان من أوائل دول شرق إفريقيا التي تم اكتشاف النفط فيها وكان ذلك عام 1979 إلا أن الصراعات السياسية عرقلت مشروعات استخراج الثروة المكنونة في أراضي السودان ودفعت لانسحاب الشركات المنقبة للخروج. ومع عقد التسعينات عادت بعض شركات التنقيب لمنطقة الجنوب ليبدأ السودان مرحلة تصدير النفط عام 1999. وبعد انفصال الجنوب السوداني واستقلاله عن السودان الأم بدأت شركات البترول التنقيب عنه في حوض النيل الأزرق ومنطقة الشمال والشمال الغربي. كما تم إكتشاف النفط في كل من كينيا وتنزانيا وأوغندا.

وتنعم منطقة القرن الإفريقي بكميات كبيرة من النفط المكتشف حديثا في باطن أراضيها. ففي كينيا بدأ التنقيب عن البترول منذ عثرت شركة “تولو” البريطانية المتخصصة في الاستكشافات النفطية على النفط الخام في حوض لوكشار شمالي شرق كينيا في عام 2012، وبعدها توالت الإكتشافات النفطية الهامة. وتقدر الاحتياطيات القابلة للإستخراج بحوالي 750 مليون برميل من النفط الخام وذلك بتكلفة تحقق الجدوى الإقتصادية من عملية استخرج الخام الثمين، ومن المخطط أن تبدأ كينيا إنتاجها الكامل من النفط عام 2021. ويتركز النفط الكيني في بئر “نجاميا 8” بمقاطعة توركانا، وتتوالى الإكتشافات البترولية بما يؤهلها لدخول نادي منتجي النفط بقوة، حيث أعلنت شركة تالو أويل البريطانية عن تحقيق اكتشافين نفطيين جديدين، وقدرت الشركة الاحتياطات بنحو 600 مليون برميل في حوض لوكيشار. وأكدت شركة وود ماكينزي للاستشارات احتمالات احتواء حوضين بريين في كينيا وأوغندا على أكثر من أربعة مليارات برميل بالإضافة إلى الاحتياطات الحالية في كينيا و معها 1.6 مليار برميل تم اكتشافها في أوغندا أيضا. ويعد النفط الكيني من الأنواع الجيدة تجاريا حيث أعلنت شركة “ريستاد إنيرجي” للاستشارات، ومقرها النرويج، أن خام توركانا الكيني يعد من المستويات المرتفعة إذا قورن بكبار منتجي النفط كالمملكة العربية السعودية وفنزويلا ونيجيريا. لذلك تولي الحكومة الكينية والهيئات الإقتصادية الدولية اهتماما كبيرا بمشروعات النفط الكيني وخصصت ميزانيات كبيرة بعشرات الملايين من الدولارات لتنمية هذا القطاع الحيوي بالبلاد.

وتعد إثيوبيا من الدول البكر والواعدة إقتصاديا بعد إكتشاف العديد من الثروات الطبيعية الكامنة في أراضيها ومنها النفط الذي تم اكتشافه حديثا بشكل مفاجئ بعد أن كانت إثيوبيا من أكبر الدول استيرادا للبترول العربي لفترات طويلة. حيث أكدت مسوحات جيولوجية وجود البترول في جنوب البلاد على نهر أومو ومنطقة مساقط شلالات تانا حول البحيرة التي تحمل نفس الإسم. كما نجحت شركات التنقيب في العثور على النفط في منطقة أوجادين المتنازع عليها بين إثيوبيا والصومال. وفي منتصف العام الماضي أعلنت الحكومة الإثيوبية عن أول تجربة لاستخراج النفط الخام من منطقة أوجادين، بواسطة شركة (Poly-GCL) الصينية، في حقول “كالوب وهلالا” بحضور وزير الاتصال الحكومي أحمد شيدي، وحاكم الإقليم عبدي محمد.

ومع التأكيد على وجود اكتشافات نفطية غزيرة في منطقة البحر الأحمر، إنضمت إريتريا إلى الدول المنقبة عن الذهب الأسود في منطقة القرن الإفريقي مع تمتعها بسواحل طويلة على البحر الأحمر. وبعد أن تم حفر 12 بئرا لاستخراج النفط عام 1942 توقف الانتاج لفترة بسبب مخاطر الحوادث لتفجر بئر للغاز الطبيعي عام 1969. ومع قدوم عام 2010 أعلنت إريتريا عن امتلاكها احتياطات ضخمة من النفط والغاز قبالة سواحلها بالبحر الأحمر. وفي عام 2015 بدأت الاستثمارات الدولية الكبرى للنفط الإريتري، حيث أعلن الاتحاد الاوروبي عن منحة قيمتها 200 مليون يورو لإريتريا بغرض تطوير قطاع الطاقة.

وبحكم وجودها على البحر الأحمر وتمتعها بسواحل بحرية طويلة، تعتبر دولة الصومال من المناطق الموعودة بثروة نفطية كبيرة وفقا لعمليات المسح والتنقيب التي تقوم بها شركات عالمية للبحث عن الذهب الأسود في المنطقة. وكانت هناك شركات كبرى تعمل في التنقيب عن النفط الصومالي قبل أحداث 1991 وما تبعها من صراعات سياسية وأزمات أمنية لازالت توابعها مستمرة. وفي الأعوام الأخيرة كشفت “سوما” للنفط والغاز، وهي شركة طاقة مقرها لندن، تبحث عن ودائع النفط والغاز قبالة سواحل الصومال، أنها تأكدت من إمكانية وجود مكامن للنفط والغاز قابلة للاسترداد بالمنطقة. كما عقدت الحكومة المركزية اتفاقية مع حكام الأقاليم لتنظيم عملية تقاسم عوائد النفط بما يؤكد وجود نفط في الصومال. وفي 5 سبتمر 2015 تعاقدت الحكومة الصومالية مع شركة سبيكتروم للقيام باجراء مسح شامل على الساحل الجنوبي لجمهورية الصومال، وذلك بموجب اتفاق بأن تقوم شركة سبيكتروم بعملية اكتشاف عن مخزون الغاز الطبيعي والنفط في مساحة تبلغ 28 كلم من الساحل الصومالي.
ومع ذلك تثور مخاوف عديدة من الخبراء والباحثين مغبة استيلاء الجماعات الإرهابية المسلحة على هذه الثروة النفطية الكامنة للدرجة التي يطالب فيها البعض بتأجيل استخراج البترول الصومالي لحين جاهزية الأجهزة الأمنية في الدولة لحماية هذه الثروة القومية ولحين عودة الاستقرار السياسي للبلاد بصورة كاملة. كما يخشى البعض من عدم وجود خبرة اقتصادية في التعامل مع هذه الثروة وتسويقها عالميا ويطالبون أصحاب صلاحيات عقد الإتفاقيات بالتأني في توقيع صفقات البيع والاستغلال بما يضمن تحقيق الاستفادة الكاملة للبلاد من ثرواتها النفطية.

ولاشك أن النفط الإفريقي أصبح محل اهتمام عالمي خاصة في ظل ما يتمتع به من مزايا اقتصادية كبيرة منها وجود 40 نوعا من النفط الخام بالقارة السمراء وتميزها جميعا بجودة عالية، وهو ما يؤهل قارة إفريقيا لتبوأ مكانة اقتصادية واستراتيجية إضافية مهمة إلى جانب مكانتها الحالية في ظل تكالب جهات عالمية على ثرواتها ومنها الذهب الأسود. إلا أن تحقيق الاستفادة الكاملة لشعوب القارة السمراء يقتضي حسن الاستغلال والعدالة في توزيع عوائد النفط وإنفاقها بما يسهم في تحسين مستويات المعيشة لشعوب كادحة عاشت قرونا طويلة تعاني الفقر والتجاهل لمشكلاتها المزمنة.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال