مستقبل التعاون الصيني الإفريقي في ظل تهديدات "كورونا"

صفاء عزب

آخر تحديث: 21/02/2020

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- بعد الإعلان عن ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا في مصر لأجنبي قادم إليها واكتشاف حالته في المطار قبيل دخوله البلاد، دخلت قارة إفريقيا رسميا حيز الإصابة العالمي خاصة في ظل وجود حالات اشتباه في دول إفريقية أخرى، وهو الأمر الذي يستلزم مزيدا من الحذر والحيطة في تعاملات الأفارقة مع المناطق الأكثر خطورة في العالم تجنبا لمزيد من الإصابات التي لا قبل للأفارقة بمواجهتها في ظل انتشار أمراض أخرى خطيرة بالقارة ومع النقص الشديد للأدوية والمعامل الطبية والانخفاض الكبير في مستويات الرعاية الصحية. ولما كانت الصين هي الموطن الأول لظهور الفيروس وانتشاره بشكل وبائي خلال الأسابيع الماضية، زادت حدة الخوف من أي تواصل أو تعامل يحدث مع الصينيين وهو ما يطرح السؤال حول مخاطر التعاملات الإقتصادية مع الصين وما يرتبط بها من مشروعات حيوية يقوم بها الصينيون في بلدان القارة الإفريقية ومن ثم يثور التساؤل عن مستقبل التعاون الصيني الإفريقي وأثره على المشروعات الإستثمارية المهمة في القارة الإفريقية خاصة وأن الصين تعد الشريك التجاري الأول لقارة إفريقيا.

لقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماما صينيا كبيرا بالإستثمار والتعاون في مختلف المجالات مع قارة إفريقيا حيث لم يقتصر التعاون الصيني الإفريقي المشترك على الجوانب الإقتصادية بل يمتد ويتسع ليشمل كافة نواحي الحياة من صحة وتعليم وثقافة وخدمات اجتماعية، وعسكرية، بما يعكس الإهتمام الصيني الكبير بالقارة السمراء وما تمثله لها من مكسب سياسي واستراتيجي كبير بالتواجد فيها عبر هذا التعاون.

منذ بادرت الصين بتأسيس منتدى التعاون الصيني- الإفريقي في عام 2000، بمبادرة من الصين، اتخذت العلاقات الصينية- الإفريقية بعدا جديدا تمثل في التعاون الجماعي الإفريقي مع الصين، وبعد قمة بكين 2006 لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي تم إنشاء صندوق التنمية الصيني الإفريقي عام 2007 لزيادة الإستثمار الصيني في إفريقيا وبالفعل نجح الصندوق في الإستثمار في أكثر من 90 مشروعا في 36 دولة إفريقية بما تزيد قيمته عن 4.6 مليار دولار وذلك حتى نهاية عام 2018 . كما أسفرت فعاليات أول معرض اقتصادي وتجاري صيني إفريقي منتصف عام 2019 عن التوصل لتوقيع 84 اتفاق تجاري بين الشركات الصينية والإفريقية بقيمة إجمالية بلغت 20.8 مليار دولار في مجالات التجارة والزراعة والسياحة ومجالات أخرى مثل البناء والتشييد. وقد انعكس ذلك على توطيد العلاقات التجارية بين الجانبين لتصل إلى مستوى كبيرة من الإرتباط والتوطد. فقد كشف تقرير للمكتب الإعلامي بسفارة مصر في بكين عام 2018 أن حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا ارتفع من 6ر10 مليار دولار عام 2000 إلى 1ر200 مليار دولار عام 2014 ما جعل الصين الشريك التجاري الأول للقارة الإفريقية، كما ارتفعت الاستثمارات الصينية فى إفريقيا إلى 30 مليار دولار عام 2014 وسط مخططات صينية مستقبلية بزيادة حجم استثماراتها في القارة السمراء إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020، وهو ما نجحت الصين في تحقيقه مؤخرا. لكن هذه الإنجازات أصبحت مهددة بالتوقف أو التراجع بسبب حالة الخوف والذعر الكبير الذي يجتاح العالم من كل ماله علاقة بالصين خوفا من تسببه في نقل العدوى بفيروس كورونا القاتل. حيث تعطلت حركة التصدير والإستيراد من وإلى الصين كما تأثرت المشروعات الإستثمارية التي تدعمها الصين خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على العمالة والمنتجات الصينية. ولذلك أصبح التعاون الصيني الإفريقي على المحك، كما تمر العلاقات الإفريقية الصينية باختبار صعب نظرا لصعوبة الإستغناء الأفريقي عن المساعدات والمشروعات الصينية من جهة، وحرص الصين على استمرار أعمالها ومشروعاتها في تلك المناطق تعويضا لخسائرها الداخلية وتجنبا لمزيد من الخسائر المادية والإقتصادية التي سببها فيروس كورونا.

لقد أكد خبراء أمريكيون في مجموعة بيركلي للأبحاث أن تأثر محرك الصين الإقتصادي واتجاهه للإنخفاض بسبب فيروس كورونا من شأنه أن يكون له تأثير عميق على اقتصاديات دول إفريقية ممن يعتمدون في اقتصادهم على الصين كمشتر رئيسي لمنتجاتهم الطبيعية وخاصة النفط. كما أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن تباطؤ الإقتصاد الصيني نتيجة لأزمة كورونا قد وجه ضربة إلى التجارة بين إفريقيا والصين. وتوقعت الصحيفة أن تتأثر كل من نيجيريا وجنوب السودان وأنجولا بهذه الأوضاع التي تعتمد على صادراتها من النفط للصين بشكل أساسي.

وتعمل الصين جاهدة على تلافي هذه الأضرار بمحاولة تنشيط علاقاتها وتجميل صورتها أمام العالم خاصة بعد إعلانها انخفاض الإصابات وتسجيل أدنى عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا منذ ظهور المرض بعدد من مدنها منذ شهر يناير الماضي. كما حاول الرئيس الصيني أن يبث رسالة طمأنة للعالم خلال كلمات التهنئة التي أرسلها إلى القمة الثالثة والثلاثين للإتحاد الإفريقي التي عقدت أوائل فبراير الجاري في أديس أبابا، عندما أكد أن العلاقات الصينية الإفريقية تمر بأفضل مرحلة لها في التاريخ، وأن الصين ستواصل جهودها في تطبيق نتائج قمة بكين بصورة شاملة، للإسراع في بناء “الحزام والطريق” بجهود مشتركة من الجانبين، والمساهمة بشكل أكبر لتحقيق نهضة إفريقية وفوائد مشتركة للشعبين الصيني والإفريقي.

يذكر أن الصين اضطرت مؤخرا إلى خفض السعر القياسي الخاص بها للإقراض عشر نقاط وذلك من   4.15% إلى 4.05% كما تقرر خفض فائدة أجل خمس سنوات بمقدار خمس نقاط وذلك من  4.80%. إلى  4.75%. ولا شك أن محاولات مستميتة من الصين للحفاظ على وجودها في القارة الإفريقية ترتبط ارتباطا وثيقا بحالة الوضع الصحي لديها ومؤشر الخطورة الخاص بانتشار فيروس كورونا. وإلى جانب الأرقام والتصريحات الصينية الخاصة بانخفاض مؤشرات تسجيلات الإصابة في الفترة الأخيرة، فإن علماء يلمحون بأن فترة انتشار الفيروس لن تطول بطبيعة الحال وسوف تشهد انكماشا متوقعا خلال الفترة المقبلة مع الارتفاع المحتمل لدرجات الحرارة وانقشاع موجات البرودة الشتوية.بصرف النظر عن الأوضاع الإقتصادية في الصين وارتباطها بفيروس كورونا وتطوراتها، تبقى المسألة الحيوية بالنسبة لبلدان القارة الإفريقية في ضرورة تنويع الشركاء التجاريين وعدم الإعتماد على شريك تجاري واحد طوال الوقت ضمانا للمرونة وسرعة التكيف مع الأوضاع الطارئة كما في حالة انتشار الوباء الصيني.  كما يجب على الإقتصاديات الإفريقية أن تبذل مزيدا من الجهد لتنويع مصادر الدخل وعدم الإعتماد على تصدير المواد الخام فقط حتى لا تتعرض لهزات اقتصادية مؤثرة إذا ما انقطعت بها سبل التصدير لأحد الشركاء الكبار.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال