مآلات الصراع بين بونتلاند وصوماليلاند حول إقليم سول
الصومال الجديد
آخر تحديث: 23/05/2018
تشهد الخطوط الأمامية في بلدة تكارق في محافظة سول حالة من التوتر الأمني يصاحبها استقطاب واستعداد للأطراف فيما مايبدو لخوض جولة جديدة من المعارك،كما شهدت المنطقة منتصف مايو الجاري معارك شرسة على تخوم البلدة الخاضعة لسيطرة قوات إدارة صوماليلاند منذ بداية كانون الثاني/ يناير من هذا العام. ويستعرض هذا التحليل مآلات الصراح من حيث خيار الحرب وفرص السلام.
هدوء نسبي على جبهة القتال يصاحبه استعداد:
وبالرغم من توقف تلك المعارك الا أن استمرار الحملات العدائية بين الطرفين وتجيش وحشد القوات واستقواء الدعم العشائري بل والتهديدات المتبادلة التي وصلت إلى درجة التهديد بالتهجير؛ بحيث هدد النائب أحمد محمد ديريه عضو مجلس النواب في صوماليلاند ولاية بونتلاند بأنها ستدفع ثمنا باهظا وسيهاجر السكان من غروى إذا لم توقف إشعال الحرب في منطقة توكارق على حد تعبيره.
يضاف إلى ذلك استمرار الطرفين في دفع أرتال من السيارات المصفحة واعداد من المقاتلين إلى المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي يعتبر بأنه مؤشر خطير على امكانية تجدد القتال بين الطرفين.
لماذا خيار الحرب؟:
يبدوا أن الأطراف عازمة على المضي قدما في خوض حرب قد تستغرق وقتا أطول بهدف تحقيق مكاسب عسكرية في ميدان المعركة. وتبدو إدراة بونتلاند أكثر تحمسا لخيار الحرب لسببين يراهما المرقبون بأنهما سياسية، الأولى مسألة الانتخابات الرئاسية، حيث يريد رئيس الولاية الحالي عبد الولي محمد علي غاس استعادة بلدة توكارق على الأقل قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في الولاية، والثانية إشغال الولاية بالحرب في محاولة لتمديد الفترة الرئاسية، بحجة أن الولاية في حالة حرب، ولا يصح إجراء الانتخابات بسبب الظروف الاستثنائية، إن صح التعبير. وفي تحقق كلا المسألتين فإن رصيده الشعبي سيرتفع، كما يعتقد بعض المحللين، ويمكن أن يصبح بناء على المسألة الأولى من أوفر المرشحين حظا لرئاسة الولاية في الانتخابات القادمة؛ إذا قرر الترشح للخوض في الانتخابات، وفي مسألة إشعال الولاية الحرب لتمديد الفترة الرئاسية يمكن أن تحظى المسألة بالقبول من الشعب، نظرا إلى الصراع العسكري مع الخصم اللدود، وانه لايمكن إجراء انتخابات رئاسية في الولاية في حالة استمرار الوضع على هذا النحو.
أما صوماليلاند فإن استمرار الحرب يوحد الشعب حسب رأي الرئيس الحالي موسى بيحي الرجل العسكري المتمرس الذي دخل إلى عالم السياسة من بوابة العسكر والنضال ليتمكن من إرسال رسائل الإطمئنان إلى الشعب، مفادها بأنهم أنتخبوا الرجل المناسب في الوقت المناسب.
والجدير بالذكر ان الاعتقاد السائد لدى كثير من القطاعات المختلفة في صوماليلاند هو أن الرئيس الوحيد الذي يستطيع استكمال السيطرة على أراضي المحمية البريطانية السابقة في الصومال هو من تتوفر فيه صفات معينة، أبرزها الخلفية العسكرية. ثم إن هناك محاولة من صوماليلاند لبسط سيطرتها على كامل الأراضي الواقعة ضمن حدود المستعمرة البريطانية، ومن هنا يتصور بعض المتحمسين لقضية الانفصال أن في الحرب فرصة سانحة لتحقيق ذلك طموح سيطرة حكومة أرض الصومال على كامل الأراضي المحمية البريطانية السابقة، وهو الحلم الذي لطالما ساور العديد من الرؤساء السابقين وخاصة بعد إبرام أرض الصومال اتفاقية مع رئيس خاتمو علي خليف غلير.
فرص السلام:
لاحل يلوح في الأوفق فيما يخص بفرص السلام وخاصة أن كلا الطرفين يحاول فرض رؤيته واستراتيجيته تجاه الصراع الراهن عن طريق القوة العسكرية دون الالتفات إلى الأصوات المنادية بضرورة الحل السلمي للأزمة على ندرتها. ومن المفارقات العجيبة أن شيوخ ونظائر العشائر لم يقوموا بالوساطة اللازمة بين الطرفين، بل لجأوا إلى صمت مريب يوحي بأنهم متورطون في الصراع الجاري بصورة أو باخرى.من هنا تتجلى مظاهر ضئالة فرص السلام في هذه الأجواء الضاغطة المشحونة بالتوتر والتشاؤم والأحباط.
ومما لاشك فيه ان الوضع في الجبهات القتالية خطير للغاية وانه مرشح للتفاقم، ومن غير المستبعد أن تتجدد المعرك بين الطرفين في أي لحظة من اللحظات. كما ان مايجرى في توكارق يشكل خطرا على أمن المنطقة برمتها. وان السلم المجتمعي لسكان المنطقة على صفيح ساخن.