"كورونا" يفرض حالة الطوارئ على إفريقيا "الخالية" من الفيروس
صفاء عزب
آخر تحديث: 13/02/2020
القاهرة- بعد أن أثار الإنتشار الوبائي لفيروس كورونا القاتل حالة من الرعب في مختلف أنحاء العالم على خلفية ما سببه من خسائر كبيرة في الأرواح وبعدما سجله من حالات إصابة مرعبة في الصين والمناطق الأخرى من العالم، ازدادت المخاوف على مصائر شعوب القارة الإفريقية نظرا لضعف الإمكانيات الطبية ونقص الرعاية الصحية والتي جعلتهم في مرمى الأمراض الخطيرة والأوبئة القاتلة منذ زمن بعيد، مما يثير المخاوف على أولئك الشعوب من وصول “كورونا” إليهم، خاصة في ظل تحذير مسؤولي منظمة الصحة العالمية من أن الدول الأكثر فقرا تكون غير مستعدة لمحاربة الوباء القاتل، وهو ما ينطبق للأسف وبشكل كبير على دول القارة السمراء. رغم هذه المخاوف إلا أنه حتى الآن وبعد أسابيع طويلة من انتشار المرض واستفحاله في بعض مناطق القارة الأسيوية وغيرها من دول العالم، لم تتأكد أية حالات إصابة بالقارة الإفريقية. لقد أكدت أميرة الفضيل مفوضية الشؤون الإجتماعية بالإتحاد الإفريقي على هامش قمة الإتحاد الإفريقي المنعقدة مؤخرا في أديس أبابا، عدم وجود حالات إصابة بفيروس كورونا في أي دولة إفريقية حتى اللحظة، وأن كل الحالات التي أعلن عنها هي مجرد حالات إشتباه.
وكانت الصين قد أعلنت مؤخرا عن انتشار وباء فيروسي جديد أطلق عليه”كورونا” أودى بحياة ما يزيد عن ألف ومائة شخص خلال أيام قليلة بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الإصابات التي يتم اكتشافها داخل الصين وحدها وقد سجلت أحدث مؤشرات الإصابة 44200 حالة وفقا للبيانات الرسمية الصينية وهو عدد قابل للزيادة مع انتشار العدوى واكتشاف حالات جديدة يوميا، إضافة إلى حدوث زيادة متسارعة في أعداد الوفيات الأمر الذي تسبب في أزمة داخلية بسبب تبادل الإتهامات بين المسؤولين سيما بعد وفاة أول طبيب حذر من هذا الفيروس وما أحدثه ذلك من سخط شعبي على طريقة تعامل السلطات والشرطة الصينية معه. ويعتقد العلماء أن بداية ظهور فيروس كورونا كانت في نهاية العام الماضي وتحديدا في أواخر ديسمبر في أحد أسواق بيع الحيوانات البرية في مدينة ووهان ما أدى لانتشار العدوى بسبب الزحام الشديد وكثافة حركة الانتقالات في المنطقة مع عطلات السنة القمرية بالصين في تلك الفترة، ومع عدم التعامل السريع مع الفيروس، انتشر بصورة وبائية حتى اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية في العالم وفرض القيود على السفر من الصين وكذلك على انتقال السلع ورحلات الطيران من الصين لباقي أنحاء العالم خوفا من انتشار العدوى.
وعلى الرغم من إعلان الصحة العالمية خلو القارة الإفريقية من كورونا حتى لحظة كتابة هذه السطور إلا أن معدلات الإنتشار السريع للفيروس من الصين لخارجها يزيد مخاوف الإنتقال إلى الشعوب الإفريقية الفقيرة والمريضة حيث أنه لاينقصها المزيد من الأوبئة لتعميق أزماتها الصحية، خاصة وأن الفيروس استطاع اختراق الحدود الدولية مع انتقال السلع والأفراد ونجح في الظهور في مناطق جديدة غير الصين ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا وإيران وألمانيا. وهو ما أكدته تصريحات رسمية عن تأكد ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا في أكثر من عشر دول بخلاف الصين ومنها اليابان والولايات المتحدة وهي لأشخاص قادمين من منطقة “ووهان” الصينية.
إن ما يزيد المخاوف على شعوب القارة الإفريقية هو التواجد القوي للصين في مختلف أنحاء القارة الإفريقية من خلال المشروعات الإستثمارية والمساعدات الإقتصادية وعمليات التبادل التجاري وانتشار الصينيين أنفسهم في بلدان إفريقية عديدة، وذلك في ظل ضعف إجراءات الحظر والحماية وقلة الوعي الصحي بين كثير من شعوب القارة الإفريقية وتردي أوضاعهم الصحية ابتداءً، إضافة إلى عمليات الإنتقال البشري بشكل غير قانوني عبر الأبواب الخلفية في القارة الإفريقية مما يفقد السيطرة الموجودة في النوافذ الرسمية جزءً من فاعليتها ويتسبب في شبهة تسرب مرضى أو حاملين للفيروس ونقل العدوى به لآخرين. وهو ما حدث بالفعل عندما أعلن الإشتباه بإصابات محتملة في كل من إثيوبيا وكينيا وأنجولا وبوتسوانا وساحل العاج، وتبدو المشكلة في الفترة الزمنية التي يستغرقها عمليات إرسال وتحليل العينات في مناطق بعيدة.
لذلك تسعى كثير من الدول الإفريقية على مراعاة الحذر واتخاذ الإجراءات الإحترازية مثل السنغال التي قامت بتركيب كاميرات مراقبة حرارية قبل منطقة الجوازات، وكذلك فعلت جنوب إفريقيا،كما قامت السلطات النيجيرية بإغلاق متجر صيني للإشتباه في منتجاته. كما فرضت نيجيريا على كل فرد يصل من الصين أن يعزل نفسه لأسبوعين على الأقل حتى ولو لم يكن مريضا. وفي موزمبيق علقت الحكومة منح التأشيرات للمواطنين الصينيين ومنعت مواطنيها من التوجه إلى الصين.
لاشك أن الوضع يتطلب رفع حالة الإستعداد للدرجة القصوى في البلدان الإفريقية والتعامل بكل جدية مع أي حالة اشتباه والتأكد من علاجها أو وضعها في الحجر الصحي المطلوب دون التهاون. إن الوضع في إفريقيا أكثر خطورة وصعوبة نظرا لضعف الإمكانيات المالية والطبية وعدم وجود معامل كافية لاكتشاف الفيروس سوى معمل واحد فقط في جنوب إفريقيا ما يفرض على الإتحاد الإفريقي أن يتخذ إجراءات صارمة وعاجلة في هذا الصدد باتجاه حماية الشعوب وذلك بالتعاون مع المنظمات الأممية والدول المتقدمة طبيا والغنية ماليا لتوفير المستلزمات الطبية للتعامل مع هذا الأمر.