قضايا حيوية وشائكة على مائدة رئيس البرلمان الإفريقي الجديد
صفاء عزب
آخر تحديث: 3/12/2019
القاهرة- يعد البرلمان الإفريقي من أهم الكيانات الإفريقية السياسية المنبثقة عن الإتحاد الإفريقي والذي يمثل الكتل البرلمانية في مختلف أنحاء القارة السمراء ويعبر عن مواقف شعوبها في القضايا المختلفة كما يعكس وجهات نظرها فيها. وقد تم مؤخرا اختيار رئيس البرلمان الجيبوتي محمد علي حامد رئيسا للبرلمان الإفريقي خلفا للحسن بالا ساكندي رئيس برلمان بوركينا فاسو. وهو يتمتع بخبرات عديدة تجمع بين المهارات القتالية في الميادين والأعمال المدنية المحلية، كما عمل لفترة بمكتب وزير الداخلية الجيبوتي قبل أن يخوض غمار العمل النيابي بعضويته بمجلس النواب الجيبوتي وصولا لمنصب رئيس المجلس الذي تولاه عام 2015. كما مارس رئيس البرلمان الإفريقي الجديد مجموعة من النشاطات التنظيمية الداخلية والإقليمية منها العمل كمنسق لبرنامج التنمية ببلاده، وإعداد وتنظيم الإنتخابات التشريعية والرئاسة بجانب المشاركة في فعاليات عربية إفريقية مشتركة مثل مؤتمرات الحوار البرلماني العربي الإفريقي الأوروبي، ومؤتمرات الإتحاد البرلماني العربي، ومؤتمرات الحوار البرلماني للإيجاد. وحصل “حامد” على د ورات تدريبية حول العالم منها دورة برنامج الإدارة في الكوارث الطبيعية ( في إثيوبيا )، وبرنامج إدارة التنمية البشرية ( جيبوتي )، وبرنامج إدارة للمؤسسات ( في فرنسا)، وبرنامج إدارة الأعمال غير مركزية ( في فرنسا)، وبرنامج إدارة (leadership program) (في الولاية المتحدة ).
في أولى تصريحاته بعد فوزه بالمنصب الإفريقي الكبير، أكد محمد علي حامد على أهمية تحقيق التكامل الإقتصادي بين الدول الإفريقية لكفالة استقلاليتها ومصالح شعوبها مشيرا إلى ضرورة التخلص من الحروب والإعتماد على الذات للتغلب على المشاكل المزمنة للقارة. ولا شك أنها تصريحات تعكس آفاق واسعة ومفتوحة على الآمال العريضة التي تحلم بها الشعوب الإفريقية. وهي أحلام تتجدد مع تجدد القيادات الإفريقية، ومع فوز الجيبوتي محمد علي حامد بمنصب رئيس البرلمان الإفريقي يثور التساؤل عن المهام التي تنتظره والقضايا الحيوية الإفريقية المعلقة والتي تتطلب دعما من البرلمان الإفريقي على يد رئيسها الجديد، لدفعها قدما للأمام بما يحقق مصالح الشعوب الإفريقية التي يمثلها هذا البرلمان.
جدير بالذكر أنه تم تأسيس البرلمان الإفريقي أو برلمان عموم إفريقيا بموجب نص القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي كأحد الأجهزة المنبثقة عن الإتحاد والذي أنشئ بهدف ضمان مشاركة كاملة للشعوب الإفريقية في تنمية وتكامل القارة بجانب مارسة الدور الرقابي والإستشاري لمختلف القضايا الخاصة بالقارة السمراء. وقد تم نقل مقر البرلمان الإفريقي من أديس أبابا بإثيوبيا إلى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا. ويمثل البرلمان الإفريقي المناطق الجغرافية الخمس في القارة السمراء، ويضم 11 لجنة هي: التجارة والجمارك والهجرة، والتعليم والثقافة والسياحة، والشؤون المالية، والعلاقات الدولية وحل المنازعات، والاقتصاد والزراعة، والعدل وحقوق الإنسان، الصحة والشؤون الاجتماعية، والنقل والاتصالات والتكنولوجيا. وهي لجان تعمل لتحقيق المهام التي قام من أجلها البرلمان والتي تدور في إطار تعزيز التضامن بين دول القارة، ودعم الأمن والاستقرار والسلام فى الدول الإفريقية، وتسهيل تنفيذ أهداف منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقى، وتسهيل التعاون والتنمية فى أفريقيا، ودعم حقوق الإنسان والديمقراطية فى قارة إفريقيا.
في ظل هذه الأهداف التي قام البرلمان الإفريقي من أجلها ومع تواتر الأحداث والفعاليات في القارة السمراء، فإن الرئيس الجديد للبرلمان الإفريقي تنتظره العديد من القضايا الملحة والمزمنة على طاولة النقاش لبحث الحلول المناسبة لها والتي تحقق مصالح الشعوب الإفريقية. ويحفل جدول أعمال البرلمان الإفريقي بالقضايا العالقة منها قضية المياه والتي كانت محورا لنقاش لجنة التعاون والعلاقات الدولية وفض المنازعات بالبرلمان الإفريقي في اجتماعها السابق في شهر أغسطس الماضي، ولا شك أنها ستكون من القضايا الساخنة المثارة على الساحة سيما في ظل وجود مشاكل عالقة مرتبطة بأزمة المياه في القارة. وفي هذا السياق أكد السفير ياسر سرور نائب مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون المياه على أهمية تعزيز التعاون البرلماني وتبادل الخبرات بين الدول الأفريقية، لا سيما دول حوض النيل، إلى جانب إجراء بعض التعديلات فيما يخص التشريعات التي تحقق الإدارة المستدامة على الصعيد المحلي وزيادة الوعي بشأن أهمية المياه والحد من ندرتها. وفي نفس السياق أضافت تيكلا تسيما، عضو البرلمان الأفريقي عن دولة إثيوبيا قضية حسن إدارة الموارد البشرية، إلى جانب الموارد المائية. ودعا النائب المغربي نور الدين قربال، لجنة التعاون والعلاقات الدولية وفض المنازعات بالبرلمان الإفريقي، إلى العمل على تجميع كل التشريعات الخاصة بالمياه في القارة الإفريقية، وتوحيدها في تشريع واحد تمهيدا لعرضه على البرلمان الإفريقي.
كما تعد قضية السلم والأمن الدوليين والحفاظ عليهما من القضايا الحيوية على مكتب الرئيس الجديد للبرلمان الإفريقي وذلك استمرارا للجهود السابقة التي شهدتها الجلسة العمومية للبرلمان في أكتوبر الماضي والتي صدر عنها تقرير عن الجهود التي يبذلها الإتحاد الإفريقي وكذا المجموعات الاقتصادية الإقليمية مع الدول الأعضاء لإيجاد حلول للأزمات والنزاعات التي تعصف ببعض البلدان الإفريقية مثل الصومال وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي. وقد أثار إدمور كامبودزي مدير إدارة السلم والأمن بمفوضية الاتحاد الافريقى إشكالية خطيرة، طالب بدور للبرلمان الإفريقي في حلها وتتعلق بعدم توافر الإرادة السياسية من جانب العديد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية في مواجهة الدول المتورطة في تهريب السلاح بالقارة السمراء مما يترتب عليها ارتكاب الأعمال الإرهابية، وذلك بحسب تصريحات منسوبة له، طالب فيها بدور واسع للبرلمان الإفريقي للحشد والتعبئة تجاه هذه الدول المتورطة في تهريب السلاح، وذلك باعتبار البرلمان الإفريقي صوتا للشعوب الإفريقية.
كما تعد قضية استخدام التكنولوجيا ومسايرة التطور العالمي في ثورة الإنترنت والإستفادة منها في تطوير أداء البرلمان الإفريقي كآلية عمل مهمة، من القضايا الحيوية التي تحتاج لمزيد من التفعيل على يد رئيس البرلمان الإفريقي الجديد، وقد شهد شهر أكتوبر الماضي انعقاد ندوة خاصة لمناقشة مستقبل البرلمان في ظل العصر التكنولوجي، ما يؤكد أهمية قضية التكنولوجيا باعتبارها وسيلة لتحسين مستوى الرفاهية والإزدهار الإقتصادي. ويرتبط بذلك قضية أخرى تتعلق بالحريات الإقتصادية في القارة الإفريقية، كانت محورا لاجتماع هام بالبرلمان الإفريقي خلال شهر نوفمبر المنصرم، بما يؤكد كونها من القضايا التي تستوجب اهتماما من قبل رئيس البرلمان الإفريقي.
لاشك أننا أمام قضايا عديدة مهمة ومتشابكة تتصدر اهتمامات البرلمان الإفريقي ورئيسه الجديد، إلا أن ذلك لا يعني قدرته وحده على إيجاد حل سحري لتلك القضايا المزمنة والعالق بعضها على مدى سنوات طويلة، فالأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الجماعية من كل أبناء القارة والعمل على تحقيق الصالح العام والإرتقاء بحياة الشعوب.